
هل يمكن أن يكون حذاءك جرس إنذار لخطر محتمل؟
كيف تعمل الأحذية المزودة بالتكنولوجيا على تغيير طرق العناية بالقدم؟
تعمل قدماك كل يوم بلا كلل وملل لدعم الجسم، وامتصاص التأثيرات السلبية والتكيف مع الأسطح المختلفة، ولكن غالبًا ما يكون هناك عدم اكتراث بالحالة الصحية لها، حتى يحدث عارض ما.
هل لك أن تتخيل أن حذاءك قد ينبئك يإصابات محتملة في قدميك قبل أن تشعر بأي ألم، أو أن تحذرك جواربك بأنك على وشك الإصابة بقرحة وذلك من قبل ظهور الأعراض؟ إليكم أحدث المعلومات الجديدة عن تكنولوجيا القدم القابلة للارتداء.
من المعلوم أن واحدًا من كل خمسة بالغين يعاني في فترة منتصف العمر وفترة الشيخوخة من آلام في القدم، وهي تتراوح من الأوجاع الطفيفة إلى المشاكل المرضية التي تعوق إنجاز الأنشطة اليومية. وتبيّن أن بعض هذه الحالات قد تهدد حياة المريض، كتلك المرتبطة بشكل خاص بمرض السكري.
إذ تبلغ نسبة وفيات قرحة القدم السكرية في فترة خمس سنوات نحو 40%، وهذا يعني أن المرضى الذين يعانون من تقرحات القدم الناجمة عن مرض السكري لديهم احتمالية الوفاة خلال خمس سنوات من بداية ظهور الأعراض بنسبة 40%، وهي نسبة أعلى من العديد من أنواع السرطان. وإذا لم تُعالج، يمكن أن تؤدي القرحة إلى التهابات شديدة وقد تستلزم البتر.
تتميز هذه الأجهزة الجديدة القابلة للارتداء، مثل النعال والجوارب الذكية بمنع هذه المضاعفات الخطيرة، وذلك من خلال الاكتشاف المبكر، فهي تعمل عن طريق المتابعة المستمرة لضغط القدمين، وأنماط المشي وحتى درجة حرارة الجلد.
ثم تُحلّل المعلومات المُجمّعة باستخدام خوارزميات متقدمة والذكاء الاصطناعي، الأمر الذي يوفّر تحذيرات في الوقت المناسب بشأن المشاكل المحتملة في القدم. فقد نجح التعلم الآلي، على سبيل المثال، في التنبؤ بقرح القدم السكرية من بيانات هذه الأجهزة القابلة للارتداء، مما ساعد مقدمي الرعاية الصحية على التدخل قبل حدوث المضاعفات.
إذ تحتوي النعال الذكية على مستشعرات صغيرة، تقيس كيفية انتشار الضغط عبر قدميك عند المشي أو الجري. كما يمكنها تحديد أنماط المشي غير الطبيعية بدقة تزيد عن 90%، واكتشاف المشكلات قبل أن تسبب الألم أو الإصابة.
وقد أثبتت هذه الأجهزة فائدتها بشكل خاص لكبار السن، وكذلك المرضى الذين يعانون من حالات عصبية مثل السكتة الدماغية، أو التصلب المتعدد، أو اضطرابات الحركة مثل مرض باركنسون.
هذا وتستخدم الجوارب الذكية أجهزة استشعار لقياس درجة حرارة القدم وضغطها بشكل مستمر، والكشف عن العلامات المبكرة للالتهاب. كما أنها مفيدة بشكل خاص للأفراد المصابين بمرض السكري، إذ أظهرت الأبحاث أن هذه الجوارب يمكن أن تتنبأ وتساعد في منع تقرحات القدم.
كما يمكن لجوارب الضغط الذكية، التي تراقب أيضًا مستويات الأوكسجين في الدم، تحديد التغيّرات المهمة أثناء الأنشطة اليومية، مما يقلّل من خطر حدوث مضاعفات شديدة مثل ضعف الدورة الدموية، وتلف الأنسجة والعدوى.
وتسمح المتابعة المستمرة لصحة القدم عبر استخدام هذه الطرق بتحديد المشكلات المحتملة قبل تفاقمها، وتحويل العناية بالقدم من العلاج التفاعلي إلى الوقاية. لذا، توفّر تكنولوجيا القدم القابلة للارتداء مزايا خاصة لفئات معينة مثل الرياضيين والأفراد الذين يعانون من أمراض مزمنة.
