قوّة تأثير الجاذبيّة الجسديّة على اختياراتنا العاطفيّة
قد يكون تأثير الجاذبيّة الجسديّة على اختياراتنا العاطفيّة أقوى ممّا نعتقد.
تُعتبر الصّفات كالذّكاء، اللُّطف، الأمانة، الاحترام، وحسّ الفُكاهة الجيّد عادةً أكثر أهمّيّة من الجاذبيّة الجسديّة عند اختيار الشّريك المثالي، مع ذلك، ورغم تفضيلاتنا الواعية، تُعدّ الجاذبيّة الجسديّة دافعًا أقوى لاختياراتنا في الشّريك مقارنة بالعوامل الأخرى بما فيها الذّكاء واللّطف والثّقافة.
على سبيل المثال، وجدت دراسة ل جوناسون وزملائه عام 2019 أنّ تفضيلات المشاركين في اختيار شريكهم لم تتأثّر بمستويات ذكاء هؤلاء الشُّركاء ما لم يكونوا جذّابين إلى حدّ ما. وبالمثل، فقد وجدت دراسات فوجِير وزملاؤه خلال عامي 2017 و2019 أنّ الفتيات وأهاليهنّ كانوا يتجنّبون الرّجال الأقلّ جاذبيّة، حتّى عند امتلاك هؤلاء الرّجال لصفات شخصيّة مميّزة، أو عند كونهم “محترمين، جديرين بالثّقة، وصادقين”.
في دراسة أخرى، وجد كورزبان وويدن عام 2005 أنّ الأشخاص الّذين شاركوا في جلسات المواعدة السّريعة أعربوا عن أنّهم يُقدّرون اللّطف والثّقافة أكثر من الجاذبيّة الجسديّة، لكنّهم في النّهاية اختاروا مواعدة الأشخاص الجذّابين جسديًّا بدلًا من اللّطفاء أو المثقّفين!
ربّما نقلّل من أهمّيّة الجاذبيّة الجسديّة في اختياراتنا العاطفيّة بسبب العمليّات العصبيّة اللّاواعية الّتي تؤثّر على ردود أفعالنا تجاه المحفّزات، فعلى سبيل المثال، يربط كلّ من الرّجال والنّساء -دون وعي- الجاذبيّة الجسديّة بالشّركاء المثاليّين، بمجرّد أن نرى شخصًا ما، نتحقّق على الفور ما إذا كان جذّابًا، وتستجيب أدمغتنا بسرعة لتفضيلاتنا اللّاواعية للجاذبيّة، وعلى النّقيض من ذلك، فإنّ الصّفات مثل الذّكاء، اللّطف، والأمانة لا يمكن التّحقّق منها إلّا على المدى الطّويل.
أظهرت أبحاث كيم وزملاؤه عام 2007، باستخدام تقنية التّصوير بالرّنين المغناطيسيّ الوظيفيّ(fMRI)، أنّ الوجوه الجذّابة شكليًّا تزيد تلقائيًّا من النّشاط العصبيّ في النّواة المتّكئة (وهي منطقة في الدّماغ مرتبطة بالمكافأة)، يتمّ تفعيل هذه المنطقة في الدّماغ فورًا، حتّى عندما يُطلب منّا تقييم خصائص الوجه غير المتعلّقة بالجاذبيّة الشّكليّة، تقوم أدمغتنا بنقل هذه المعلومات إلى القشرة الجبهيّة الحجاجيّة الّتي بدورها توجّه اختياراتنا المستقبليّة.
قد يتسبّب ردّ فعل الدّماغ على الجاذبيّة الجسديّة بعد ذلك في إحداث تأثير أوّليّ، إذ يؤثّر الانطباع الفوريّ للجاذبيّة على كيفيّة تفسيرنا للمعلومات اللّاحقة الّتي نصادفها، وقد يؤدّي ذلك إلى حدوث «تأثير الهالة – Halo Effect»، فيُنظر إلى الأشخاص الجذّابين بشكل أكثر إيجابيّة خلال التّفاعلات اللّاحقة.
علاوًة على ذلك، قد يكون لدى الأشخاص الجذّابين بالفعل صفات إيجابيّة أكثر، فقد يمتلكون جينات أفضل، ويكونون أكثر قدرة على مقاومة الأمراض، وبالتّالي قد يكونون أكثر صحّة وذكاء من نظرائهم الأقلّ جاذبيّة.
ومن المثير للاهتمام أنّ الأشخاص لا يحتاجون إلى أن يكونوا حسني المظهر بشكل استثنائيّ لجذبنا، فمن يُعتبرون جذّابين بشكل مُعتدل أو أكثر يُنظر إليهم بطريقة مماثلة.
هناك أسباب وجيهة تجعل الجاذبيّة الجسديّة مهمّة جدًّا في قرارات التّزاوج لدينا، حتّى وإن كنّا غير مدركين لأهمّيّتها.
- ترجمة: نِهال عامر حلبي
- تدقيق علمي ولغوي: الأيهم عبد الحميد
- المصادر: 1