أشكال الراحة الستة التي يحتاج إليها الجميع
هل عانيت مسبقًا انعدام الطاقة فلجأت إلى النوم علّك تلقی فيه الراحة المنشودة، لكن الشعور بالإرهاق والتعب لم يفارقك؟
إذا كان الجواب نعم، فإليك السر: يخلط الكثيرون بين النوم والراحة، ولا يدركون اختلافهما. نحن نمضي حياتنا نظن النوم هو الحل الوحيد لأخذ قسطٍ من الراحة، فنغفل عن وجود أنواع راحة أخرى نحتاج إليها بشدة. هذا ينتج أفرادًا رائعون في الإنتاج والإنجاز لكنهم مرهقون على الدوام.
نحن نعاني التعب لعدم إدراكنا المعنى الحقيقي للراحة. فإن كنت تنشد الراحة الفعلية، عليك أن ترمم نفسك من ستة جوانب، هي التالية:
1- الراحة الجسدية
الراحة الجسدية هي الشكل الأول للراحة، وهي نوعان: سلبية وفعالة.
تتمثل الراحة الجسدية السلبية بالنوم والغفوات، في حين تعني الراحة الجسدية الفعّالة الأنشطة التي تعيد شحن طاقتك بها، مثال عليها اليوغا، والتمدد والمساجات العلاجية التي تعزز الدورة الدموية في الجسم وتحسّن مرونته.
2- الراحة العقلية
ليس من الغريب عليك سلوك ذاك العامل الذي يبدأ يومه بفنجان كبير من القهوة، فهو غالبا منفعل وسريع النسيان ويعاني قلة تركيز في العمل. وعندما يخلد للنوم مساءً، تغزو الأفكار دماغه وتُعاد شذرات من محادثات أجراها في الصباح ومواقف ما زالت عالقة في ثنايا وعيه عبثًا يحاول إزاحتها، وبدلًا من الاستيقاظ نشيطًا بعد سبع أو ثمان ساعات من النوم، فهو يستيقظ كأنّه لم ينم البتّة؛ لقد أصاب الإنهاك صحته العقلية.
الجيد في الأمر، أنك لا تحتاج للاستقالة من عملك أو تكبّد أعباء أخذ إجازة طويلة لمعالجة ذلك. يمكن لاستراحات قصيرة منتظمة كل ساعتين من يومك الحافل بالانشغالات والعمل أن تتولی تنبيهك لضرورة أن تركن وتبطء وتيرتك. ومن الممكن أيضًا أن تحتفظ بمفكرةٍ قرب سريرك علی مرمی من يدك لتعمل عمل الوعاء الذي سوف تلقي فيه الأفكار المشتتة التي تراودك ليلًا.
3- الراحة الحسيّة
الأضواء الساطعة، وشاشات الحواسيب، والضجيج والمحادثات العديدة التي نجريها جميعها يلقي بأثرها الثقيل في حواسنا. والتصدي لها ليس بالأمر المعقد بل هو بسيط كإغماض جفينك دقيقة أو الابتعاد عن أجهزتك الإلكترونية في نهاية يومك. لذا تعمّد إراحة الحواس بين الفينة والأخری، هذا يساهم في شفاء الضرر الملحق بها من عالمنا المتسارع المفرط التنبيه.
4- الراحة الإبداعية
يعد هذا النوع من الراحة مهمًا بنحو خاص لأولئك المعنيين بحل المشكلات أو يمارسون العصف الفكري لاستنباط أفكار جديدة.
توقظ الراحة الإبداعية الإعجاب والتساؤل داخل كلٍّ منّا. هل تتذكر شعورك في المرة الأولی التي زرت فيها متنزه غراند كانيون أو محيطًا أو شلالًا؟ إن السماح لنفسك بالاسترخاء في حضرة جمال الطبيعة -حتی إن كان في حديقة محلية أو الفناء الخلفي- يمنحك راحة إبداعية.
لا تنحصر الراحة الإبداعية بارتياد الأماكن الطبيعية فقط ولكن بتذوق الفن أيضًا؛ حوّل مساحة عملك إلى ساحة إبداع بتزيينها بصور مناظر طبيعية تفضلها أو بأعمال فنية تلامس روحك. ليس معقولًا أن تقضي 40 ساعة أسبوعيًا تحدق بالفراغ أو بما يحيط بك وتريد أن يشتعل فؤادك شغفًا أو تتراقص الأفكار الإبداعية في مخيلتك.
5- الراحة العاطفية
دعونا الآن نلقي نظرة إلی شخصية مميزة، هو الصديق الذي يظنه الجميع الألطف علی الإطلاق، من يعتمد عليه الكل، ومَن يتراود لذهنك أولًا عند الحاجة، لأنّه وإن لم يكن راغبًا بالمساعدة سيجيب علی طلبك ب (نعم) مترددة بدلًا من (لا) حازمة.
يشعر هذا الصديق عندما يبقی بمفرده بعدم التقدير، ويتملّكه شعور بالاستنزاف واستغلال الآخرين له.
يحتاج صديقنا هذا إلى الراحة العاطفية، التي تعني امتلاك المساحة والوقت للتعبير عن مشاعرك بحرية مُزيحًا عن عاتقك عبء إرضاء الآخرين. تتطلب الراحة العاطفية أيضًا الشجاعة التي تخوّلك أن تكون صادقًا وحقيقيًا. إذ يمكن للمرتاح عاطفيًا أن يجيب عن سؤال: (كيف حالك اليوم؟) بصدق: (أنا لست بخير)، ويتيح لنفسه المجال بمشاركة ما يعتمر داخله.
إذا كنت تعاني نقصًا في الراحة العاطفية، فذلك يشير إلی أن حياتك الاجتماعية ليست علی ما يرام. يحدث ذلك عندما نفشل في التفريق بين العلاقات التي تطورنا وتدعم ازدهارنا، وتلك العلاقات التي تلقي بسميتها علينا وترهقنا. تتلخص وصفة الحصول علی راحة اجتماعية بإحاطة نفسك بالداعمين الإيجابيين، وإن كان التواصل افتراضيًا إذ يمكنك الانخراط أكثر عن طريق محادثات الفيديو التي تتيح لك التركيز علی محدّثك بصورة أكبر.
6- الراحة الروحية
الشكل الأخير للراحة هو الراحة الروحية، وتعني القدرة علی التواصل أبعد من حدود التواصل الجسدي والعقلي، والشعور العميق بالإنتماء والحب والقبول وإدراك غايتك. لاستقبال هذا النوع من الراحة عليك أن تندمج بما هو أعظم من ذاتك، وتضيف الصلاة والتأمّل والانخراط المجتمعي لروتينك.
علمت الآن بعد ما سبق ذكره، أن النوم ليس المصدر الوحيد للراحة وشحن الطاقة. وحان الوقت لأن يركز كل منا على شكل الراحة الذي يحتاج إليه.
ملاحظة: قد يرتبط الإرهاق بمشكلات صحية عديدة، لذا راجع الطبيب إن لم يفارقك.
- ترجمة: دعاء علي
- تدقيق علمي ولغوي: موسى جعفر
- المصادر: 1