نموذج رياضي لبناء العضلات من جامعة كامبريدج!

هناك حكاية عن مصارع يوناني قديم يسمى ميلون كروتوني Milo of Corton، رأيتها أول مرة معلقة على جدار غرفة اللياقة في النادي القديم Myrtle Beach التابع لمؤسسة الشباب المسيحية.

تروي إحدى مفاخره العضلية -المشكوك بأمرها- أنه حمل ثورًا على كتفيه، وذبحه، وتناوله في يوم واحد. يقال أنه فعل ذلك لأنه كان يرفع الثور وهو عجل حين كان صبيًا، ويمارس الفعل يوميًا، ومع نمو ميلو والثور، نمت قوته أيضًا إذ بنى عضلاته جنبًا إلى جنب مع الثور. وتمارين رفع الأثقال الحديثة ليست ببعيدة عن تلك الخرافة كما تظن.

قال الفيزيائي بجامعة كامبرديج يوجين تيرينتجيف Eugene Terentjev: «المثير للدهشة، ليس هناك معرفة كبيرة عن كيف تساهم التمارين ببناء العضلات؛ هناك الكثير من المعرفة القصصية والحكمة المكتسبة، ولكن القليل جدًا من البيانات الفعلية أو المثبتة علميًا».

كان تيرينتيجيف وزملاؤه من جامعة كامبرديج يحاولون تحصيل تلك المعرفة، وربما يجعلك عملهم الأخير -النموذج الرياضي لبناء العضلات- ميلو يومًا ما.

يحسب هذا النموذج الكمية الأفضل من الجهد لبناء الكتلة العضلية، ويمكن طرحه في نهاية المطاف كأداة برمجية.

ما أهمية ذلك؟

قد يحب الرياضيون هذه الأداة، إذ توفر لهم الوقت والطاقة بتجنب التمارين الأقل فائدة لأجسامهم. الأهم من ذلك أن هذه الأداة قد تنفع غير الرياضيين في نهاية المطاف، إذ قد تساعد الذين يعانون ضمور العضلات واضطرابات الهيكل العظمي في الحصول على عضلات بنحو أفضل.

عزز معرفتك تعزز عضلاتك

لعلنا لا نعرف كل الأساسيات عن مساهمة التمارين ببناء العضلات، والخمول بتذويبها، لكن مجتمع الطب واعادة التأهيل أجرى الكثير من البحوث عن الموضوع. وصرنا نعلم أن الأوزان الأعلى والمزيد من التكرار والمثابرة تساهم في بناء العضلات. لكن، على الرغم من عقود الخبرة والمعرفة المكتسبة، ما زال هناك سؤالان مهمان لم نجب عنهما بعد: كيف تدرك العضلات أنها قد تمرنت؟ وما الإشارات التي ترسلها لإحداث تغيير فسيولوجي فيها؟

إذا سمعت من قبل شخصًا يصف رياضيًا -أو يصفك أيها المحظوظ- بأنه يشبه «فتائل الحبل» فإن الإطراء يتناسب تمامًا حتى المستوى الجزيئي. يقول ايباتا: تتكون عضلاتك من خيوط صغيرة جدًا، أصغر من الخلايا نفسها. ولهذا، يجب أن يكون جزء من تفسير نمو العضلات على المستوى الجزيئي. لقد اكتشفنا كيف تعمل قطع العضلات الكبيرة قبل خمسين سنة تقريبًا، لكن ليس من الواضح بعد كيف تتناسب هذه القطع والبروتينات الصغيرة.

بسبب اختلاف الأفراد وتعقيد النشاط الرياضي الذي يتضمن العديد من العوامل المتغيرة، من الصعب للغاية إجراء دراسة جيدة ومحكمة عن بناء العضلات عند الأشخاص.

ساعدني في التمرين يا صديق

في عام 2018، رصد باحثو كامبريدج شيئًا ساعد على ملئ جزء من الصورة: تتكون العضلات من ثلاثة مكونات رئيسة، لكن لا يوجد مكان في اثنين منها لجزيئات الإشارة التي تقول من أجل أن تتماسك «يا! حان وقت التضخيم».

يسمى الجزء الثالث تايتن Titin، ووجد أنه مسؤول عن ترتيب تلك التغيرات في العضلات عندما ترتبط بها جزيئات التضخيم.

حين تؤثر القوى في تايتن -بفعل حمل الأوزان مثلًا- فإنه يغير شكله، ويكشف عن أماكن جديدة لجزيئات النمو العضلي التي يتطلع إلى الالتصاق بها. وحين يوضع تحت حمل كبير، أو يدرب فترات طويلة، تكون لإشارات النمو وقتًا أطول للالتصاق، لذا يمكن أن يقول تايتن لخلاياك أن تعمل على بناء العضلات.

الرياضيات العضلية

يتوقع النموذج الرياضي أن أنسب قوة لبناء العضلات هي نحو 70% من أقصى حمل يمكن رفعه مرة واحدة. لذا ارفع وزنًا أقل من 70% وقد لا تستطيع فتح نافذة تايتن فترة كافية لبناء العضلات بشكل مثالي، ارفع أكثر و«سيمنع الإرهاق السريع النتيجة المثلى، وهو ما تنبأ به نموذجنا بشكل كميّ» حسب تعبير تيرينتجيف.

يمكن للنموذج التنبؤ بالمدة التي يمكن أن تبقى فيها العضلة في حالة سكون قبل أن تبدأ في الضمور، ثم يساعد بإنشاء أفضل خطة لبنائها من جديد.

في نهاية الأمر، يأمل الباحثون طرح برامج سهلة الاستخدام بناءً على نموذجهم. على الرغم من الحاجة أولاً إلى إجراء المزيد من الأبحاث عن الرياضيّات الإناث بنحو خاص، لأن الدراسات الرياضية تميل إلى التحيز تجاه الذكور.

  • ترجمة: ياسمين علي حنظل
  • المصادر: 1