
لماذا تنتهي أكثر الزيجات بمرض الزوجة وليس الزوج؟
«في الصحة وفي المرض»…..ربما لا عندما يتعلق الأمر بمرض الزوجة.
كثيرًا ما يتعرض الأفراد الذين يحبون العزوبية ويفضلون العيش بهذا الوضع للسخرية ويُطرح عليهم هذا السؤال: «إذن، من سيكون معك في وقت لاحق من هذه الحياة؟ وماذا ستفعل إذا مرضت؟» يبدو أن الافتراض هو أن المتزوجين ليس لديهم ما يدعو إلى القلق؛ فهم قطعوا عهدًا بالوقوف إلى جانب بعضهم البعض في أوقات «الصحة والمرض».
غير أن البحث الذي نُشِر في شباط/فبراير 2025 في دورية الزواج والعائلة أوضح أن العهد الذي قطعه الأزواج بدعم بعضهم البعض وقت المرض ليس نافذًا إذا أصيبت الزوجة بالمرض في علاقة زوجية بين اثنين من مغايري الجنس.
وفي دراسة دامت لثمانية عشر عامًا، تتبع علماء الاجتماع الإيطاليون دانييلي فيجنولي وجياماركو ألديروتي وسيسيليا توماسيني أكثر من خمسة وعشرين ألف زوجٍ وزوجة من جنسين مختلفين تتراوح أعمارهم من خمسين عامًا فأكثر ينتمون إلى سبع وعشرين دولةٍ في قارة أوروبا. وقد أُجري الفحص على المشاركين باستمرار وسُئلوا من حين لآخر عن صحتهم، وعمَّا إذا أصيبوا بنوبات من الاكتئاب، وعن قيود وضعهم لما يمكنهم فعله في الحياة اليومية دون طلب المساعدة، وما إذا كان بإمكانهم الاستمرار في البقاء معًا، ونُشرت نتائج هذه الدراسة في “صحة الشركاء والانقسامات الفضية في أوروبا: أهو نمط جنساني؟”.
تطرق دانييلي وزملاؤه إلى الأزواج الذين تتراوح أعمارهم بين الخمسين وأربعة وستين عامًا، كذلك الأزواج الذين يبلغ عمر أحدهم على الأقل خمسة وستين عامًا فأكثر، كل على حدة، وكانت النتائج تصبو لصالح الأزواج الأصغر سنًّا.
الأزواج بين عمري الخمسين وأربعة وستين عامًا
بالنسبة للأزواج الذين تتراوح أعمارهم من خمسين إلى أربعة وستين عامًا، على الأرجح أن يصبح الزواج أكثر عرضةً للانتهاء عندما تسوء صحة الزوجة بينما يبدو الزوج في صحة جيدة عنه عندما يكون الزوجان في صحة جيدة، ولكن من المستبعد أن ينتهي الزواج بالانفصال عندما تسوء صحة الزوج بينما تبدو الزوجة في صحة جيدة عنه إذا كان كلاهما في صحة جيدة.
وقد انطبق النمط ذاته على المشكلات الحياتية، فإذا أصبحت قدرة الزوجة محدودة على أداء مهام الحياة اليومية على عكس الزوج، فمن الممكن أن ينتهي الأمر بطلاق الزوجين مقارنةً إذا لم يواجه أي منهما عقبات شديدة. ويتكرر هذا الوضع لكن على النقيض مع الزوج، فإذا أصابه مكروه، من المستبعد أن ينتهي الزواج مقارنةً إذا لم يعانِ أي منهما عقبات شديدة.
وعندما تصاب الزوجة بالاكتئاب على عكس زوجها، فإن الأمر يؤدي إلى انتهاء الزواج مقارنةً إذا لم يُصَب كلاهما به، لكن قد يصبح أيضًا عرضةً للانتهاء إذا تعرض الزوج لنوبات اكتئاب دون أن تتعرض له الزوجة.
الزوجان اللذان يتراوح عمر أحدهما خمسة وستين عامًا أو أكثر.
