قد يكون للخنفساء الفرعونيّة للملك توت عنخ آمون ارتباط كونيّ

أعجوبةٌ تستحّق التّأمّل، من المحتمل أن يكون صائغو المجوهرات قد صنعوا الجعران من الحطام الفضائيّ.

تعرّف على أهمّيّة الجعران في الثّقافة المصريّة القديمة.

لقد مرّ أكثر من قرن منذ اكتشاف عالم الآثار البريطانيّ هوارد كارتر المجموعة الأكثر قيمة من الآثار المصريّة التي تمّ العثور عليها داخل قبر الملك توت عنخ آمون.

كان القبر الوحيد السّليم الذي اكتُشِفَ على الإطلاق.

خُدِع لصوص القبور لما يقرب من 3000 عام بالرّكام الذي غطّى قبر الملك توت عنخ آمون، الذي تمّ وضعه أسفل قبر رمسيس السّادس.

سيجد هوارد مجموعة من الكنوز التي لا تُقدّر بثمن داخل غرفه، بما في ذلك تمثال توت عنخ آمون المذهّب، وضريح أنوبيس، وقناع الموت الشّهير للفرعون.

ومن القطع الغريبة والمذهلة الأخرى التي عُثِر عليها في القبر كانت الجعران الصّدريّ للملك توت عنخ آمون.

أهمّيّة الجعران الصّدريّ للملك توت عنخ آمون

تمّ ترصيع الصّدريّة الذهبيّة المتقنة بحجر كريم أصفر لامع يشكّل الجعران، وهو نوع من الخنافس. مصنوع من الزّجاج الصّحراويّ اللّيبيّ، ومن النّادر للغاية أن يتمّ العثور على قطعة بهذا الحجم.

تقول سليمة إكرام، عالمة المصريّات في الجامعة الأمريكيّة في القاهرة: إنّ الزّجاج تشكّل عندما انفجر نيزك في الرّمال في الصّحراء الشّرقيّة وصنع هذه القطعة المذهلة من الزّجاج المنحوتة في وقتٍ لاحق على شكل جعران وأُضيفت لتزيين هذه الصّدريّة الاحتفاليّة.

وتقول إكرام: “إنّه أمرٌ رائع لأنّه يوضّح لنا أنّ المصرييّن القدماء كانوا يقومون بهذه الاستكشافات بعمقٍ في الصّحراء إلى أماكن نادرًا ما يمكن أن تصل إليها سيّارات الدّفع الرّباعيّ في يومنا هذا، وهم كانوا يقومون بذلك باستخدام الحمير”.

لقد كانت نادرةً وكان من الممكن معاملتها كجوهرة ثمينة. وهذا جزء من سبب كونها جوهرة مركزيّة في هذه القطعة. كان من الممكن استخدام الصّدريّات مثل هذه للأغراض الدينيّة والزّينة على حدٍّ سواء، والتي كان دورها هو الحماية والقوّة الإلهيّة.

لماذا كان الجعران مهمّ في قبر الملك توت عنخ آمون؟

كان الجعران واحدًا من أكثر الرّموز انتشارًا في مصر القديمة، الموجودة في جميع أنواع المقابر بخلاف توت عنخ آمون. بينما كان الرّمز منتشرًا في كلّ مكان، فإنّ استخدام الأحجار الكريمة النّادرة التي تمّ تشكيلها على شكل جعران كان مقتصرًا على الفراعنة فاحشي القوّة والثّراء مثل توت عنخ آمون، كما تقول إكرام.

يقول إيدان دودسون، عالم مصريّات ومؤرّخ بجامعة بريستول: إنّ الجعران زيّن قبره في عدد من الأماكن، بدءًا من الكتابة الهيروغليفيّة على الجدران إلى جميع أنواع المجوهرات، كان ذلك لأنّه يحمل الكثير من المعاني الرّمزيّة. إنّه أيضًا رمز للشّمس عند شروقها ورمز لظهورها في الوجود.

“إنّ إله الشّمس رع له أربعة أشكال مختلفة، اعتمادًا على الوقت من اليوم. يقول دودسون:” في بداية الصّباح (عندما تشرق الشّمس)، يتمّ تمثيله على شكل خنفساء الجعران “.

ويضيف دودسون: إنّ المصرييّن القدماء اعتبروا أنّ خنفساء الجعران التي تدفع كرة روثها، وهو ما تفعله في البرّيّة، يُنظر إليها على أنّها رع الذي يدفع الشّمس إلى الأفق. نحن نعلم الآن أنّ خنافس الرّوث تدفع كرة فضلاتها حتّى تتمكّن من استخدامها كتغذية لنسلها، لكن المصريّين القدماء لم يعرفوا ذلك.

إنّ رمز خنفساء الجعران يعني الخروج إلى الوجود أو الاستمرار في الوجود، وهو أمرٌ مهمّ بالنّسبة للفرعون الذي يأمل في رحلة سلسة إلى الحياة الآخرة.

يقول دودسون: “في المعتقدات الجنائزيّة المصريّة، كان ذلك يعني الاستمراريّة بين هذا العالم والعالم الآخر.

إنّ فكرة الظّهور إلى الوجود ترمز أيضًا إلى فكرة الولادة الجديدة في الحياة القادمة “.

تمّ وضع تمائم خنفساء الجعران في أغلفة المومياوات.

تقول إكرام: “كان جعران القلب في كثير من الأحيان يستخدم في التّحنيط، وقد كُتب عليه دعاء لحماية القلب حتّى يتمكّن المرء من الدّخول إلى الحياة الآخرة بأمان”.

في النّهاية، غالبًا ما استخدم المصريّون القدماء الظّواهر الطّبيعية مثل خنافس الجعران كرموز دينيّة مجازيّة. لقد نظروا إلى الطّبيعة تقريبًا كإله. وكان الجعران واحدًا من أهمّ رموزهم، حيث كان يستخدم للإشارة إلى أنّه يمكن للمرء أن يولد من جديد بنفس الطّريقة التي تشرق بها الشّمس كلّ صباح.

  • ترجمة: ريمة جبارة
  • المصادر: 1