استخدام الذّكاء الاصطناعيّ في فيلم جديد لإعادة توم هانكس وروبن رايت إلى ما كانا يبدوان عليه في التّسعينيّات
الرّجوع إلى المستقبل
يود صانع أفلام هوليوود المحبوب روبرت زيميكيس أن يعيدنا إلى الأيّام الخوالي عندما كانت أفلامه لا تبوء بالفشل الذّريع وتدرّ مئات الملايين من الدّولارات في شبّاك التّذاكر. لذلك يجمع المخرج في فيلمه الجديد (هنا-Here) الذي تمتدّ أحداثه عبر عصور مختلفة بين نجمي فيلمه (فوريست غامب-Forrest Gump) توم هانكس وروبن رايت كما لو كنّا ما زلنا نعيش في التّسعينيّات، حيث يبدو الممثّلان أصغر سنًّا من أيّ وقت مضى.
أو، إلى حدّ ما كما اتّضح لاحقًا، حيث علمنا أنّ هذا الفيلم الذي يبدو جيّدًا ينطوي على جانب مثير للجدل: فلجعل نجميه يبدوان شابّين مرّة أخرى، استعان زيميكيس بتقنيّة إزالة الشّيخوخة بالاعتماد على الذّكاء الاصطناعيّ -وكانت النّتائج، إذا ما أردنا أن نتّصف بالكرم في وصفنا لها، متضاربة. في وقتٍ أصبح فيه استخدام الذّكاء الاصطناعيّ في مجال التّرفيه مثار جدل كبير.
بإمكانكم أن تشاهدوا بأنفسكم كيف تمّ تنفيذ ذلك في المقطع التّرويجيّ الذي تمّ إصداره مؤخّرًا. في بعض اللّحظات، تبدو عمليّة إزالة الشّيخوخة بالذّكاء الاصطناعيّ مقنعةً بما فيه الكفاية. ولكن في لحظات أخرى، تبدو غير مألوفة بالقدر ذاته الذي توقّعه المشاهدون مسبقًا من هذه التّقنيّة -يبدو الأمر وكأنّ أحدهم قام بوضع هانكس ورايت ضمن إعدادات تطبيق تغيير الوجوه (FaceApp) وانتهى الأمر.
عبر العصور
يمثّل فيلم (Here) خطوةً كبيرة من زيميكيس (كان لديه الكثير من تلك الأفلام في هذا القرن، ومعظمها، يؤلمنا القول، كانت أفلامًا فاشلة). تجري أحداث الفيلم المقتبس من رواية مصوّرة تحمل ذات الاسم، في نفس الموقع بالكامل -وبنفس الرّؤية تمامًا -ابتداءً بالرّجوع إلى زمن الدّيناصورات وصولًا إلى غرفة معيشة الزّوجين اللّذين يجسدهما هانكس ورايت. قد يكون هذا الفيلم بمثابة الجواب المناسب، ربّما، لفيلم (شجرة الحياة-Tree of Life) لتيرانس ماليك.
صرّح زيميكيس لمجلّة فانيتي فير-Vanity Fair في حوار أُجري معه مؤخّرًا: “المنظور الفرديّ لا يتغيّر أبدًا، لكن كلّ ما حوله يتغيّر. في الواقع لم يسبق أن حصل ذلك من قبل”.
تدخل شخصيّتا هانكس ورايت الفيلم لأوّل مرّة كزوجين شابّين. استخدم الإنتاج أداة توليديّة قائمة على الذّكاء الاصطناعيّ تسمّى (ميتافيزيك لايف-Metaphysic Live)، تقوم بشكلٍ أساسيّ (بإجراء عمليّة تبديل للوجوه بشكل فوريّ وحقيقيّ)، على الممثّلين بهدف زيادة أو تقليل عمرهم، بحسب وصف الشّركة.
ووفقاً لموقع إندي واير-IndieWire، تمّ تغيير عمر رايت، على سبيل المثال، باستخدام لقطات لها عندما كانت في التّاسعة عشر من عمرها.
تجربة مشكوك في أمرها
لطالما كان زيميكيس من بين أولئك الذين يستغلّون إمكانيّات التّكنولوجيا. ويشهد على ذلك فيلمه الكلاسيكيّ في الثّمانينيّات (من ورط الأرنب روجر-Who Framed Roger Rabbit) الذي جمع بين الرّسوم الكرتونيّة اليدويّة والرّسوم الكاريكاتوريّة الحيّة. وفي مطلع القرن، واصل المضيّ قدمًا في استخدام تقنيّة الصّور المنشأة بالحاسوب-CGI، ولكن كان نجاحه في ذلك موضع شكّ، حيث اعتبره الكثيرون انحدارًا للمخرج. لذا حين تمّ الإعلان عن فيلم (Here) وعن استخدامه للذّكاء الاصطناعيّ في إزالة الشّيخوخة مطلع عام 2023، قلّة من النّاس اندهشوا.
كانت أعمال CGI الفاشلة، مثل (بيوولف-Beowulf) و (بينوكيو-Pinnochio)، أكثر إرهاقًا وأقلّ شعبية -ربّما كان ذلك تمهيدًا لخوض زيميكيس تجربة الذّكاء الاصطناعيّ في فيلمه (Here). لطالما كانت عمليّات نزع الشّيخوخة، سواء أكانت مدعومة بالذّكاء الاصطناعيّ أم لا، مثيرةً للانقسام، حيث أثارت موجة من الانتقادات في أفلام متنوّعة بدءًا من فيلم (انديانا جونز-Indiana Jones) الأخير وصولًا إلى الأفلام الجادّة مثل (الأيرلندي-The Irishman).
الأمر ليس مقتصرًا على كونه يبدو سيّئًا فحسب. إذ يعارض العديد من المبدعين الذّكاء الاصطناعيّ من حيث المبدأ، خاصّة في صناعة السّينما، حيث حارب كتّاب السّيناريو في هوليوود بضراوة من أجل توفير سبل حماية بارزة ضدّ هذه التّكنولوجيا. لذا بغض النّظر عمّا إذا كان فيلم زيميكيس الأخير جيّدًا أو سيّئًا، فسيظلّ بلا شكّ موضع جدل.
- ترجمة: الأيهم عبد الحميد
- المصادر: 1