كتاب الموتى: دليل المصري القديم لحياة ما بعد الموت

«كتاب الموتى» هو اسم حديث يطلق على سلسلة من النصوص المصرية القديمة التي اعتقد المصريون أنها ستساعد الموتى على التنقل في العالم السفلي، إضافة إلى احتياجات أخرى. لذا دُفنت نسخ من هذه النصوص في بعض الأحيان مع الموتى.

يشير «كتاب الموتى» إلى مجموعة كبيرة نسبيًا من النصوص الجنائزية التي تُنسخ كما العادة على لفائف ورق البردى ووضعها في مدافن المملكة الحديثة [حوالي 1550 قبل الميلاد إلى 1070 قبل الميلاد]، ذلك وفقًا لما كتبه بيتر دورمان، الأستاذ الفخري في علم المصريات في جامعة شيكاغو، في مقال نشر في كتابه بعنوان: أن تصبح إلهًا في مصر القديمة.

وأشار دورمان أن «كتاب الموتى» أصبح ذائع الصيت خلال عصر الدولة الحديثة، لكنه اشتُق من «نصوص التابوت» -التي سميت بهذا الاسم لأنها كانت تُكتب غالبًا على التوابيت- و «نصوص الأهرام» التي نُقِشت على جدران الأهرامات، إذ كانت نصوص التابوت شائعة خلال المملكة الوسطى (حوالي 2030 قبل الميلاد إلى 1640 قبل الميلاد)، بينما ظهرت نصوص الأهرام لأول مرة في الأسرة الخامسة للمملكة القديمة (حوالي 2465 قبل الميلاد إلى 2323 قبل الميلاد).

قال فوي سكالف، رئيس أرشيفات الأبحاث في جامعة شيكاغو الحاصل على درجة الدكتوراه في علم المصريات، في رسالة بريد إلكتروني لموقع Live Science: «يتضمن «كتاب الموتى» فصولًا أو تعويذات، إذ استخدم المصريون القدماء كلمة rꜢ لتحديد كل مؤلف. وتترجم كلمة rꜢ عمومًا بالتعويذة أو الكلام، وهي مكتوبة بالهيروغليفية وترمز لفم بشري لأن المصطلح مرتبط بالكلام».

لم يُعثر على كتاب موّحَد في كل مقبرة.. بدلاً من ذلك، احتوت كل نسخة على تعويذات مختلفة، إذ كتب دورمان، بأن لا شيء يشبه هذا الكتاب لأنه لا يحتوي على جميع التعاويذ المعروفة، ولكن فقط عينة حكيمة، مشيرًا إلى أنه «لا يوجد لفافة من الكتاب مطابقة لأخرى».

وقد أطلق المصريون القدماء على هذه النصوص اسم «كتاب المجيء يومًا بعد يوم»، حسبما كتب دورمان، مشيرًا إلى أن هذا الاسم يعكس «اعتقاد المصريين بأن التعويذات قدمت لمساعدة المتوفى في دخول الحياة الآخرة كروح مجيدة أو آخ (تعني بالديانة المصرية القديمة روح المتوفى)».

كتب باري كيمب، الأستاذ الفخري في علم المصريات بجامعة كامبريدج، في كتابه (كيف تقرأ كتاب الموتى المصري، دبليو دبليو نورتون وشركاه، 2007): «إن كتاب الموتى، من خلال تعويذاته، يمنح مالكه القدرة على الانتقال بنجاح -إلى الأبدية- عبر العوالم المختلفة في العالم السفلي».

تظهر بعض التعاويذ بشكل متكرر في نسخ «كتاب الموتى» أكثر من غيرها، واعتبر بعضها ضروريًا تقريبًا. وأشار دورمان إلى أن إحدى هذه التعويذات الأساسية تُعرف الآن باسم تعويذة 17، والتي تناقش أهمية إله الشمس المعروف أيضًا باسم رع، أحد أهم الآلهة المصرية.

وأضاف كيمب أن قدماء المصريين اعتقدوا أن جثة المتوفى يمكن أن تتجدد في الحياة الآخرة تاركةً الإنسان للتنقل في مكان به «آلهة وشياطين ومواقع غامضة وعوائق محتملة». وصفت فصول «كتاب الموتى» بعض الأشياء التي قد يواجهها المرء، مثل طقوس وزن القلب الذي تجري فيه موازنة أفعال الشخص مع ريشة الإلهة ماعت، إله مرتبط بالعدالة.

غالبًا ما تُوضّح التعاويذ، وفي هذا قالت جيرالدين بينش، عالمة المصريات، في كتابها (الأسطورة المصرية: مقدمة قصيرة جدًا): «كانت الصور [ذات أهمية كبيرة] في مجموعة النصوص الجنائزية في عصر الدولة الحديثة والتي تسمى الآن كتاب الموتى المصري». (مطبعة جامعة أكسفورد، 2004). وأضافت بينش: «كان العديد من مالكي كتب الموتى غير قادرين على قراءة النصوص الهيروغليفية، لكنهم تمكنوا من فهم المقالات القصيرة المعقدة التي لخصت محتويات التعويذات».

