كيف تواجه الموظّفين بمشكلة أدائهم الوظيفيّ الضعيف
ليس هناك مديرٌ يرغب بإجراء محادثاتٍ مزعجة وحرِجةٍ مع أعضاء فريقه، كما أنه ليس هناك موضوعاتٌ يصعب التطرق إليها أكثر من تلك التي تتناول ضعف الأداء.
أما عن القادة الجُدد -هؤلاء الذين قد تلقّوا استثمارًا ضخمًا ذو قيمة، ويواجهون مستوياتٍ جديدةً من النمو المُحتمل- فإنّ معالجةَ ضعف الأداء لدى أحد أعضاء الفريق ربما يبدو اختبارًا لهم، بقدر ما هو كذلك للموظف ذاته.
وفي الوقت نفسه، من الضروري التعامل مع مثل تلك المحادثات بحساسيةٍ وعقلانية، ولاسيّما في الوقت الحالي حيث نجد أنّ تسريح العمّال عبر القطاعات -ولاسيّما التكنولوجيّة منها- جعلَ الموظفين يتصرفون بحذر لكونهم على حافّة الهاوية، وهذا قد يؤدّي إلى تلقي ردود الفعل البنّاءة حول الأداء، بشكلٍ أكثر فجعًا وإيلامًا لدى البعض.
وقد يكون تحقيق التوازن بين مطالب العمل فيما يتعلق بالأداء والمعايير السلوكية مع المسؤولية والرعاية تجاه الموظفين حدًّا فاصلًا يصعب السير عليه، ولكن على القادة المضي قدمًا.
الخيار الخاطئ
لديك ثلاثة خياراتٍ منطقيّة عند مواجهة أيّة مشكلةٍ، بما في ذلك هذا النوع من المشكلات التي تطرأ على الأشخاص، وهي كالآتي:
- تقبّلْ المشكلةَ تمامًا بقلبٍ مطمئن، مع إدراكك أنّ بإمكانك إلى جانب عملك، التعايش والتأقلم مع هذه المشكلة.
- ابتعدْ عن المشكلة، ودع الموظّف أو العميل ينطلق ويشتري حصّة الشريك أو المستثمر.
- افعلْ شيئًا لتغيير مسار المشكلة، وفي الواقع الشيء الوحيد الذي يمكنك تغييره هو ما تفكر به أو تفعله أو تقوله.
وهذه هي الخيارات المنطقية التي أشرنا إليها.
ومع ذلك فإنّ معظمنا ينتقي الخيار غير المنطقي وغير المجدي، ألا وهو: (لا نفعل شيئًا، نشتكي لأصدقائنا، ونراعي استياءنا، أو ننتظر أن يتغير الشخص الآخر بأعجوبة). في الواقع، هذا الخيار غيرُ مجدٍ لك أو للشركة على الإطلاق. ربما يُسكِّن غرورك ولكنّه لا يحل المشكلات التي تواجهك.
وفي حال قررت أنت أو الشركة أنه لا يمكنك انتقاء الخيار الأول لقبول المشكلة لأنّه – وعلى سبيل المثال- وصل ضعف الأداء لدرجةٍ عالية للغاية، ولا يمكنك اتخاذ الخيار الثاني والابتعاد لأنّ العلاقة مهمة للغاية -مثلاً-، فلديك حينئذٍ الخيار الثالث ألا وهو: “تغيير ما تفكر به أو تفعله أو تقوله”.
وتُعد إجراء المحادثات الصارمة والحازمة إحدى التحديات التي يحاول القادة التغلّب عليها، فمعظمنا يتجنّبُ المحادثات التي الشاقّة، لأننا لا نحبّ الصراع وإزعاج الآخرين.
في الواقع، ينجم الضرر الأكبر عن تجنّب تلك المناقشات، أو إجرائها بشكلٍ سيّء، وبمجرّد أن تعرف كيفيّة الوصول إلى العقلية الصحيحة لعقد محادثةٍ حامية، وكيف تُنسّق ما ستقوله، فإن تلك المحادثات لن تكون حاميةً وقاسية على الإطلاق.
