هل يمكن لنبرةِ الصوت أن تكشف عن صفاتنا الشخصية؟
يمكن للطريقة التي تتكلم بها أن تكشف الكثير عن شخصيتك، يمكن من خلالها مثلاً التنبؤ بكونك من الأشخاص الذين لا يمانعون الانخراط في علاقاتٍ جنسيّةٍ خارج إطار الزواج.
وجدت دراسةٌ أُجريَت حديثًا بأنَّ أصحاب الصوت العميق غالبًا ما يتّصفون بكونهم أكثر انفتاحًا، ولديهم حبٌّ الهيمنة، وغالباً ما يكونون أكثر ميلاً للدخول في علاقاتٍ عابرة مع شركاءٍ مؤقّتين.
اعتُبرت تلك الدراسةُ الأولى من نوعها حيث تضمنت مقياسًا موضوعيًّا لدرجة الصوت.
و رجّح القائمون على البحث بأنّ النتائج التي وصلوا إليها تُفسَّرُ بنسبةِ الهرمونات الموجودة في الجسم لاسيِّما هرمون التيستسترون.
و على اعتبارِ أننا نميل إلى إطلاق الأحكام على الأشخاص من خلال أقلّ وأسرع ما يمكن جمعه من معلوماتٍ عنهم، فإنَّ نبرةَ صوتِ شخصٍ ما هي أحد أبرز الطرق التي نعتمد عليها من أجل وضع استنتاجاتٍ مهمّةٍ بشأن شخصيَّته.
أوضحت دراساتٌ عديدةٌ أنَّ أصحاب “الصّوت الحادّ” غالبًا ما يتميزون بشخصيّةٍ قلقةٍ أو عصبيّة بالمقابل فإنَّ الأشخاص ذوي “طبقة الصوت العميقة” أي الصوت الرّخيم غالبًا ما تتسم شخصيّاتهم بكونها مهيمنةً كما ذُكرَ سابقًا، يؤيّد معظم الناس في آرائهم هذه النتائج حيث أنّ الثقافة الشعبيّة العامة تتّفق مع هذه الطريقة في تصنيف مختلف الشخصيات، ولكن إلى أيّ مدىً يمكن لهذه الآراء والتصوّرات أن تكون واقعيةً ودقيقة؟
قام فريقٌ من الباحثين الدوليين بدراسةٍ تهدف إلى تحديدٍ دقيق فيما إذا كانت أصواتنا تكشف حقًا شيئًا عن صفاتنا الشخصية، وأوضحت هذه الدراسة بأنَّه يوجد بالفعل علاقةٌ بين أصواتنا وصفاتنا.
إذًا، ما هي العلاقة بين صوت المرء وصفات شخصيّته؟
أوضحت الدكتورة “جوليا ستين” من جامعة كاتنجين قائلة: “يمكننا من خلال سماع الصوت فقط -كما هو الحال خلال المكالمة الهاتفية- بالإضافةِ إلى معرفة فيما إذا كان الشخص المتكلّم رجلاً أو امرأةً، طفلاً صغيرًا أو شخصًا بالغًا، يمكننا أيضًا التكهّن فيما إذا كان شخصًا مستمتعًا، حزينًا، قلقًا، ودودًا أو حتّى إن كان شخصًا جذّابًا، ومن المرجّح أيضًا أننا سنبدأ بالتخمين حول إمكانيّة الوثوق في هذا الشخص، والخطوة الأولى كانت بدراسة فكرة مدى ارتباط أصوات الأشخاص بشكلٍ فعليٍّ مع سماتهم الشخصية”.
تضمنت الدراسة بياناتٍ تمَّ جمعها من 2000 شخصٍ من أربعِ دولٍ مختلفة، ولابدّ من الإشارة إلى كون هذه الدول قد شاركت مسبقًا في دراساتٍ مسبقةٍ ركّزت على مواضيع مغايرة.
