من أين أتت أسطورة أحادي القرن (اليونيكورن) ؟
اليونيكورن هو أحد أشهر المخلوقات الأسطورية، وغالبًا ما يُصوَّر على أنه حصان أبيض بقرن حلزوني ينبثق من جبهته. ليس من الصعب تخيل حصان بقرن، وبسبب التاريخ الكبير لهذا المخلوق الأسطوري، اعتقد الناس أنه موجود بالفعل، لكن من أين أتت هذه الأسطورة؟
تعود الصور التاريخة لما يشبه أحادي القرن إلى حضارة وادي السند (حوالي 3300 قبل الميلاد إلى 1300 قبل الميلاد) في جنوب آسيا، والتي تضمنت أجزاءً من أفغانستان وباكستان والهند في العصر الحديث. وفي لمحة جانبية، يظهر ما يشبه الحصان بقرن واحد على أختام تعود لتلك الفترة. ومع ذلك، من المحتمل أن تكون هذه الصور عبارة عن صور لحيوان الأوروش ( الأرخص) أو الثور البري المنقرض الآن، وفقًا لمتحف سانت نيوتس في إنجلترا.
وقد وجدت أوصاف صينية مكتوبة لتاريخ (اليونيكورن) الآسيوي يعود تاريخها إلى حوالي 2700 قبل الميلاد، وفقًا للمتحف الأمريكي للتاريخ الطبيعي في نيويورك. ويبدو أن هذا المخلوق عبارة عن مزيج من حيوانات مختلفة إذ كان له جسد غزال وذيل ثور وغطاء متعدد الألوان أو حرشفي شبيه بالتنين وقرن مغطى باللحم (أو قرون). على الرغم من الاختلافات الجسدية، وصفت أحادية القرن الآسيوية على أنها مخلوقات مراوغة وانفرادية، تمامًا كما وصفت في السجلات الأوروبية اللاحقة.
جاء أول ذكر مسجل (لليونيكورن) في الأدب الغربي في القرن الرابع قبل الميلاد، إذ كتب الطبيب والمؤرخ Ctesias حكايات من الرحالة الهنود وصف فيها أحجام الأحصنة، كحمير برية بأجسام بيضاء وعيون زرقاء، ورأس أحمر، وقرن متعدد الألوان، بطول قدم ونصف، أي ما يعادل النصف متر، وذكرت ال Time في 2008، أن من المحتمل أن أحادي القرن الذي ذكره Ctesias كان مبنيًا على أوصاف حيوانات متعددة مثل الحمير البرية ووحيد القرن الهندي.
ساعدت الترجمة الخاطئة في تحويل أحادي القرن (اليونيكورن) من حيوانات مركبة مربكة إلى مخلوقات بيضاء مهيبة. في القرن الثالث قبل الميلاد، أخذ العلماء الذين يترجمون الكتاب المقدس من العبرية إلى اليونانية الكلمة العبرية (re’em)، وهي على الأرجح اسم aurochs، وحولوها إلى الكلمة اليونانية (monokeros)، والتي تعني (قرن واحد) استخدم لوحيد القرن. أصبحت الكلمة بعد ذلك (unicornus) في الترجمات اللاتينية للكتاب المقدس اليوناني و (unicorn) في النسخ الإنجليزية من اللاتينية، وفقًا لميريام وبستر. وهكذا أصبح أحادي القرن حيوانًا كتابيًا مرتبطًا بيسوع المسيح والنقاء.
وجد المستكشف الإيطالي ماركو بولو أن قصص اليونيكورن لا تتوافق تمامًا مع الواقع عندما سافر عبر آسيا ورأى ما كان يعتقد أنه يونيكورن لأول مرة، في القرن الثالث عشر وصف مفصل في «رحلات ماركو بولو» ( كلاسيكيات البطريق، 1958). إذ كتب «إنهم يسعدون بالعيش في المستنقع والوحل». «فهو وحش يسوؤنا النظر إليه، ولا يشبه بأي حال ما نفكر فيه ونقوله في بلادنا».
وصف بولو المخلوق بأن ذو قرن أسود كبير؛ وشعر مثل الجاموس، وأقدام مثل الفيل. أما اليوم، من المقبول على نطاق واسع أن ما رآه بولو كان وحيد القرن، وفقًا لمكتبة جامعة براون.
في العصور الوسطى، أدخل البحارة والتجار أنياب الكركدن إلى الأسواق الأوروبية وباعوها على أنها قرون اليونيكورن وفقًا للمتحف الأمريكي لتاريخ الطبيعة، والمعروف أن الكركدن هي حيتان ذوات أسنان من القطب الشمالي. تمتلك ذكورها سنًا بارزًا يبلغ طوله من 6.6 إلى 9.8 قدم (2 إلى 3 أمتار) بما يشبه القرن، وفقًا لمركز العلوم القطبية بجامعة واشنطن.
لم يكن لدى الأوروبيين وصف ثابت لما يجب أن تبدو عليه قرون يونيكورن قبل تداول أنياب كركدن البحر، فبعد وصول الأنياب إلى أسواق العصور الوسطى، قرون اليونيكورن دائمًا بأنها طويلة وبيضاء ولولبية، تمامًا مثل أنياب كركدن البحر، وفقًا للمتحف الأمريكي لتاريخ الطبيعة.
أشارت دراسة نشرت عام 2004 في المجلة الأوروبية لعلم الآثار إلى أن كركدن البحر لم يكن معروفًا إلى حد كبير في أوروبا في العصور الوسطى، على الرغم من أن بعض الناس اصطادوها وحصلوا على أنيابها. كتب مؤلف الدراسة: «وحيد القرن معروف جيدًا في الثقافة المصورة والمكتوبة في العصور الوسطى، ولا سيما في القرنين الرابع عشر والخامس عشر، في حين أن غياب الكركدن من الفن والفكر في أوروبا الغربية أمر لافت للنظر». في حين أن الكركدن موجود بالفعل، لم يسمع به معظم الناس، لذلك ساعدت الأنياب في تعزيز حكايات اليونيكورن الأسطوري، والتي لم تكن حقيقية ولكن كان يُعتقد بها عمومًا.
لقد تضاءل الاعتقاد السائد بين الأوروبيين بأن أحادي القرن كان موجودًا بالفعل بحلول القرن الثامن عشر، وفقًا لمتحف سانت نيوتس. فبعد كل شيء، لم يتمكن أحد من العثور على حيوان حقيقي يطابق وصف اليونيكورن.
- ترجمة: عبير زبون
- تدقيق علمي ولغوي: نور عباس
- المصادر: 1