ندم كبار السن الأمريكيين بسبب التقاعد
في أي سن يجب أن تتقاعد؟ ومتى يجب أن تبدأ في تحصيل الضمان الاجتماعي؟ وهل ستحتاج إلى العمل بدوام جزئي عند التقاعد؟
يطرح ملايين الأمريكيين هذه الأسئلة، وقد أخبر بعضهم موقع بيزنس إنسايدر عن الأمور التي أدركوها في استطلاع رأي طوعي للقراء. وعلى مدى الشهرين الماضيين، شارك أكثر من 1700 أمريكي تتراوح أعمارهم بين 48 و90 عامًا مع بيزنس إنسايدر أكثر الأشياء التي تشعرهم بالندم.
تحدث بضع عشرات من هؤلاء المشاركين في الاستطلاع عن الأخطاء التي ارتكبوها في أثناء التنقل بين المهن في سنوات تقاعدهم.
ومن بين الأمور التي ندموا عليها هي التقاعد المبكر جدًا، والحصول على مزايا الضمان الاجتماعي قبل الأوان، واستنزاف مدخرات التقاعد بسرعة كبيرة. وقال آخرون إن أحداث الحياة التي ليس بالإمكان تفاديها مثل وفاة الزوج أو حالة طبية طارئة قد أعاقتهم. وتمنى العديد منهم لو أنهم احتفظوا بوظائفهم لفترة أطول أو فهموا بشكل أفضل كيف يمكن للمصاريف المفاجئة أن تستنزف أموالهم. وتحدث عدد قليل منهم عن اكتشاف المجتمع – وأنفسهم – في التقاعد.
إليكم بعضًا من قصصهم:
انتكاسات مالية وطبية غير متوقعة:
تندم كاثلين رود، البالغة من العمر 74 عامًا، على تقاعدها وعدم وجود سند لها عندما تدهورت صحتها.
فقد أمضت رود حياتها المهنية في الإدارة في مجال تقديم الطعام، ثم عملت لاحقًا كطاهية تنفيذية. وبحلول عام 2008، كان لديها نحو 60,000 دولار أمريكي مدخر في حساب 401 (ك). وفقد هذا الحساب 40% من قيمته في فترة الركود العظيم، وقالت إنه لم يتعافَ أبدًا.
ومع أنها كانت تمتلك حسابات تقاعد، لكن لم تكن لديها مخططات جدية للتقاعد في المدى القريب.
وقالت رود لمجلة BI: «لا أعتقد أنني فكرت في التقاعد حتى السنوات العشر الأخيرة على الأرجح، وذلك لأنه ليس لدي أطفال أو أي شخص أهتم بترك إرث له».
في الثانية والستين من عمرها، تقاعدت من وظيفة براتب سنوي يقارب 60,000 دولار أمريكي واختارت الحصول على الضمان الاجتماعي مبكرًا. وحصلت على 1290 دولارًا شهريًا، أي أقل بنحو 400 دولار شهريًا مما لو كانت قد انتظرت حتى سن 67. وبسبب القيود المفروضة على دخلها من الضمان الاجتماعي، اختارت العمل كطاهية خاصة براتب يقارب نصف راتب وظيفتها السابقة ووظيفة بدوام جزئي كموظفة مبيعات حتى بلغت ال 70 عامًا.
والآن، لديها 40,000 دولار فقط في مدخراتها وتعتمد على أموال من بيع منزل اشترته مع شقيقتها في كولورادو عندما تقاعدت في البداية. وقد أدى دخولها المستشفى بسبب انهيار الرئة ونزيف في المخ ومشاكل في الأمعاء إلى استنزاف مالها.
وقالت رود في إشارة إلى وظيفتها كطاهية تنفيذية: «ما كان يجب أن أترك تلك الوظيفة أبدًا، وكان يجب أن أبقى في العمل».
قال ديفيد جون، كبير مستشاري السياسات الاستراتيجية في الرابطة الأمريكية للمتقاعدين الأمريكيين، لمجلة BI: «إن توقعات الأمريكيين كبار السن بخصوص فترة التقاعد لا تتطابق في كثير من الأحيان مع الواقع. حتى أولئك الذين يستعدون للتقاعد غالبًا لا يعرفون متى هو الوقت المناسب للتقاعد أو كيفية التعامل معه من الناحية المالية».
وقال جون: «يوجد قول مأثور يقول (العجلة أمُّ الندامة)، ويبدو أن هذا ينطبق بالتأكيد على العديد من هذه المواقف، ومن الناحية العملية، فإن التقاعد في الأساس يمكن تشبيهه ببلد أجنبي. يمكننا أن نقرأ عنه، ونتحدث عنه، ولكن لن ندرك الواقع بحذافيره مالم نصل إليه بالفعل، مالم نتقاعد بالفعل».