تضمنت كل من تلك الدراسات استبياناتٍ تتعلّق أسئلتها بالسمات الشخصية والتسجيلات الصوتية.
حيث تمَّ تحليل تلك التسجيلات الصوتيّة ومن ثمَّ دراستها عن طريق “Praat” وهي برمجةٌ حددتْ تواترات أصوات التكلُّم للمشتركين.
تعتبر تلك الدراسة الأضخم التي تُجرى للبحث في هذا الموضوع والأولى من نوعها، حيث استخدمت طريقةً موضوعيةً لقياس درجة الصوت إن كان ذو “نبرةٍ عاليةٍ” أو “عميقةٍ” بدلاً من استخدام وسائل تصنيفات ذاتيةٍ شخصية، بعد ذلك تمّ مقارنة البيانات الواردة ضمن الاستبيانات مع التحليلات السابقة.
و بتحليل نتائج الدراسةِ يظهر بأنّ صفاتٍ مثل الميل إلى الرغبة في السيطرة، الانفتاح الاجتماعي، وزيادة تقبل فكرة إقامة علاقاتِ جنسية خارج إطار الزواج غالبًا ما يمتاز بها أصحابُ الصوت ذو النبرة المنخفضة، وهي نتيجةٌ تنطبق على الرجال والنساء على حدّ سواء وبمختلف الأعمار. جاءت النتائج السابقة متوافقةً مع نتائج لدراساتٍ سابقةِ أقلّ قوةً ضمن نفس الإطار.
كان من المستحيل تحديد الصور النمطيّة الأخرى، مثل ما إذا كان الصوت عالي النبرة يلمّح إلى العصبيّة، أو الانفتاح على التجارب الجديدة، أو التوافق مع البيانات الموجودة.
“صوتك لا يكشف جميع صفاتك”
دعونا لا ننسى بأنّ النتائج التي توصّلت إليها هذه الدراسة إنّما هي تعتمد استبياناتٍ تتضمّن إجاباتٍ شخصيّة وبالتّالي فهي محدودة المصداقيّة، ومن الوارد جدّاً أن تكون النتيجة التي تقول بأنَّ درجة صوتك مترافقة مع صفة الانفتاح الاجتماعي غير صحيحة وأنَّك لست كذلك، حيث يوجد الكثير من الأشخاص لم تنطبق عليهم النتائج العامّة للتجربة ومنهم “تيدي روزيفيلت” وهو شخصيّةٌ تتمتّع بدرجةٍ عاليةٍ من الانفتاح الاجتماعي وأيضًا يُعتَبرُ أنّه رجلٌ مسيطرٌ ولكنّ طبقةَ صوته منخفضةٌ تقريبًا، بالإضافة لكون البلدان المشمولة بالدراسة هي بلدانٌ أجنبيّة، وبالتّالي لا يمكن تعميم النتائج على جميع شعوب البلدان الاخرى.
اقترح القائمون على الدراسة بأنّه من المرجّح وجود رابطٍ بين نبرة الصوت وصفات الهيمنةِ عند الرجال ومستوى هرمون التيستيسترون لديهم، حيث أنَّ هذا الاقتراح مدعومٌ بدراساتٍ أخرى سابقةٍ لهذه الدراسة، ولكن من غير المفهوم وجود العلاقة السابقة عند النساء أيضًا.
كما واقترحوا أيضًا أنَّه من الممكن لدراساتٍ إضافيّةٍ ضمن هذا المجال أن تحدد فيما إذا كان هناك رابطٌ فيزيائيٌّ بين درجة صوت الإنسان وصفات شخصيّته، وتحدد أيضًا القدرة على إمكانية تأكيد هذه الصفات التي لم يتم اعتمادها بناءً على تقارير ذاتيةٍ.
- ترجمة: هزار ابراهيم
- تدقيق علمي ولغوي: روان نيوف
- المصادر: 1