هل بوسع التنجيم إخبارنا شيئًا عن أنفسنا؟

في العام الماضي، أجرينا دراسة لاختبار ما إذا كانت الأبراج الفلكية (مثل العقرب والجدي) قادرة على التنبؤ بأي من 37 حقيقة عن حياة الشخص، مثل مستواه التعليمي وعدد أصدقائه المقربين. فوجدناها عاجزة عن ذلك، خلاف بعض اختبارات الشخصية التي قد تصيب في تحديد عدد من تلك الحقائق.

إصدارنا لهذه النتيجة، أثار غضب العديد من المنجمين. وأشاروا إلى أن علامات الشمس – ليست أكثر من علم تنجيم بسيط – يستخدم المنجمون الحقيقيون أنظمة أكثر تعقيدًا تتضمن المخطط الفلكي الكامل للشخص.

أثار نشرنا تلك الدراسة غضب عدد من المنجمين، أقروا أن الأبراج ليست غير قشرة التنجيم، وأن المنجمين الأكفاء يستخدمون أنظمة أعقد تشمل المخطط الفلكي الكامل للشخص.

وكانوا على حق! لذا راعينا انتقاداتهم ووظفنا ستة منجمين لتصميم دراسة جديدة، هدفها اختبار علم التنجيم كما يمارسه المنجمون، لا الشائع في الصحف المبتذلة. وزدنا التحدي تشويقًا بأن عرضنا جائزة قدرها ألف دولار لأول منجم ينجح في اختبارنا.

أيستطيع المنجمون التنبؤ بشخصية الفرد فعلًا أم هم كاذبون وإن صدقوا؟

هناك العديد من أنواع علم التنجيم المختلفة، لذا سعت هذه الدراسة إلى اختبار ادعاء أساسي لجميع هذه الأنواع تقريبًا، وهو أن مخطط ميلاد الشخص (الذي يعكس مواقع الأجرام السماوية في وقت ولادته) يقدم رؤى حول شخصية هذا الشخص أو حياته.

يتكون الاختبار، الذي يظل متاحًا للعامة حتى يتمكن أي شخص من استخدامه لاختبار مهاراته في علم التنجيم، من 12 سؤالاً متعدد الخيارات. لكل سؤال، يُعرض على المشاركين قدر كبير من المعلومات حول حياة شخص حقيقي، تعكس إجابات شخص حقيقي على 43 سؤالاً مختلفًا. اختيرت هذه الأسئلة من خلال سؤال المنجمين عما سيسألون شخصًا ما إذا أرادوا أن يتمكنوا من تخمين مخططه الفلكي بدقة.

إلى جانب هذه المعلومات عن كل شخص حقيقي، عُرضت على المنجمين خمسة مخططات فلكية. كان واحد فقط من هذه المخططات هو مخطط الميلاد الحقيقي لذلك الشخص (بناءً على تاريخ ميلاده ووقته وموقعه)، وكانت المخططات الأربعة الأخرى عبارة عن مخططات وهميةأنشئت بناءً على تواريخ وأوقات ومواقع عشوائية. كانت مهمة المنجمين تحديد أي من هذه المخططات الخمسة هو المخطط الحقيقي.

في المجمل، اختبرنا 152 من المنجمين الذين اعتقدوا أنهم سيؤدون بشكل أفضل من الصدفة في المهام التي أعطيناهم إياها؛ لقد استبعدنا المشاركين الذين يفتقرون إلى أي خبرة في علم التنجيم وكذلك أولئك الذين لم يعتقدوا أنهم سيؤدون بشكل أفضل في المهام من التخمين العشوائي.

الشخص الذي يخمن عشوائيًا، في المتوسط، سيجيب بشكل صحيح فقط على 2.4 سؤال من أصل 12. وعلى الرغم من درجة ثقتهم العالية في أدائهم، فإن المنجمين كمجموعة لم يؤدوا أفضل من الصدفة- أي أن توزيع نتائجهم يشبه إلى حد كبير ما قد تراه إذا كانوا جميعًا قد خمنوا عشوائيًا. وعدد المخططات التي تطابقت بشكل صحيح، في المتوسط، لم يكن مختلفًا إحصائيًا بشكل كبير عن التخمين العشوائي أيضًا.

لم يتمكن أي من المنجمين من الإجابة بشكل صحيح على أكثر من خمس إجابات من أصل 12 إجابة، على الرغم من اعتقاد أكثر من نصف المنجمين بعد إكمال المهمة أنهم قد أجابوا بشكل صحيح على أكثر من خمس إجابات. ولم يكن لمزيد من الخبرة في علم التنجيم أي ارتباط ذي دلالة إحصائية بأداء أفضل، ولم يكن أداء المنجمين الأكثر خبرة أفضل من البقية.

هل يتفق المنجمون مع بعضهم البعض؟

لقد كان من المدهش بالنسبة لنا أن هناك القليل جدًا من الاتفاق بين المنجمين حول مخطط الميلاد الذي ينتمي إلى كل موضوع دراسة. كان لدى المنجمين الذين أفادوا بأكبر قدر من الخبرة أعلى مستوى من الاتفاق، لكنهم ما زالوا متفقين مع بعضهم البعض بنسبة 28% فقط من الوقت- ولو كانوا يختارون المخططات بشكل عشوائي، فإنهم كانوا ليتفقوا بنسبة 20% من الوقت. إن معدلات الاتفاق بين المنجمين منخفضة للغاية، وتتراوح من نحو 21% إلى 28%، اعتمادًا على مستوى الخبرة. وهذا يشير إلى وجود إجماع ضئيل بين المنجمين عند تفسير نفس المخططات، حتى بين أولئك الذين لديهم مستويات عالية من الخبرة.

الأفكار النهائية بشأن اختبارنا العلمي لعلم التنجيم

صممت هذه الدراسة بالشراكة مع علماء التنجيم، لإجراء اختبار عادل لعلم التنجيم، بحيث يظهر الدعم إذا كان علم التنجيم صحيحًا، ويظهر عدم الدعم إذا لم يكن علم التنجيم صحيحًا. إذا كان علم التنجيم يعمل، نريد أن نصدق أنه يعمل- وإذا لم يكن يعمل، نريد أن نصدق أنه لا يعمل. وقد سعينا إلى تصميم وإجراء هذه الدراسة بطريقة تعكس هذا البحث الصادق عن الحقيقة. مع ذلك، في أفضل الأحوال، لا يمكن لأي دراسة فردية أن تقدم سوى أدلة قوية تتعلق بادعاء، وليس دليلاً قاطعًا. يجب تفسير كل دراسة، بما في ذلك هذه الدراسة، في سياق أدلة أخرى. ولا يمكن لأي دراسة لعلم التنجيم، مهما كانت مصممة بشكل جيد، أن تثبت أنه لا يوجد شخص ما في مكان ما لديه القدرة على التنجيم. ومع ذلك، نعتقد أن هذه الدراسة تقدم سببًا مهمًا للشك في ادعاءات المنجمين.

  • ترجمة: رجاء الغيثي
  • المصادر: 1