التقاعد المبكر والإنفاق أكثر من اللازم:
قالت ميستي ميلر، والبالغة من العمر65 عامًا، إنها تقاعدت مبكرًا جدًا. وندمت على ذلك بعد أسبوع واحد فقط.
عملت ميلر كمساعدة قانونية ومحللة قانونية في القطاعين الخاص والعام قبل أن تتقاعد في سن 58، بثروة تقدر بحوالي 700,000 دولار في حسابات تقاعدها. وعاشت حياةً مقتصدة في أثناء عملها، إذ كانت تقود السيارة نفسها لمدة 26 عامًا، ونادرًا ما كانت تنفق على الكماليات مثل الذهاب إلى صالون التجميل. وحسبت نفقاتها للعقود القليلة التالية، وتقاعدت بشيك تقاعد شهري يبلغ حوالي 4,000 دولار. ومع ذلك، وبعد تقاعدها، قالت إن عاداتها المقتصدة اختفت حالما أحيلت للتقاعد.
سحبت السيدة المقيمة في ساكرامنتو أموالًا من حساب ال 401(ك) الخاص بها لدفع دفعة أولى لمنزل على الشاطئ بقيمة 515,000 دولار أمريكي. ثم باعت هي وزوجها المنزل في عام 2020 وانتقلت إلى منزل بقيمة 488,000 دولار في إحدى ضواحي ساكرامنتو ذاتها، ودفعت خمسة أضعاف ضرائب العقارات التي دفعتها في عقار ساكرامنتو الأول.
قالت ميلر: «أنا أعيش في منزل باهظ الثمن ولكنني لا أملك المال، لذا اضطررت إلى العودة إلى العمل». «لقد التزمت بنمط حياة اقتصادي حتى هذه اللحظة، ثم فقدت عقلي».
ومع انخفاض مدخراتها التقاعدية بمقدار الثلث تقريبًا لتصل إلى 450,000 دولار، بسبب نفقات شراء المنازل والنفقات الأخرى عادت ميلر إلى العمل في الولاية، حيث كانت تعمل قبل تقاعدها وقالت إنها كانت قلقة من عدم قدرة معاشها التقاعدي على تغطية جميع نفقاتها.
وقالت ميلر: «أخطط للبقاء في العمل حتى يحملوني في نعش»، مضيفة أنها تتمنى لو أنها لم تتقاعد أبدًا.
قال جون، من رابطة المتقاعدين الأمريكية، إن المتقاعدين يرتكبون ثلاثة أخطاء شائعة أثناء العملية. فالخطأ الأول هو أخذ أكثر مما ينبغي من استثماراتهم التقاعدية، مما يتركهم بأموال غير كافية لتلبية احتياجاتهم اليومية في المستقبل. أما الثاني فهو العكس: أي العمل لفترة أطول والادخار أكثر من اللازم، وحرمان أنفسهم خوفًا من عدم امتلاك ما يكفيهم. أما الثالث فكان شائعًا بين المشاركين في استطلاع BI: ألا وهو افتراض أن بإمكانهم تأجيل القرارات المالية حتى فوات الأوان، والقيام بأشياء مثل المماطلة في وضع صندوق للطوارئ أو الاعتماد بصورة كبيرة على الضمان الاجتماعي.
قال جون: «يحتاج الناس إلى اتخاذ قرارات معينة في سن متقدمة، ويجدون أنه لم تعد لديهم المرونة، أي الأصول المالية، اللازمة لاتخاذ هذا النوع من القرارات».
صرف أموال الضمان الاجتماعي بسرعة كبيرة:
حصلت شارون، البالغة من العمر 77 عامًا، على الضمان الاجتماعي في وقت مبكر جدًا، مما دفعها إلى الرجوع عن تقاعدها والعودة للعمل لتغطية النفقات.
كانت هذه السيدة المقيمة في أتلانتا، والتي طلبت استخدام اسمها الأوسط لأسباب تتعلق بالخصوصية، تعمل معلمة ولكنها تقاعدت في عام 2001 بعد طلاقها ووفاة والديها. وعملت في بعض الوظائف المؤقتة في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، واستثمرت الكثير من ميراثها في السوق. وعندما انهار السوق في عام 2008، خسرت ما يقرب من نصف أصولها البالغة 725,000 دولار.
وقالت شارون: «أصبحت خائفة جدًا من سوق الأسهم، وخائفة مما يجب القيام به، ولم أكن أثق في النصائح التي كنت أحصل عليها من الناس، واتخذت الكثير من القرارات المالية السيئة».
