ما هو دور المفترسات في تقليل حالات مرض الهزال المزمن لدى بقية الحيوانات؟
بتنوع مفترساتها، هل يمكن لحديقة يلوستون الوطنية أن تكون جزيرة خالية من الأمراض في بحر يعجّ بمرض الهزال المزمن CWD؟
هذه التكهنات بنيت على أساس دراسة قامت بها الين براندل مؤخراً، حيث قامت مع علماء آخرين ببناء نموذج لتحليل الدور الذي تلعبة المفترسات في التخلص من الحيوانات المريضة الموجودة في الطبيعة.
كتبت براندل في مدونة نشرت على موقع Animal Ecology In Focus: «النظام البيئي ليلوستون يعتبر منطقة لإجراء هذه الدراسة وذلك لاحتوائها على مجتمع بيئي مليء بالمفترسات وبسبب إصابة الأيائل والغزلان ب CWD».
دان ماكنولتي من قسم الموارد البرية ومركز علوم البيئة قام بدراسة الذئاب في يلوستون لسنوات، وقد تعاون مع براندل في دراستها وقال: «هناك أعداد كبيرة من الأبحاث العلمية بما في ذلك دراستنا الأخيرة والتي تتوقع أن تصبح حديقة يلوستون الوطنية جزيرة خالية في الغالب من CWD في بحر مليء بعدوى CWD بفضل تنوعها واحتوائها على مجتمعات وفيرة بآكلات اللحوم الكبيرة».
قام دوغ سميث وهو كبير علماء البيولوجيا المختصين بدراسة الذئاب في حديقة يلوستون الوطنية بالتعاون في هذه الدراسة أيضًا. وقال أن هناك معلومة أساسية مفقودة في هذه النمذجة. وهو ما مدى فاعلية افتراس الذئاب والكوغار (أسد الجبال) للغزلان والأيائل المصابة ب CWD؟
إذا استطاعت المفترسات التعرف على حيوان مريض مصاب بالمراحل الأولى من المرض سيكون التأثير أكبر بكثير.
سؤال آخر: ما هو عدد الحيوانات المريضة التي ستقتلها المفترسات، وهل معدل قتل الحيوانات المريضة أكبر من معدلها للحيوانات السليمة؟
قال سميث: «على الرغم من ضعف معلوماتنا فإن النموذج يظهر أن المفترسات يمكن أن تساعد في تخفيف حدة انتشار CWD عن طريق قتل الحيوانات المصابة به في البيئة».
وقال إن هذه إحدى منافع وجود مجتمع مفترسات سليم.
من خلال جمع مادة جذع الدماغ للأيائل والغزلان التي قتلها المفترسات ومن خلال القيام بتحليلها للكشف إذا ما كانت مصابة ب CWD أو لا، يحاول الباحثون في منتزة يلوستون أن يستنبطوا معدلات القتل والإصابة بالمرض في المنتزه.
كما قام سميث وزملاؤه بالإمساك بالإيل كل شتاء واجراء الفحوصات عليه لمعرفة إذا ما كان مصابًا بالمرض أم لا.
يأمل سميث أنة بمرور الوقت سيتم جمع أدلة لدعم نظرية مرض الهزال المزمن.
كتبت براندل: «فائدة النماذج كهذا النموذج هو الفهم الأعمق لعلاقات البيئة المعقدة ولكن النمذجة تتطلب تبسيط عمليات معقدة ويجب تفسيرها بحذر».
من المساهمين أيضًا في نموذج براندل بول كروس، ويل روجرز، نيثان جالوي، دانيال ستولار، جون تينر، وبيتر هدسون.
على عكس الذئاب التي تطارد الفريسة قبل إمساكها يقوم الكوغار غالبًا بنصب الكمائن سواء كان الحيوان ضعيفًا أم لا يمكن أن يتم استهدافة وهكذا فإن احتمالية قتل الحيوانات المصابة ب CWDغير مؤكدة.
يعلم العلماء مسبقًا أن المفترسات ستقوم غالبًا بقتل الفرائس الكهلة والضعيفة والمريضة والصغيرة حيث أن إمساكها أسهل لذلك ربما أسود الجبال والذئاب يمكن أن تلعب دورًا مهمًا في التخلص من الأيائل والغزلان المصابة ب CWD بحسب نظرية براندل.
