ما الفرق بين الإجهاض والإملاص؟

كشفت السّيّدة الأولى السّابقة للولايات المتّحدة، ميشيل أوباما، في مذكّراتها أنّها عانت من «إجهاض – Miscarriage». كما تحدّثت المغنية وكاتبة الأغاني والممثلة البريطانيّة ليلي ألين عن تجربتها مع «الإملاص – Stillbirth».

يُعتبَر كلّ من الإجهاض والإملاص مصطلحات مألوفة، للأسف، حول فقدان الحمل، ويُمكن أن تكون هذه الأحداث مؤلمة لحياة الآباء والأمهات المُحتمَلين وعائلاتهم، وتأثيراتها قد تكون طويلة الأمد، لكن يمكن أن يكون هناك خلط بين هذين المصطلحين.

إليكم بعض أوجه التّشابه والاختلاف بين الإجهاض والإملاص، ولماذا من المهمّ معرفتها.

لنبدأ ببعض التّعريفات:

يحدث الإجهاض بشكل عامّ عندما ينتهي الحمل بينما لا يزال الجنين غير قادر على الحياة بعد (أي قبل أن يكون قادرًا على البقاء قيد الحياة خارج الرّحم)، هذا يعني فقدان الحمل “داخل الرّحم”، عندما يتمّ زرع البويضة المُخصّبة في الرّحم ثمّ تتطوّر إلى جنين، ومصطلح الإجهاض لا يشمل الحمل خارج الرّحم، إذ تُزرع البويضة المُخصّبة خارج الرّحم.

أمّا الإملاص، فيشير عادة إلى نهاية الحمل عندما يكون الجنين قادرًا على الحياة… ربّما يكون قد مضى وقت كافٍ من الحَمل، أو أنّ الجنين قد نما بشكل كافٍ ليُتوقَّع أنّه سيبقى على قيد الحياة، لكنّه يموت في الرّحم أو أثناء الولادة.

يُعرِّف المعهد الأستراليّ للصّحّة والرّعاية الاجتماعيّة الإملاص بأنّه وفاة الجنين بعد مرور 20 أسبوعًا من الحمل أو بوزن ولادة لا يقلّ عن 400 جرام، وتختلف تعريفات الإملاص عالميًّا اعتمادًا على التّشريعات المحلّيّة.

ما مدى شيوع هذه الحالات؟

يصعب تحديد مدى شيوع حالات الإجهاض لأنّها يمكن أن تحدث عندما لا تعرف المرأة أنّها حامل، قد لا يكون هناك أعراض واضحة أو قد يبدو الأمر كدورة شهريّة أثقل من المُعتاد؛ لذا فإنّ حالات الإجهاض قد تكون أكثر شيوعًا ممّا يتمّ الإبلاغ عنه.

تشير الدّراسات من أوروبّا وأمريكا الشّماليّة إلى أنّ الإجهاض يحدث في حوالي واحد من كلّ سبعة حالات حمل (15%)، وأكثر من واحدة من بين كلّ ثماني نساء (13%) ستعاني من إجهاض في مرحلة ما من حياتها.

حوالي 1-2% من النّساء تعانين من إجهاضات متكرّرة، ويُعرَّف الإجهاض المُتكرّر في أستراليا بأنّه مُعاناة المرأة من ثلاثة أو أكثر من حالات الإجهاض دون حدوث حمل بينها.

تتمتّع أستراليا بأحد أدنى مُعدّلات الإملاص في العالم، وقد ظلّ المُعدّل ثابتًا نسبيًّا على مدار العشرين عامًا الماضية عند 0.7% أو حوالي سبعة لكلّ 1000 حالة حمل.

مَن المُعرّضة للخطر؟

تكون مَن عانت من إجهاض أو إملاص سابَقًا في خطر متزايد لتكرار هذه النّتيجة خلال حمل لاحق.

مُقارنًة بالنّساء اللّواتي أنجبن مولودًا حيًّا، فإنّ اللّواتي عانين من إملاص لديهنّ ضعف خطر تكراره، أمّا بالنّسبة لأولئك اللّاتي عانين من إجهاضات مُتكرّرة، فإنّ خطر تكرار الإجهاض يكون أعلى بأربع مرّات.

ترتبط بعض العوامل بعلاقة على شكل حرف U، حيث يكون خطر الإجهاض والإملاص أقلّ ما يُمكن في الوسط. على سبيل المثال، يُعدّ عُمر الأمّ عامل خطر لكلّ من الإجهاض والإملاص، خاصّة إذا كانت أصغرّ من 20 عامًا أو أكبر من 35 عامًا، فيما أنّ زيادة عمر الأب هو عامل خطر للإملاص فقط، خاصّة إذا كان عمر الأبّ فوق الأربعين.