أما بالنسبة للزوجين الأكبر سنًّا، فإن الأمر يتعلق بالإصابة بنوبات الاكتئاب أكثر من القيود على الصحة البدنية أو الأنشطة اليومية. ويظهر عندها النمط الجنساني: فإذا أصيبت الزوجة بالاكتئاب على عكس زوجها، يؤدي الأمر إلى انتهاء الزواج مقارنةً إذا لم يُصَب أي منهما به، أما إذا تعرض الزوج للاكتئاب على عكس زوجته، فمن المستبعد أن ينتهي زواج الاثنين بالطلاق.
لماذا تنتهي أكثر الزيجات بمرض الزوجة وليس الزوج؟
لم يُجْرِ الباحثون اختبارات على تفسيرات هذه النتائج، لكنهم اكتفوا بمناقشة الأمر بإيجاز. إذ أوضحوا أنه من الطبيعي أن تلعب الزوجة دور مقدم الرعاية، ويعد هذا الدور مرهقًا لكلا الزوجين إذا مرضت الزوجة أكثر من الزوج، لكنهم أشاروا إلى أن غالبية السيدات يَكُنّ أكثر اعتمادًا ماليًّا ويعانين من الضعف الاقتصاديّ الأمر الذي قد يشكل عائقًا يحول دون رغبتهن في إنهاء الزواج.
وأود أن أضيف أنه قد يكون الرجال أكثر ميلًا للإقدام على الزواج متوقعين الحصول على الرعاية. ولكن عندما تنقلب الأمور ويصبحون هم من يتحملون عبء الرعاية المكثفة، سيغادر البعض بدلًا من تولي زمام الأمور.
اعتبارات أخرى مهمة
لا تُعدّ هذه الدراسة الأولى من نوعها التي تشير إلى أن العلاقة الزوجية بين زوجين مغايري الجنس قد تنتهي على الأرجح عندما تصاب الزوجة بمرضٍ شديد أكثر من الزوج. إذ تشير دراسة أخرى نُشِرَت عن المتزوجين المشَخَّصين بأورام دماغية أو بمرض التصلب المتعدد إلى أن أحد الشريكين أكثر عرضةً لل “تخلي” عنه، على حد تعبير مؤلفيها، وينطبق ذلك أكثر عندما تمرض الزوجة. وفي هذه الحالات، ينتهي الزواج بمعدل 21%، فيما أنه ينتهي بالطلاق بمعدل 3% فقط إذا أصيب الزوج بمرضٍ شديد.
إن ذلك يمثل فرقًا كبيرًا؛ فقد تزيد فرص انتهاء الزواج عند إصابة الزوجة بمرض خطير بنحو سبع مرات مقارنةً بإصابة الزوج. لكن لم تُشِر هذه الإحصاءات إلى أن معظم الزيجات تنتهي بالطلاق إذا مرض أحدهما، حتى وإن مرضت الزوجة، إذ إن زواجًا واحدًا فقط من كل خمس زيجات ينتهي خلال العامين التاليين.
لكن ماذا يحدث بعد انتهاء الزواج في وقت لاحق من الحياة؟ تشير بعض الأبحاث (تطرق إليها كتاب عازب في القلب) إلى أن حياة العُزَّاب غالبًا ما تكون في حالٍ أفضل من المطلقين أو الأرامل حديثًا، لأنهم يعرفون كيفية استكشاف حياتهم. ففي حين أن الأزواج يتقاسمون المهام اليومية والمنزلية، يكتشف العُزَّاب كيفية القيام بكل شيء، أو يطلبون المساعدة منذ البداية. فضلًا عن كونهم أكثر حفاظًا على علاقاتهم بأصدقائهم والأفراد المهمين في حياتهم بدلًا من تهميشهم لتبقى أولوياتهم الاعتناء بشريك حياتهم. فإذا كانوا عُزَّابًا في القلب، فإنهم يشعرون بالارتياح بهذه الوحدة. وعندها لا يقتصر طرح السؤالين: «من سيبقى معك؟» أو «كيف ستقود حياتك؟» على العُزَّاب.
- ترجمة: زينب محمد الأصفر
- تدقيق علمي ولغوي: عبير ياسين
- المصادر: 1