أظهرت دراسة في سلسلة جبال كولورادو الصخرية أن الغزلان التي يتم قتلها من قبل أسود الجبال أكثر احتمالًا بأن تكون مصابة بعدوى CWD منها مقارنةً بالغزلان المقتولة من قبل الصيادين. لكن هناك دراسة أجريت عام 2008 اظهرت أن هذا الافتراس الانتقائي من قبل أسود الجبال لم يحدّ من انتقال عدوى CWDفي مجتمع الغزلان ذات معدلات الإصابة المرتفعة.
تم تفسير ذلك من خلال نظرية أن الأسود تقوم بنصب الكمائن لفرائسها بدلًا من مطاردتها كالذئاب فالكوغار قد يكون أقل احتمالًا بأن يستهدف الحيوانات المصابة مقارنةً بالذئاب.
إن تقليل عدد الحيوانات المصابة أو غير المصابة بعدوى CWD يعتبر أحد أهم الأدوات التي تستخدمها وكالات الحياة البرية لتقليل انتشار المرض.
هذا يعتمد على حقيقة أن المرض يمكن تشتيته بسهولة أكبر إن كانت الحيوانات على إتصال وثيق، كما يلاحظ أن الصيادين يمكنهم التخلص من الحيوانات المريضة من بين التجمعات التي تعيش بها أحياناً قبل أن تظهر آثار العدوى.
لطالما كان اعتبار المفترسات كوسيلة للحفاظ على معدل منخفض للمرض حجة استند عليها المناصرين للذئاب أمام لجنة Montana Fish and wild life. بأخذ ذلك بعين الإعتبار، إن مجموعات مثل ذئاب الصخور كانت تسعى لتقليل صيد الذئاب والحدّ من الأعداد المسموح بصيدها في الولاية ولكن دون جدوى حتى الآن.
تتغذى الذئاب في يلوستون بشكل أساسي على الأيائل بما يشكل ما نسبته 96% من نظامها الغذائي شتاءً و 85% من نظامها الغذاء صيفًا، تعتمد أسود الجبال في نظامها الغذائي على الأيائل بما نسبتة 55% وما يقارب 45% من ذكور الغزلان وذلك وفقا لمشروع يلوستون كوغار.
إن ذكور الغزلان البالغة أكثر عرضة للإصابة بمرض CWD منها لدى الإناث. تبدو الأيائل بطريقةٍ ما مقاومة للمرض. على الرغم من ذلك، تم اكتشاف أول حالة إصابة في مونتانا عام 2019، تم اختبار الأيائل في منتزة جراند تيتون الوطني في ولاية وايمنغ وكانت نتائج الفحوص إيجابية في عام 2020. تم اكتشاف أول حالة إصابة لغزال بري بمرض الهزال المزمن في مونتانا عام 2017 في مقاطعة كاريون جنوب وسط مونتانا.
في وايمنغ انتشر المرض إلى الشمال والغرب منذ أن تم اكتشافة لأول مرة عام 1985.
هذا المرض الذي يسبب أضراراً بالغة في دماغ الحيوان المصاب دائمًا يكون مميتًا.
البروتينات الشاذة التي تسبب CWD تدعى بالبريونات وهي تنتقل من خلال سوائل الجسم وبرازه.
بمجرد وصول هذه البريونات لبيئة ما فإن بمقدورها النجاة والبقاء لسنوات مما يصعّب من عملية القضاء عليها.
حتى الآن، اكتشفت 27 ولاية ومقاطعتان كنديتان حيوانات مصابة بالمرض. كما تم العثور على هذا المرض في كوريا الجنوبية والنرويج.
قامت براندل بدراستها في أعقاب نشر دراسة المسح البيولوجي في أكتوبر والتي أكدت فائدة الحيوانات القمّامة كالغربان والذئاب البريّة والنسور الذهبية كمطهرات طبيعية للبيئة.
وضعت الدراسة أجنّة الحيوانات الخالية من الأمراض في أنواع بيئة مختلفة. كما تم تجهيز وإعداد كاميرات لتصوير ماهية الحيوانات التي وصلت للتغذي على هذه الأجنّة وما هي المدة التي مرّت قبل أن يتم قتلها وأكلها. كان الهدف هو محاكاة الأيائل التي يمكن أن تحمل داء البروسيلا وتجهض جنينها. حيث يعتقد أن الولادة واحدة من أهم الطرق التي تنتشر من خلالها البروسيلا.
- ترجمة: عمار علي
- تدقيق علمي ولغوي: حسام عبدالله
- المصادر: 1