
الخلايا الجذعية تحقق شفاءً من السكري من النوع الأول في تجربة سريرية
لا يستطيع معظم مرضى السكري من النوع الأول التغلب على مرض المناعة الذاتية لديهم أو الوصول إلى شفاء تلقائي؛ كل ما يمكنهم فعله هو التحكم في مستوى سكر الدم من خلال العلاج بالأنسولين واتباع نظام غذائي صحي والمواظبة على التمارين البدنية.
أدى النجاح العلاجي لحاله امرأة شابة في الصين إلى قرب إمكانية الوصول إلى علاج شامل لهذا المرض.
في يونيو/حزيران من عام 2023، حقن الأطباء ما يعادل حوالي 1.5 مليون خلية منتجة للأنسولين في عضلات بطن المريضة، وأعيدت برمجة هذه المجموعة من الخلايا بعناية من خلاياها الجذعية.
بعد مرور شهرين ونصف، انتهى اعتماد المرأة المزمن على حقن الأنسولين، محققة بذلك شفاءً كاملًا من مرض السكري طويل الأجل والذي كان من الصعب السيطرة عليه.
وبعد مرور أكثر من أربعة أشهر على زراعة الخلايا، بدأ جسم المريضة بإفراز الأنسولين الكافي للحفاظ على مستويات السكر في الدم ضمن الحدود الطبيعية لأكثر من 98% من اليوم.
إذا استمرت المريضة في إنتاج الأنسولين طبيعيًا على مدى السنوات القادمة، فمن الوارد أن تعلن الشفاء يومًا ما، لتكون بذلك أول حالة من نوعها يتم توثيقها في المراجع العلمية.
وفي معرض تعليقه على هذا الإنجاز، صرّح دايسكي يابي، الباحث في مجال داء السكري والذي لم يكن له أي إرتباط بهذا البحث، للمراسلة العلمية سمريتي مالاباتي في مجلة Nature قائلا: “هذا أمر يستحق الثناء”.
“إذا أثبتت فعالية هذا العلاج على مرضى آخرين، فستكون له آثار إيجابية جمة”.
يخطط الباحثون الصينيون لتوسيع نطاق التجربة وذلك لتشمل مرضى إضافيين.
يحدث داء السكري من النوع الأول عندما يهاجم الجهاز المناعي في الجسم مجموعات الخلايا في البنكرياس المسؤولة عن إنتاج هرمون الأنسولين وتعرف باسم جزر لانجرهانز.
قد تؤدي زراعة جزر لانجرهانز أو البنكرياس الكامل من متبرع إلى شفاء بعض الحالات المختارة من داء السكري من النوع الأول، الا إن هذا الإجراء يظلّ خيارًا جذريًا يحمل مخاطر محتملة، كما أن قلة عدد المتبرعين تجعل هذا الخيار بعيد المنال بالنسبة لملايين الأشخاص الذين يعانون من هذا المرض المناعي الذاتي في جميع أنحاء العالم.
منذ ما يزيد عن عقدين من الزمن، انخرط العلماء في أبحاث تهدف إلى تحويل الخلايا المشتقة من الأنسجة البالغة والمتمايزة بشكلٍ كامل، إلى خلايا جذعية متعددة القدرات مستحثة بهدف توليد خلايا قادرة على إنتاج الأنسولين.
على الرغم من ذلك، تمثل عملية تحديد كيفية القيام بذلك التحويل بدقة تحديًا كبيرًا. ذلك أن الخلايا المنتجة غالبًا ما تكون غير مطابقة تمامًا لجزر لانجرهانز البنكرياسية الأصلية.
ابتكر الباحثون الصينيون طريقة جديدة يُزعم أنها توفر تحكمًا أكبر في عملية إعادة البرجمة الخلوية.
فبدلًا من إستخدام البروتينات كوسيلة لتحفيز التعبير الجيني في الخلايا الجذعية والتي كانت تستخدم سابقًا لإعادة برمجة الخلايا البالغة إلى حالة عدم التمايز، ولّد الفريق خلايا جذعية متعددة القدرات مستحثة باستخدام جزيئات صغيرة.
وبعد اختبار التقنية في الفئران والرئيسات غير البشرية بنجاح وسلامة. حصل فريق البحث على الموافقة لتنفيذ دراسة سريرية بشرية. ولا تزال هذه الدراسة جارية، ويشارك فيها حاليًا ثلاثة أفراد.
من بين المرضى المشاركين في التجربة، هنالك مريضة تبلغ من العمر 26 عامًا والتي شخصت بداء السكري من النوع الأول في سن الرابعة عشرة. ونشرت نتائجها بعد مرور عام على انضمامها للتجربة.
سبق أن خضعت هذه المريضة بالفعل لعملية زرع بنكرياس لعلاج نقص السكر الشديد في الدم. ومع ذلك كان لا بد من إزالة البنكرياس المزروع نتيجة لمضاعفات تجلطية حادّة.
حتى الآن، تظهر نتائج زراعة الخلايا الجذعية لديها نجاحًا ملحوظًا، وذلك بالتزامن مع العلاج المثبط للمناعة.
تضاف هذه النتائج إلى العديد من التجارب السريرية الحديثة الأخرى التي تشير إلى أن هناك ما يبرر إجراء المزيد من الأبحاث حول زراعة الخلايا الجذعية.
في دراسة سريرية أجريت في الولايات المتحدة، تم زرع جزر لانجرهانز مشتقة من خلايا جذعية مُتبرع بها لدى اثني عشر مريضًا مصابًا بداء السكري من النوع الأول.
كما تلقى جميع المشاركين أيضًا علاجًا مثبطًا للمناعة. وتشير جميع البيانات الأولية إلى أن جميع المرضى الإثني عشر أظهروا استجابة في إنتاج الانسولين داخليًا بشكلٍ طبيعي عند ارتفاع مستويات الجلوكوز في الدم.
بشكلٍ عام، أفاد الباحثون الصينيون بأن هذه النتائج تبرر إجراء المزيد من الدراسات السريرية في هذا الاتجاه، وتمثل تقدمًا نحو تحقيق إمكانات العلاج الخلوي المخصص…في معالجة الأمراض.
- ترجمة: سارة أبو جلبان
- تدقيق علمي ولغوي: حسام عبدالله
- المصادر: 1