الانخراط في العقلية السليمة
عندما تستعد لأيّ محادثةٍ إدارية تبدو شاقّة، ضَعْ في اعتبارك ما يمكن أن يُطلق عليه صيغة العقلية الإدارية:
العقلية الإدارية= شجاع + عطوف + نقي ونظيف.
وسنجد تفسير هذه الصيغة على النحو الآتي:
▪️يحتاجُ فريقك أن تُقدّم له ملاحظاتٍ صادقة وبنّاءة حول أدائه الجيد، وما يمكنه القيام به على نحوٍ أفضل، وبالتالي فعليك أن تضع احتياجهم لتلك الملاحظات البنّاءة فوق ما تشعر به من عدم ارتياحٍ وقلقٍ حِيال تلك المحادثات، وبذلك تكون شجاعًا.
▪️إذا كانت المرة الوحيدة التي تُقدّم فيها الملاحظات هي حينما تسير الأمور على نحوٍ سيء فتشعر بالإحباط، حينها لن تساعد في تحسين تقاريرك، ومن ثمّ فلابد أن يكون هناك إطراءٌ صادقٌ وعلاماتُ تقديرٍ قويّة تساعدُ في تشكيل السلوك كنوعٍ من النقد البنّاء، وبذلك تكون عطوفًا.
▪️عليك أن تستخدم أسلوبًا نقيًّا ونظيفًا بدلًا من الأسلوب المشحون والمُثقّل عند الإدارة، فالأسلوب المشحون والمُثقّل هو أسلوبٌ انفعاليّ بدرجةٍ كبيرة، ويمكن أن يُفضي إلى رد فعلٍ دفاعي، أمّا الأسلوب النظيف النقي ينتزع الكثير من الأحكام والاتهامات والانفعال العاطفي من الحوار البنّاء، وبذلك تكون نقيًّا ونظيفًا.
شارك الآراء بطريقةٍ تراعي المشاعر
في المرة التالية التي تلاحظ فيها سلوكًا غير مجدٍ من أحد أعضاء الفريق، فتقرر حينها أنه يتعيّن عليك مواجهة ذلك السلوك، يجب أن تُجرّب فعل ذلك بثلاث خطواتٍ:
الخطوة الأولى: (قُمْ بإعداد الملاحظات).
- تأكد أنّك في الوضع الصحيح، وكُنْ هادئًا وبنّاءً وموجّهًا تركيزك على المستقبل، قد يساعدك أحيانًا التدريب على القيام بذلك.
- قُمْ بإعداد ما لديك من تعقيباتٍ وملاحظات، على أن تكون مُحدّدًا وموجّهًا تركيزك على الأفعال وليس الشخصيات.
- ابدأ بالإجابة على الأسئلة الآتية:
- ماذا فعل الفرد؟ وهنا يجب أن تكون محددًا في إجابتك، فعلى سبيل المثال تقول: “لقد أداروا أعينهم في الاجتماع الذي عُقِد صباح اليوم”، ولا تقل: “إنهم كانوا غير محترمين طوال الوقت على الإطلاق”.
- ما هو تأثير ذلك السلوك أو الفعل عليك وعلى الفريق والاجتماع والعمل؟
- ما الذي تودّ أن يفعله الفرد على نحوٍ أكثر أو أقل في المستقبل؟
الخطوة الثانية: (تقديم الملاحظات بالإشارة إلى فردٍ بعينه).
من المهم ألّا تنهال الملاحظات والتعقيبات على شخصٍ ليس هناك مجال للشك حوله، بل أشِرْ إلى أولئك الأفراد الذين تودّ إجراء محادثةٍ معهم لتقديم تلك الملاحظات إليهم. وعلى سبيل المثال: [ابعثْ رسالةً عبر البريد الإلكتروني، قائلا بها: “دعونا نحدد موعدًا كي نتحدث عمّا جرى في اجتماع اليوم، فأنا أودُّ أن أشارككم بعض الملاحظات، وأتناقش معكم حول كيفيّة تحسين الأمور للمضي قدمًا” ].
