إذا كان بإمكان البشر الطّيران، فكم سيكون حجم أجنحتنا؟

لا يملك البشر عظامًا مجوّفة مثل الطّيور، إذن كم يجب أن يكون حجم أجنحتنا لرفعنا عن الأرض؟

على الرّغم من الأشياء العجيبة التي يستطيع البشر فعلها، لا نستطيع أن نطير بأنفسنا. لكن لو استطعنا، كم سيكون حجم أجنحتنا؟

بالطّبع، تتوقّف الإجابة على حجم الشّخص. ولكن بالنّسبة لشخص يزن حوالي 155 باوند «70 كيلوغرام»، وطوله على الأقلّ 5 أقدام «1.5 مترًا»، سيكون حجم جناحيه حوالي 20 قدمًا «6 أمتار». كما أوضح تاي هيدريك، أستاذ علم الأحياء بجامعة نورث كارولينا في تشابل هيل: “اعتقدتُ أن ذلك حجم صغير بشكل مدهش”.

توصّل هيدريك إلى هذه النّتيجة مستخدمًا معادلة طوّرها روبرت نودز، وهو محاضر أوّل في العلوم الحيويّة بجامعة مانشستر. وصف نودز هذه المعادلة في مقال عام 2007 نُشر في صحيفة Avian Biology، والتي وصف فيها مقياس جناح الطّائر عاملًا متغيّرًا بالنّسبة لكتلة الجسم.

ولكن بوجود هذه الفرضيّة، لا يمكننا ببساطة أن نربّت على الجناحين وينتهي الأمر. يتطلّب ذلك إعادة تخيّل كامل لتركيبنا البنيويّ. فإذا أردنا الطّيران، نحتاج إلى ميّزات أخرى إلى جانب الأجنحة.

أوّلًا، يجب أن نفكّر بنوع الأجنحة التي سنمتلكها. إنّ المظهر الكلاسيكيّ للملاك يبدو مثل إنسان طائر بزوجٍ من أجنحة الرّيش الضّخمة والتي تبرز من الخلف. وقال مايكل حبيب، الباحث المشارك في معهد الدّيناصورات في متحف التّاريخ الطّبيعي في مقاطعة لوس أنجلوس، لموقع Live Science، أنّه من منظورٍ تشريحيّ سيتطلّب ذلك لوح كتف منفصل. وستحتاج تلك الأجنحة أيضًا إلى عضلات طيران تلتفّ من الصّدر إلى الظّهر.

وفقًا لحبيب، فإنّ الأجنحة الشّبيهة بالخفافيش ستبدو منطقيّة أكثر على الإنسان. في تلك الحالة، ستتمدّد الذّراع واليد بأكملها مشكّلةً جناحًا بحجم 20 قدمًا. وسيغطّي جناح ذو غشاء لحمي هذه الأطراف.

لكن لنطير حقًا، سيتعيّن على بقيّة أعضاء أجسامنا إنتاج طاقة كافية، ممّا يتطلّب ذلك عضلات قويّة. ففي الطّيور، يأتي متوسّط %16 إلى %18 من كتلتها العضليّة من العضلات المستخدمة من أجل الطّيران. وفي بعضها يأتي ما يصل إلى %30 من الكتلة العضليّة من الصّدر. ينطبق الأمر نفسه على الخفافيش أيضًا، على الرّغم من أنّ الكتلة موزّعة عبر المزيد من العضلات. وقال حبيب: “هذا ما يميّزها عن بنية الحيوانات التي لا تطير”.

تخلق النّتيجة في الإنسان صورةً مضحكةً.

قال حبيب: “سيكون لديك صدر بارز إلى الخارج وظهر مفتول العضلات بشكلٍ كبيرٍ للغاية”.

سيكون أيضًا نوع البشر الطّيّارين من عوامل هذه المسألة.

وأضاف حبيب: “لا يطير كلّ شيء بنفس الطّريقة تمامًا، سيحدّد تركيبك البنيويّ طريقة طيرانك”.

يوجد القليل من أنماط الطّيران، وجميع الكائنات الطّائرة متخصّصة في أنواع مختلفة، مثل الرّفرفة والانزلاق والتّأرجح والتّحليق. وتتضمّن كلّ من هذه التّخصّصات أنواعًا مختلفة من الأجنحة. على سبيل المثال، ذكرَ حبيب: إنّ الطّائر الذي يرفرف طوال رحلة ما يملك أجنحة أقوى وأقصر. من جهة أخرى، فإنّ طائرًا محلّقًا مثل القطرس يملك أجنحة أطول بكثير مقارنةً بحجمه. وعلى الأرجح، سيحلّق البشر بأجنحتهم الكبيرة نسبيًا.

هناك أيضًا مسألة الإقلاع، خاصةً مع الأجنحة التي تشبه أجنحة الخفافيش بطول 20 قدمًا. لن نكون قادرين على الرّفرفة للأعلى بأجنحة بهذا الحجم. قال هيدريك ل Live Science: “لا يمكنك أن ترفرف كثيرًا عندما تكون قريبًا من الأرض”.

اقترح حبيب ما يُعرف باسم الانطلاق الرّباعي، أو الانطلاق من مكان حيث تبدأ فيه جميع الأطراف الأربعة على الأرض. حسب ما ورد في مقال بحثيّ عام 2010، والذي شارك في تأليفه حبيب ونُشر في صحيفة PLOS One، كانت الزّواحف المجنّحة من أوائل الفقاريات التي طوّرت القدرة على الطّيران منذ أكثر من 200 مليون سنة مضت.

ومن المحتمل أنّها سارت وأقلعت بهذه الطريقة أيضًا. وبعض الخفافيش، مثل خفافيش مصّاصي الدّماء، تمشي وتجري على أطرافها الأربعة أيضًا.

بالطبع، إنّ البشر في وضعٍ غير مؤاتٍ تطوّريًا.

فلقد كانت الحيوانات الطّائرة تحسّن تركيبها البنيويّ من أجل الطّيران لآلاف السّنين. قال هيدريك: “سنحتاج إلى الكثير من التّعديلات الأخرى التي اكتسبتها الطّيور على مرّ السّنين”.

  • ترجمة: تقوى العبيدي
  • تدقيق علمي ولغوي: ريمة جبارة
  • المصادر: 1