إذ غالبًا ما تتعرض أقدام الرياضيين لضغوط هائلة، وخاصةً أولئك الذين يشاركون في الرياضات ذات التأثير القوي مثل الجري، مما يزيد من خطر الإصابة. ولذلك توفر النعال الذكية ردة فعل فورية، الأمر الذي يسمح للرياضيين بضبط نظام الجري الخاص بهم. وأظهرت الدراسات أن الرياضيين الذين يستخدمون هذه النعال قد حسّنوا من نظام الجري وتعرضوا لإصابات أقل.
كما سيستفيد من تلك التقنيات القابلة للارتداء بشكل كبير أولئك الأفراد الذين يعانون من حالات صحية مزمنة، مثل مرض السكري. وقد تقلّل أيضًا المتابعة المستمرة بالأجهزة الذكية من خطر حدوث مضاعفات شديدة بشكل كبير.
فعلى سبيل المثال، وجدت إحدى الدراسات أن المرضى المعرضين لخطر الإصابة بمرض السكري والذين يستخدمون الجوارب الذكية المزودة بمتابعة مستمرة لدرجة الحرارة، كانت لديهم نتائج أفضل بكثير. فقد لوحظ انخفاض معدل تقرحات القدم بنسبة 71% وانخفاض معدل بتر الأطراف بنسبة 52%، وارتبط هذا التحسن بالكشف الطبي والتدخل المسبقين.
التحديات المحتملة
تظل الخصوصية مشكلة كبيرة مع هذه الأجهزة، لأنها تجمع البيانات الصحية الحساسة باستمرار. ولذلك، فإن ضمان أمن البيانات أمر بالغ الأهمية. كذلك الدقة مهمة أيضًا، إذ يجب على تلك الأجهزة تجنب الإنذارات الكاذبة أو التحذيرات الفائتة بشكل موثوق. وعلى الرغم من انخفاض الأسعار، فقد تظل التكنولوجيا القابلة للارتداء باهظة الثمن بالنسبة لكثير من الناس، مما يحدّ من استخدامها على نطاق واسع.
ومع ذلك، فإن تكنولوجيا القدم القابلة للارتداء لها مستقبل واعد. فقد أصبحت الأجهزة أصغر حجمًا وبأسعار معقولة وأسهل لناحية الاستخدام. كما تتيح الآن الابتكارات مثل الطباعة ثلاثية الأبعاد الأحذية الذكية المخصصة التي تتناسب تمامًا مع شكل قدم الفرد، مما يعزّز الراحة والدقة.
وتشمل التطورات القادمة أيضًا أجهزة استشعار مرنة يمكنها الاتصال بالهواتف الذكية وأنظمة الرعاية الصحية، فتسمح بالمراقبة من بعد والرعاية الشخصية. على سبيل المثال، طوّر الباحثون مؤخرًا بيجاما ذكية بأجهزة استشعار قماشية مدمجة. إذ تتتبّع هذه المستشعرات أنماط التنفس وتكتشف اضطرابات النوم، ثم تُرسل البيانات مباشرةً إلى تطبيق الهاتف لتحليلها.
وتتطور هذه الابتكارات بشكل متزايد، إذ تتجه الأحذية والجوارب الذكية نحو تصميمات أكثر مرونة وسهولة في الاستخدام يمكن دمجها في الحياة اليومية. إن الهدف من كل هذه التكنولوجيا المختلفة هو جعل المراقبة الصحية أكثر سهولةً وراحةً ووقاية، دون الحاجة إلى معدات ضخمة أو زيارات عيادية.
تعتبر التكنولوجيا القابلة للارتداء خطوة مهمة إلى الأمام لصحة القدم، لأنها تقدم تحذيرات مبكرة ورؤى شخصية تتجاوز الأساليب التقليدية، فتمنع المضاعفات الشديدة مثل قرحة السكري، وتحسّن الأداء الرياضي. وقريبًا يمكن أن تصبح هذه الأجهزة أدوات قياسية من أساسيات الرعاية الصحية اليومية.
- ترجمة: أسماء رأفت محمد.
- تدقيق علمي ولغوي: عبير ياسين
- المصادر: 1