ولإخراج نفسها من هذا الوضع، حصلت على الضمان الاجتماعي في سن ال 62 بدلًا من الانتظار حتى سن ال 67. وقالت إن وضعها المالي تدهور عندما وصلت إلى منتصف الستينيات من عمرها، لذا عادت إلى العمل كمدرسة، وكسبت أجرًا ضئيلًا جدًا. وأدت سلسلة من المشاكل الصحية وتضرر منزلها إلى عدم حصولها على 936 دولارًا أمريكيًا من الضمان الاجتماعي كل شهر، وأصبح لديها أقل من 100,000 دولار أمريكي من الأصول الجارية.
قالت شارون: «لو أن أحدًا ما قال لي: لا تأخذي الضمان الاجتماعي مبكرًا، ولا تستثمري أموالك بهذه الطريقة. لو كان لدي شخص ما وجهني بالفعل في ذلك الوقت، لربما ما كنت في هذا الوضع الرهيب لأنه بحلول عام 2030، ستنفد أموالي بسهولة».
قال جون إن قرابة 22% من الأشخاص كان لديهم خطة مالية قبل التقاعد، في حين أن 33% فقط كان لديهم خطة مالية بعد التقاعد. وقال جون: «الناس غير معتادين على هذه المرحلة، ويرجع سبب ذلك جزئيًا إلى أنهم يشعرون بالراحة في التعامل مع القلق الغامض أكثر من التعامل مع الحقائق الثابتة التي يحتاجون إلى إيجاد حلول لها».
العودة إلى العمل والبقاء مشغولين:
بالنسبة للعديد من كبار السن الأمريكيين، لا تتعلق أخطاء التقاعد بالأمور المالية. فقد قال العشرات لمجلة BI إنهم عادوا إلى العمل بعد أن اكتشفوا أن التقاعد كان يشعرهم بالوحدة أو أدخلهم بروتين ممل ورتيب. وفي حين أن البعض قد يتصور أن التقاعد هو عبارة عن الجلوس على الشاطئ أو لعب الغولف، قال جون أن الكثيرين ما زالوا يشعرون برغبة ملحة للعودة إلى المكتب.
وقال جون: لدى الكثير من الناس شبكة اجتماعية مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بحياتهم العملية، وبمجرد خروجهم من هذه الشبكة فكثير منهم يشعر بالوحدة وكبر السن ولا يعودون جزءًا من الأحاديث».
ومع ذلك، كان لدى بعض المشاركين نظرة أكثر إيجابية حول كيفية تغيير التقاعد لأسلوب حياتهم الاجتماعية. وقال العديد منهم إنهم بدؤوا مشاريع يملكون الشغف تجاهها واستخدموا فترة تقاعدهم للتركيز على أنفسهم وإعادة اكتشاف الأشياء التي يحبونها.
سيندي كوهلي والتي تبلغ من العمر 64 عامًا، تحصل على تأمين الضمان الاجتماعي للإعاقة منذ عام 1990. وهي تتلقى الآن 1,614 دولارًا شهريًا ما بين تأمين الضمان الاجتماعي للإعاقة وتعويضات العجز من شؤون المحاربين القدامى. وقد ربّت هذه السيدة المقيمة في أريزونا، ثلاثة أطفال كأم عزباء وطورت تدريجيًا استراتيجيات لتوفير التكاليف.
ومع ذلك، كان أحد أكبر الأشياء التي تندم عليها هي عدم وضع نفسها في المقام الأول.، فقد قالت: «أنا من الأشخاص الذين.
يضعون الآخرين دائمًا في المقام الأول، ولم أفكر أبدًا في نفسي، كانت هناك فترات من حياتي لم أشترِ فيها ملابس لنفسي، ولم أعتنِ بنفسي».
وفي سنوات تقاعدها، تعلمت أن تعيد ترتيب أولوياتها. فهي تقضي بضع ساعات كل أسبوع في قراءة المقالات المالية، والقيام بأعمال شبه قانونية مجانية من حين لآخر، وتحديد أولويات هواياتها.
تقول كوهلي: «من الغريب أن التحدي الأكبر الذي يواجهني الآن هو إعادة اكتشاف هدفي لأنه في الماضي كان مساعدة الناس بأي طريقة ممكنة». «يشتكي الكثير من الناس من أن دخلهم المحدود يمنعهم من الذهاب إلى الأماكن التي اعتادوا الذهاب إليها. ولكن في الواقع، عليهم فقط أن يتأقلموا ويجدوا أشياء جديدة يفعلونها».
- ترجمة: زينب كندسلي/Zainab Kendasli
- تدقيق علمي ولغوي: فريال حنا
- المصادر: 1