تتفوق الحيوانات المنوية المتعاونة على المنفردة في سباق التزاوج، إذ تساعد السباحة في مجموعات على بقائها في المسار داخل الجهاز التناسلي

الحيوانات المنوية للثيران التي تتجمع في مجموعات من إثنين أو أكثر تسبح في خط أكثر استقامة ومباشرة مقارنةً بالحيوانات المنوية الفردية أثناء رحلتها لتخصيب البويضة.

حتى الحيوانات المنوية تحتاج إلى التعاون.

تكشف دراسة جديدة أن الحيوانات المنوية للثيران تسبح بفعالية أكبر عندما تكون في مجموعات، مما قد يوفر رؤى حول الخصوبة لدى البشر. ففي محاكاة للمسالك التناسلية للحيوانات مثل الأبقار والبشر، يزيد هذا السلوك من فرص تفوق مجموعات الحيوانات المنوية المتعاونة على نظيراتها المنفردة المتعرجة أثناء سباقها لتخصيب البويضة، وفقًا لما أفاد به الفيزيائي تشيه-كوان تونغ وزملاؤه في 22 سبتمبر في مجلة Frontiers in Cell and Developmental Biology.

ولا تعود فوائد التجمع إلى السرعة المطلقة. يقول تونغ، من جامعة نورث كارولينا الزراعية والتقنية في غرينزبورو: “إنها ليست أسرع. من حيث السرعة، فهي إما مماثلة أو أبطأ من الحيوانات المنوية التي تسبح بمفردها.” مثل مجموعات السلاحف التي تتسابق ضد الأرانب المنفردة، لا يكون الفائزون بالضرورة الأسرع، بل أولئك الذين يستطيعون البقاء على المسار الصحيح.

عند السباحة بمفردها، تميل الحيوانات المنوية إلى اتباع مسارات منحنية، وهو ما يشكل مشكلة، لأن أقصر مسافة بين نقطتين هي الخط المستقيم. لكن عندما تتجمع في مجموعات من اثنين أو أكثر، تسبح في مسارات أكثر استقامة. وقد رصد بعض الباحثين نفس السلوك في دراسة سابقة، حيث تتبعوا حركة الحيوانات المنوية في سوائل ثابتة.

ورغم أن هذا السلوك قد يمنح الحيوانات المنوية المتجمعة ميزة، إلا أنه لن يكون مفيدًا إلا إذا كانت تسير في الاتجاه الصحيح. ولم تتضح الفوائد الأخرى لتجمع الحيوانات المنوية إلا بعد أن طور الباحثون إعدادًا تجريبيًا أدخل تدفق السوائل في تجاربهم.

في الكائنات مثل البشر والأبقار، تشق الحيوانات المنوية طريقها إلى البويضة عبر السباحة عكس تيار من المخاط الذي يتدفق عبر عنق الرحم مبتعدًا عن الرحم.

لكن دراسة الفوائد المحتملة لتجمع الحيوانات المنوية أثناء السباحة ضد التيار داخل الكائنات الحية أمر صعب. لذلك، أنشأ تونغ وزملاؤه نموذجًا مشابهاً في مختبرهم: قناة ضيقة ضحلة بطول 4 سنتيمترات، مملوءة بسائل كثيف يحاكي المخاط الطبيعي ويتدفق بمعدلات يمكن للباحثين التحكم فيها.

سواء كانت بمفردها أو في مجموعات، تميل الحيوانات المنوية بشكل طبيعي إلى السباحة ضد التيار. ومع ذلك، أظهرت التجربة أن المجموعات كانت أكثر كفاءة في التوجه عكس تيار المخاط، بينما كانت الحيوانات المنوية المنفردة أكثر عرضة للانحراف في اتجاهات أخرى. وعلى الرغم من أن بعض الحيوانات المنوية الفردية كانت أسرع في حركتها، إلا أن ضعف قدرتها على التوجه عكس التيار أعاق تقدمها مقارنةً بالمجموعات الأبطأ ولكن الأكثر استقرارًا.

كما أن المجموعات حافظت على مسارها حتى في مواجهة تيارات المخاط السريعة. فعندما زاد الباحثون سرعة التدفق في تجربتهم، جرفت المياه العديد من الحيوانات المنوية الفردية، بينما كانت المجموعات أقل عرضة للانجراف مع التيار.

يقول تونغ إن الحيوانات المنوية المستخدمة في الدراسة كانت من الأبقار، لكن فوائد التجمع يجب أن تنطبق أيضًا على الحيوانات المنوية البشرية. فالحيوانات المنوية في كلا النوعين لها أبعاد متشابهة، وعادةً ما تتنافس على تخصيب بويضة واحدة. وعلى عكس الخنازير أو بعض الحيوانات الأخرى حيث يُودع السائل المنوي مباشرةً في الرحم، تبدأ الحيوانات المنوية لدى البشر والأبقار رحلتها من المهبل، ثم تعبر عنق الرحم للوصول إلى الرحم.

يقول تونغ إن دراسة الحيوانات المنوية في سوائل تحاكي المخاط المتدفق في المسالك التناسلية قد تكشف عن مشكلات لا تظهر في الملاحظات التقليدية للحيوانات المنوية أثناء سباحتها في سوائل ثابتة. ويضيف: “نأمل أن يساعدنا هذا النوع من المعرفة في تحسين التشخيصات” لتوفير أدلة تساعد في فهم العقم لدى البشر.

من جانبه، يقول الباحث في مجال الخصوبة كريستوفر بارات من جامعة دندي في اسكتلندا، الذي لم يكن مشاركًا في الدراسة، إن محاكاة البيئات الواقعية للحيوانات المنوية في المختبر قد توفر قريبًا حلولًا عملية للأشخاص الذين يواجهون صعوبة في الإنجاب.

ويضيف بارات: “كيفية استجابة خلية الحيوان المنوي لبيئتها وتأثير ذلك على سلوكها موضوع بالغ الأهمية.” كما يرى أن “هذا النوع من التكنولوجيا يمكن استخدامه أو تكييفه لاختيار حيوانات منوية ذات جودة أفضل”لمساعدة الأشخاص الذين يحتاجون إلى دعم في الخصوبة، مشيرًا إلى أن “ذلك سيكون إنجازًا مهمًا للغاية.”.

  • ترجمة: سُهاد العمري.
  • تدقيق علمي ولغوي: حسام عبدالله
  • المصادر: 1