وبالمثل، بالنّسبة لوزن الأمّ، فالنّساء اللّواتي يكون مؤشّر كتلة الجسم (BMI) لديهنّ ضمن النّطاق الطّبيعيّ، لديهنّ أدنى خطر للإجهاض والإملاص مقارنة باللّواتي في فئات السّمنة أو نقصان الوزن.

تعدّ العوامل المرتبطة بنمط الحياة مثل التّدخين والشّرب المفرط للكحول أثناء الحمل أيضًا عوامل خطر لكلّ من الإجهاض والإملاص؛ لذا من المهمّ تجنّب التّدخين والكحول ليس فقط أثناء الحمل ولكن قبل الحمل أيضًا، لأنّ المرأة قد لا تعرف أنّها بحملها مُبكّرًا، وقد تُعرِّض الجنين النّامي بشكل غير مقصود لهذه المخاطر.

لماذا تحدث هذه الحالات؟

يحدث الإجهاض غالبًا بسبب مشاكل كروموسوميّة في الجنين النّامي، ومع ذلك، فإنّ الحالات الجينيّة أو العيوب الخلقيّة تُشكّل فقط 7-14% من حالات الإملاص. بينما تتعلّق حالات الإملاص غالبًا بمضاعفات الحمل مباشرةً، كالحمل المطوَّل أو مشاكل الحبل السّرّيّ.

تُعتبَر صحّة الأمّ خلال الحمل عاملًا آخر يسهم في خطر كلّ من الإجهاض والإملاص؛ فالأمراض المُزمنة مثل: ارتفاع ضغط الدّمّ، السّكّريّ، قصور الغدّة الدّرقيّة (انخفاض نشاط الغدّة الدّرقيّة)، متلازمة تكيُّس المبايض، مشاكل الجهاز المناعيّ (مثل اضطراب المناعة الذّاتيّة)، وبعض الالتهابات البكتيريّة والفيروسيّة هي من بين العوامل الّتي يُمكن أن تزيد من خطر الإجهاض.

وبالمثل، الأمّهات اللّواتي يعانين من السّكّريّ، ارتفاع ضغط الدّمّ، والالتهابات غير المُعالَجة، مثل الملاريا أو الزُّهري، يواجهن خطرًا متزايدًا للإملاص.

في العديد من الحالات، لا تُعرف أسباب مُحدَّدة لفقدان الحمل.

ماذا عن المخاطر الصّحّيّة طويلة الأمد؟

يمكن أن تكون حالات الإجهاض والإملاص مؤشّرات مبكّرة لمشاكل صحّيّة لاحقة في الحياة، على سبيل المثال: تكون النّساء اللّواتي عانين من إجهاضات متكرّرة أو إملاصات متكرّرة مُعرّضات لخطر أعلى في الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدّمويّة (كأمراض القلب أو السّكتة الدّماغيّة).

أظهرت أبحاثنا أيضًا أنّ هناك زيادة في خطر التّعرُّض للسّكتة الدّماغيّة؛ إذ وجدنا أنّ النّساء اللّواتي لديهنّ تاريخ من ثلاثة إجهاضات أو أكثر يكنَّ في خطر أعلى بنسبة 35% للسّكتة الدّماغيّة غير المميتة و82% للسّكتة الدّماغيّة المميتة، مقارنة بالنّساء اللّواتي لم يختبرن الإجهاض مُطلقًا.

فيما أنّ النّساء اللّواتي عانين من إملاص تكنّ في خطر أعلى بنسبة 31% للسّكتة الدّماغيّة غير المميتة، وأولئك اللّاتي عانين من إملاصين أو أكثر تكنّ في خطر أعلى بنسبة 26% للسّكتة الدّماغيّة المُميتة.

شهدنا أنماطًا مماثلة بالنّسبة لمرض الانسداد الرّئويّ المزمن (COPD)، وهو مرض رئويّ تصاعديّ مع أعراض تنفّسيّة مثل ضيق التّنفّس والسّعال. لقد أظهرت بياناتنا أنّ النّساء اللّواتي لديهنّ تاريخ من الإجهاضات المتكرّرة أو الإملاصات كنَّ في خطر أعلى بنسبة 36% أو 67% على التّوالي للإصابة بمرض الانسداد الرّئويّ المزمن، حتّى بعد أخذ التّاريخ المرضيّ للإصابة بالرّبو في الحُسبان.

ما أهمّيّة كلّ ذلك؟

يعتبر الوعي بالفروقات والتّشابهات بين هذين الحدثين المؤلمين في الحياة مهمًّا لأنّه يمكن أن يُفسّر ما حدث لك أو لشخص تحبّه، إذ يُمكن تعديل عوامل الخطر مثل التّدخين والسّمنة، يمكن أن تكون هذه المعلومات مُشجّعة للأفراد الّذين يرغبون في تقليل خطر الإجهاض والإملاص وإجراء تغييرات في نمط الحياة قبل الحمل.

  • ترجمة: نِهال عامر حلبي
  • المصادر: 1