الخطوة الثالثة: (تقديم الملاحظات).
عندما تجلس مع الفرد، اجعل أسلوب الحديث بنّاءً وركّز خلاله على الحلول، وافعل ذلك بتكرار ما قلته حرفيًّا في البريد الإلكتروني الذي أرسلته. وبعد ذلك، قُمْ بتقديم ملاحظاتك مستخدمًا الإطار العام الآتي:
“عندما. .. (أداء عملهم)، كان التأثير… (خبرتك)، وطلبي بشأن المضي قدمًا هو… (الحل المرجوّ الذي قدمته)”.
على سبيل المثال: “عندما أدرتَ عينيك، شعرتُ بعدم الارتياح، ولاحظتُ أن الفريق يتنقّل على نحوٍ غير مريحٍ في مقاعده. وما أطلبه للمضي قدمًا هو أن تظلّ مدركًا لتأثير سلوكك، أو أن تجهر بصوتك إن كنت لستَ موافقًا عمّا أقول، أو تتحدث معي على انفرادٍ إن كنتَ محبطًا أو غاضبًا”.
وعند الحديث عن تأثير سلوك الشخص، لا تحدث فقط عمّا شعرت به أو لاحظته، إذ أنّه لا يمكنك الحديث عما شعر به الآخرون أو أدركه وأنت لا تريد أن تجد نفسك منخرِطًا في نقاشٍ يدور حول رأي الفريق في سلوك الشخص.
استخدم الأسلوب النظيف النقي، وتجنب كلماتٍ، مثل: “يجب”، و”دائمًا”، و”أبدًا”، و”أنت” الاتّهامية. وابدأ الجمل بضمير المتكلّم “أنا”، محتفّظًا بنبرة صوتٍ حياديّةٍ وهادئة. فعبارة: “أنا قَلِقٌ بشأن قلّة انتباهك خلال الاجتماعات، وتأثيره على الفريق”، تختلف كثيرًا عن قولك المشحون المُثقّل: “إنك دائمًا تتحقق من هاتفك ولا تنتبه أبدًا، وهذا يزعج الجميع”، حتى لو كانت العبارة الأخيرة هي ما تريد قوله بالضبط!
اجعلْ هدفك هو إبقاء المحادثات هادئةً وبنّاءةً وموجّهةً نحو الحلول. وإذا بدأ الفرد يدافع أو يجادل، فاعكسْ ذلك عليه، ثُم قُمْ بتقديم الملاحظات ذات الثلاث خطواتٍ المذكورة أعلاه، كالآتي: “إنني ألاحظ أن هذه المحادثة قد احتدمت، ولا أريد سوى العودة إلى تعليقي الأول، وهو: (عندما أنت… كان التأثير…ومطلبي هو…)”. وإذا كان الفرد شديد الانفعال والدفاعية، اقترحْ أن تتوقف المحادثة مؤقتًا، وأن يتم الاستئناف وقتما يصبح في حالةٍ أكثر هدوءًا.
أمّا عن القادة الجُدد، ولاسيّما مَن يرتقون سريعًا بأعمالهم التجارية -الذين يتعلّمون مهاراتهم الإدارية والتشغيلية أثناء العمل عند انطلاق شركتهم- فهذه المحادثات الشّاقة تُمثّل أوّلَ خطوةٍ تجاه التطور الحقيقي كقائد. وفي أوقاتٍ يشوبها عدم اليقين كهذه، سيصبح الموظفون أكثر حذرًا، وربما يصبحون شديدي الحساسيةِ والتأثّر. ويُعدّ إدراك ذلك -على الرغم من المضي قدمًا في إجراء مناقشات شاقّة وحَرِجة- إشارةً إلى أنّ هناك قائدٌ قوي قيْد الإعداد.
- ترجمة: مها عيد يماني
- تدقيق علمي ولغوي: روان نيوف
- المصادر: 1