اكتشاف اختلاف جيني غير عادي لدى الأشخاص الذين يعيشون حتى 105 سنوات

هل تريد أن تعيش لأكثر من 100 عام؟ إذاً فقد تحتاج إلى إصلاح جيني غير عادي.

قام الباحثون بإجراء تحليلات جينية على 81 إيطاليًا تجاوزت أعمارهم 105 سنوات، اكتشفوا من خلالها خمسة اختلافات جينية غير عادية. تعزى هذه الاختلافات إلى عملية إصلاح الحمض النووي الروتينية، والتي تبدو أنها تعمل بشكل استثنائي عند هؤلاء الأشخاص.

أقدم شخص على قيد الحياة هي «كين تاناكا من فوكوك، اليابان » والتي احتفلت مؤخرًا بعيد ميلادها ال118، وهي من الأشخاص القلائل الذين يعيشون حتى سن 105 سنوات أو أكثر الذين يطلق عليهم اسم «أشباه المعمرين الفائقين» (المعمرون الفائقون يعيشون حتى عمر 110 سنوات أو أكثر).

كشفت دراسة حديثة نشرت في العدد الخاص من مجلة eLife تحت عنوان «الشيخوخة: بين علم التقدم في العمر وطول العمر» عن اكتشاف قد يفسر سر العمر المديد لفئة «أشباه المعمرين الفائقين» (أولئك الذين يعيشون لأكثر من 105 أعوام). حيث توصل الباحثون إلى أن الحمض النووي لهؤلاء الأشخاص يتميز بقدرة استثنائية على إصلاح نفسه ذاتيًا.

قام الباحثون بتطويع 81 شخصًا للتحليل الجيني من جميع أنحاء إيطاليا. كان بعض المشاركين من أشباه المعمرين الفائقين والبعض الآخر من المعمرين الفائقين. قارن الباحثون التكوين الجيني للمتطوعين الأكبر سنًا مع 36 شخصًا ذوي صحة جيدة من نفس المناطق الذين كانوا يبلغون 68 عامًا، بزيادة أو نقصان 5.9 سنوات.

يشرح المؤلف الأول للدراسة، باولو جاراغناني من جامعة بولونيا:

«الشيخوخة هي عامل خطر شائع للعديد من الأمراض والحالات المزمنة. اخترنا دراسة التركيب الجيني لمجموعة من الأشخاص الذين عاشوا لأكثر من 105 سنوات ومقارنتهم بمجموعة من البالغين الأصغر سنًا من نفس المنطقة في إيطاليا، إذ يميل الأشخاص في هذه الفئة العمرية الأصغر إلى تجنب العديد من الأمراض المرتبطة بالعمر، وبالتالي فهم يمثلون أفضل مثال على الشيخوخة الصحية».

قام مؤلفو الدراسة بجمع عينات دم من كلا المجموعتين وأجروا تسلسل الجينوم الكامل. إضافة إلى ذلك، قارنوا نتائجهم بالاستنتاجات المستخلصة من الأبحاث المنشورة سابقًا التي تصف التركيبة الجينية ل333 إيطاليًا تزيد أعمارهم عن 100 عام و358 شخصًا يبلغون حوالي 60 عامًا.

قال ماسيمو ديلدون« المؤلف المشارك الأول للبحث الجديد من جامعة فيرونا»: «شكلت هذه الدراسة أول تسلسل كامل للجينوم لفئة المعمّرين ذوي الأعمار الفائقة بدقة عالية مما سمح لنا بتحليل التغيرات الجينية الموروثة وتلك التي تحدث بشكل طبيعي لدى كبار السن».

الجينات هي السر

اكتشف الباحثون خمسة تغيرات جينية غير عادية في أشباه المعمرين الفائقين وبعض المعمرين الفائقين، كانت موجودة غالبًا في جينين هما COA1 وSTK17 A، وهي بيانات كانت متسقة مع الأبحاث السابقة.

الأكثر إثارة للاهتمام، يبدو أن التغيرات الجينية مرتبطة بزيادة نشاط جين STK17 A في بعض الأنسجة، وهو جين يشترك في ثلاث أنشطة حيوية لإصلاح الخلايا منها:

– إدارة استجابة الخلايا لأضرار الحمض النووي.

– دفع الخلايا التالفة بشدة إلى الموت.

– التحكم في كمية الأنواع التفاعلية من الأكسجين في الخلية.

إن الخلايا التي تعجز عن أداء هذه الأنشطة الإصلاحية هي أكثر عرضة لأن تصبح خلايا سرطانية.

يتعلق جين COA1 بإنتاج الطاقة من خلال تعزيز التواصل بين نواة الخلية والميتوكوندريا. يعتقد الباحثون أن المتغيرات الجينية التي اكتشفوها تقلل من مستوى نشاط COA1، مما يقلل بدوره من إنتاج الطاقة وبالتالي من الشيخوخة.

(واحدة من النظريات الرائدة في الشيخوخة هي أن إنتاج الطاقة يولد أنواعًا تفاعلية من الأكسجين التي تلحق الضرر بالخلايا وتعزز الشيخوخة).

في النهاية لاحظ الباحثون أن المتغيرات الجينية التي حددوها ترتبط أيضًا بزيادة تعبير جين BLVRA في بعض الأنسجة. هذا الجين يشارك أيضًا في التخلص من الأنواع التفاعلية الضارة من الأكسجين.

يختتم المؤلف الرئيسي للدراسة كلاوديو فرانشسكي من جامعة بولونيا بالقول: «تشير نتائجنا إلى أن آليات إصلاح الحمض النووي والحمل المنخفض من الطفرات في جينات محددة هما آليتان رئيسيتان لحماية الأشخاص الذين وصلوا إلى عمر طويل جدًا من الأمراض المرتبطة بالعمر».

  • ترجمة: عبد الرحمن موسى
  • تدقيق علمي ولغوي: حلا سليمان
  • المصادر: 1