ذكرت ماريسا ستيفنز، عالمة المصريات ومساعدة مدير مركز بوردافود لدراسة العالم الإيراني بجامعة كاليفورنيا، في لوس أنجلوس، لـ Live Science في رسالة بريد إلكتروني: «لم تكن التعويذات خاصة بالجنس، إذ لم يكن هناك تعويذات تستخدم بشكل خاص من قبل النساء أو تعويذات استخدمها الرجال بشكل أساسي».

قال سكالف لـ Live Science: «اشتهر «كتاب الموتى» بتوجيهاته إلى المتوفى، ولكن من المحتمل أنه خدم أيضًا أغراضًا أخرى، كثيرًا ما يُطلق على كتاب الموتى اسم (دليل الحياة الآخرة)؛ فهو في الحقيقة كان أكثر من ذلك بكثير.

وأضاف: «ربما تكون أهم وظيفة لكتاب الموتى، والتي لا يمكن الاستدلال عليها إلا من خلال أدلة غير مباشرة أنها ساعدت في تهدئة مخاوف الناس بشأن مجهول الموت» مشيرًا إلى أن قدماء المصريين الأثرياء رتبوا أيضًا تحنيط أجسادهم وتزيين توابيتهم بالنصوص الدينية في محاولة للسيطرة على ما حدث لهم بمجرد وفاتهم.

بالإضافة إلى ذلك، يمكن استخدام التعويذات الموجودة في كتاب الموتى عندما يكون الشخص لا يزال على قيد الحياة. شرح سكالف: «معظم التعاويذ من كتاب الموتى ليست مصممة للتنقل في العالم السفلي، معظم التعويذات تدور حول التحول والتجربة السامية».

«في الحياة الدنيوية، قد يستخدم الروحاني الطقوس والتعاويذ لتجاوز التجربة اليومية [أي باستخدم التعويذات في مراسم للحصول على تجربة دينية]، مشيرًا إلى أن العديد من التعويذات تتضمن تعليمات حول كيفية استخدامها على الأرض -ما يدل على أنه من المحتمل أن يستخدمها الأشخاص الأحياء أيضًا».

يعتقد المصريون أن العديد من هذه التعاويذ يمكن أيضًا استخدامها في الحياة الآخرة. قال سكالف: «يمكن لأي شخص استخدام هذه التعاويذ نفسها للمساعدة في تغيير وجوده، ولكن من نواحٍ عديدة تكون تجربة سامية مماثلة». تدور التعويذات إلى حد كبير حول الارتقاء إلى مستوى وجود الآلهة؛ عندها فقط يسافر الشخص في العالم السفلي جنبًا إلى جنب مع الآلهة نفسها.

عُثر على العديد من نسخ كتاب الموتى التي لم تُكتشف من قبل في المقابر ومن المحتمل أنها لم تقرأ كثيرًا. وقال سكالف لموقع Live Science إن العديد من مخطوطات كتاب الموتى التي بقيت حتى اليوم لم تقرأ كثيرًا قبل دفنها مع المتوفى.

يبلغ طول أطول مخطوطات البردي أكثر من ثلاثين مترًا (98 قدمًا). كان من الصعب للغاية التنقل في مخطوطة عند القراءة. وقال سكالف إن هذه المخطوطات [التي عُثر عليها في المقابر] كانت نسخًا رفيعة المستوى، وكان الغرض منها إلى حد كبير إيداعها في القبر.

بالإضافة إلى ذلك، لم تُدوّن التعاويذ من كتاب الموتى دائمًا على المخطوطات. على سبيل المثال، لاحظ سكالف أن التعويذات كانت تُدوَّن أحيانًا على الضمادات التي كانت تغلف مومياء الشخص. كما نُقشت على جدران المقابر وحتى على قناع الموت الذهبي لتوت عنخ آمون.

من المحتمل أن الأشخاص الذين لا يستطيعون تحمل تكلفة نسخة من التعاويذ قد يكونون قد قرأوا عليهم التعويذات. قالت لارا فايس، أمينة المجموعة المصرية والنوبية في متحف هولندا الوطني للآثار في ليدن، ل Live Science في رسالة بريد إلكتروني: «إذا لم يكن لديك لفافة في مقبرتك، فربما يكون الكهنة المستأجرون أو أفراد الأسرة قد تلوها لك أثناء الجنازة، أو عند زيارة القبر بعد ذلك».

أُنشئت آخر نسخ معروفة من كتاب الموتى في القرن الأول أو الثاني بعد الميلاد، كتب سكالف في دراسة نُشرت في كتاب (كتاب الموتى: أن تصبح إلهًا في مصر القديمة): «إن سلسلة أخرى من النصوص الجنائزية المعروفة باسم (كتب التنفس) أصبحت شائعة بدلًا منها -والتي اشتُق جزء منها من كتاب الموتى-».

  • ترجمة: عبير زبون
  • تدقيق علمي ولغوي: نور الحاج علي
  • المصادر: 1