أكثر من نصف اشكال الحياة على الأرض موجودة في التربة، إليك سبب أهمية ذلك

وجدت دراسة حديثة أن التربة هي موطن ل 59% من مجمل أشكال الحياة على الأرض، بدءًا من حشرة تتغذى على سطح التربة إلى ميكروب صغير يقبع في مسامها. هذا الاكتشاف يجعل التربة الموطن الأكثر تنوعًا بيولوجيًا على هذا الكوكب.

تقدر الدراسة أن حوالي مليوني نوع من المفصليات (مثل الحشرات والعناكب) تعيش في التربة، أي حوالي 30% من جميع أنواع المفصليات المعروفة. هناك عدد أقل بكثير من الأنواع المتخصصة في التربة مثل enchytraeidae (التي تشبه ديدان الأرض الصغيرة) وoligochaeta (الديدان)، مع 770 و6000 نوع فقط على التوالي. قد لا يبدو هذا كثيرًا، لكنه لا يزال يمثل حوالي 98% و63% من هذه المجموعات الحيوانية.

وبالمقارنة، فإن تنوع الثدييات التي تعيش في التربة محدود للغاية. 3.8% فقط من أنواع الثدييات يرتبط بهذا الموطن. ومن ناحية أخرى، فإن 85% من النباتات لها جذور مدفونة في التربة وحوالي 43% من أنواع الديدان الخيطية (الديدان الصغيرة) تعتبر التربة موطنًا لها، أو تتواجد داخل النباتات والحيوانات التي تعيش فيها.

ومع ذلك، فإن عدد الأنواع الحيوانية والنباتية التي تعيش في التربة يتضاءل أمام الكائنات المجهرية. يقدر الباحثون أن هناك 430 مليون نوع (أو أكثر من 50%) من البكتيريا و5.6 مليون نوع (أو 90%) من الفطريات قد اتخذت من التربة موطنًا لها.

ولكن ربما تكون الوظائف التي يؤديها هذا التنوع البيولوجي أكثر أهمية من الأرقام الأولية. إن الحياة داخل التربة لا تساعد فقط في إنتاج الطعام الذي نأكله، ولكنها تلعب أيضًا دورًا أساسيًا في الحفاظ على تماسك التربة وتمنحنا مصادر محتملة للمضادات الحيوية والأدوية الجديدة.

مساعدة النباتات على النمو:

تقوم الحيوانات الصغيرة، بما في ذلك ديدان الأرض وspringtails (نوع من الحشرات التي لا تملك أجنحة وتنتمي لنوع كوليمبولا collembola)، بتكسير المواد النباتية وغيرها من أشكال المواد العضوية، مثل الحشرات الميتة، ودمجها في التربة. ينتج عن هذه العملية العناصر الغذائية التي تعتمد عليها معظم النباتات في النمو. ولكنها ليست الطريقة الوحيدة التي تساعد بها كائنات التربة النباتات على اكتساب المزيد من التغذية.

على سبيل المثال، فطريات الميكوريزا (نوع من الفطريات التي تنمو بالاشتراك مع جذور النباتات) تغرس نفسها في جذور النباتات حيث تستخرج مركبات غنية بالطاقة. وفي المقابل، تساعد الفطريات النباتات على توسيع نطاق وصولها داخل التربة، مما يسمح لها بالوصول إلى كمية أكبر من العناصر الغذائية.

وتشمل البكتيريا المثبتة للنيتروجين الأنواع الأخرى التي تعتبر حيوية لإنتاج الغذاء والتي ترتبط عادة بالبقوليات مثل الفول والبرسيم. تقوم هذه البكتيريا بتحويل غاز النيتروجين من الغلاف الجوي إلى مركبات يمكن للنباتات استخدامها وهي مهمة لا يمكن القيام بها إلا صناعيًا باستخدام كميات هائلة من الطاقة.

تماسك التربة:

عندما تخترق الكائنات الحية التربة، سواء عن طريق الحفر أو إنشاء أعشاش أو كوسيلة لترسيخ نفسها، فإنها تقوم بحفر مسارات عبر التربة وتساهم في بنيتها. ومن الأمثلة البارزة النمل الأبيض الذي يعيد ترتيب التربة لإنشاء قنوات لترشيح الهواء والماء من خلالها، بالإضافة إلى الجذور والشعيرات الجذرية التي تتشابك مع التربة.

إن دمج المواد النباتية المتحللة في التربة يخدم هدفًا مهمًا آخر فهو يساعد على تماسك التربة، ويخلق المسام التي تحمي التربة من الانجراف، وتزيد من قدرتها على تخزين المياه.

كما يتم احتجاز بعض هذه المواد العضوية بعيدًا مع معادن التربة مما يؤدي إلى تخزين الكربون. في الواقع، تحتوي التربة على ثلاثة أضعاف كمية الكربون التي تحتوي عليها النباتات، وضعف كمية الكربون الموجودة في الغلاف الجوي.

التنوع البيولوجي يزيد من القدرة على التحمل

في كثير من الحالات، تشمل هذه الوظائف مجموعة متنوعة من الأجناس ووجود أنواع متعددة منها تؤدي نفس الوظيفة يوفر شبكة أمان للبيئة في حال تغيرت الظروف، كما هو الحال أثناء الجفاف أو الفيضان.

بعض الأجناس أكثر مرونة من غيرها في مواجهة هذه الأحداث. عندما تتغير الظروف، يمكن للكائنات الحية غير المتأثرة داخل التربة أن تتدخل لأداء نفس الوظائف التي قد تكون عانت منها الكائنات الأخرى، وهي عملية يطلق عليها علماء البيئة “التكرار الوظيفي”. وهذا يحسن قدرة أي نظام بيئي، مثل التربة، على تحمل الصدمات البيئية والتعافي منها.

ويشكل التنوع البيولوجي للتربة أيضًا مستودعًا رئيسيًا للأدوية الجديدة. أنتجت بكتيريا التربة معظم المضادات الحيوية لدينا، بما في ذلك الستربتوميسين، والكلورامفينيكول، والتتراسيكلين. لسوء الحظ، أدى ظهور مقاومة المضادات الحيوية إلى جعل العديد من المضادات الحيوية القديمة غير فعالة. ومع ذلك، فإن البحث في أنواع التربة المختلفة يؤدي إلى ظهور مضادات حيوية جديدة واعدة لديها القدرة على قتل “الجراثيم الخارقة” المقاومة للأدوية الموجودة.

يلعب التنوع البيولوجي للتربة دورًا مهمًا في إنتاج الغذاء الذي نأكله، والحفاظ على صحة التربة والمساعدة في تقديم مجموعة من الخدمات الأخرى، بدءًا من الحصول على الأدوية إلى الحد من تأثير الفيضانات وموجات الجفاف. أصبحت أهمية حماية تربتنا للأجيال القادمة أكثر وضوحًا من أي وقت مضى.

  • ترجمة: عبير ياسين
  • تدقيق لغوي: سفوك حجي
  • المصادر: 1