ارتفاع وصفات علاج القلق في أوساط الشباب
لاحظ الباحثون انتشار وصفات علاج القلق في الرعاية الأولية في المملكة المتحدة بين عامي 2003 و2018.
شهدت الفترة بين عامي 2003 و2018 ارتفاعًا حادًّا في وصفات علاج القلق، خاصةً في أوساط الشباب.
يذهب مؤلفو الدراسة إلى أن بعض هذه الوصفات تتعارض مع الإرشادات، وقد تسبّب أضرارًا غير مقصودة.
يُعدُّ الشعور بالقلق أو العصبية جزءًا من حياة العديد من الأشخاص، بيد أنّه حين يصبح الشعور بالقلق مستمرًا ومُزعِجًا ومُعرقِلًا للحياة اليومية، فإن العلاج قد يصبح ضروريًا.
القلق شائع؛ إذ تُعتبر اضطرابات القلق الأكثر شيوعًا في أمراض الصحة العقلية في الولايات المتحدة، مؤثرةً في قرابة أربعين مليون شخص.
تشمل أدوية علاج القلق -المعروفة باسم مضادات القلق- البنزوديازيبينات وحاصرات مستقبلات بيتا ومضادات الذهان ومضادات الاختلاج، كما يمكن وصف مضادات الاكتئاب مثل مُثبِّطات استعادةالسيروتونين الانتقائية.
لقد أوضحت الأبحاث الحديثة ارتفاع وصفات الاكتئاب، حيث وجدت دراسةٌ في إنجلترا أن وصفات الاكتئاب قد بلغت ثلاثة أضعاف في 20 عامًا، ومع ذلك، لا تزال طرق وصف علاج القلق غير مفهومة جيدًا.
للتأكد من ذلك، قيَّم فريقٌ بحثي من جامعة بريستول في المملكة المتحدة وصفات القلق في الرعاية الصحية في المملكة المتحدة، وأوضحت نتائجهم -التي نُشِرت في المجلة البريطانية للممارسة العامة- ارتفاعًا حادًّا في وصفات القلق بين عامي 2008 و2018،خاصةً في أوساط الشباب.
بيانات من 2.5 مليون شخص
استخدم الباحثون بياناتٍ من قاعدة بيانات مجهولة المصدر للسجلات الطبية في المملكة المتحدة، وهي تحتوي على بيانات أكثر من 2.5 مليون شخصٍ مُسجَّلين في 176 مركز رعاية أولية في جميع أنحاء المملكة المتحدة.
أوضحت النتائج ارتفاعًا مطردًا في وصفات علاج القلق، حيث ازدادت جميع الوصفات -باستثناء البنزوديازيبينات- خلال فترة الدراسة، مع ارتفاعٍ ملحوظ في الفترة بين عامي 2008 و2018، كما ازداد انتشار وصفات مضادات القلق الضعف تقريبًا خلال فترة الدراسة كاملة بين عامي 2003 و2018.
سبب هذا الانتشار هو زيادة المرضى الجدد الذين شرعوا في علاج القلق، خاصةً في أوساط الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و35 عامًا.
كما ذكرت البروفيسورة ثاليا إيلي أستاذ علم الوراثة السلوكية التنموية لمجلة Medical News Today أن هذا يعكس زيادةً في عدد الأشخاص المُشخَّصين بالقلق، وأضافت قائلةً إن الأبحاث السابقة أشارت إلى أن اضطرابات القلق المُشخَّصة في ازدياد بين الشباب، وخصوصًا النساء. كما اقترحت هذه الورقة البحثية أن زيادة الحاجة إلى العلاج تُلبّى -ولو جزئيًا على الأقل- عن طريق استخدام الأدوية.
تدرس البروفسيورة إيلي تطور القلق وعلاجه، لكنها لم تشارك في هذه الدراسة.
ارتفاع الوصفات في أوساط الشباب
توجد بعض الاختلافات بين الوصفات المنتشرة استنادًا إلى فئة العقار، حيث ازدادت وصفات حاصرات مستقبلات بيتا في أثناء فترة الدراسة، بينما قلّت وصفات البنزوديازيبينات.
وجد الباحثون ارتفاع الوصفات الجديدة للعقارات من كل الفئات، متضمنةً وصفات مضادات الاكتئاب (خاصة بين الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 25 عامًا)، وكذلك البنزوديازيبينات.
ذكر مؤلفو الدراسة أنه توجد عدة أسباب محتملة لارتفاع الوصفات في هذه الفئة العمرية، وهي ارتفاع معدلات القلق، والتعرف على القلق بصورة أفضل، وارتفاع قابلية تناول الدواء.
أخبرت المؤلفة الرئيسة للدراسة، الدكتورة شارلوت آرتشر لمجلة Medical News Today أنه قد تعكس الزيادة أيضًا الحاجة السابقة التي لم تُلبّ لهؤلاء المرضى، نتيجةً للضغوط الواقعة على خدمات الصحة العقلية للأطفال والمراهقين.
وقد أوضحت الدكتورة آرتشر، التي تعمل باحثة ً مساعدةً في الرعاية الأولية في كلية طب بريستول في جامعة بريستول في المملكة المتحدة، أن أكثر من ربع الإحالات إلى خدمات الصحة العقلية للأطفال والمراهقين في الفترة 2018 – 2019 قد رُفِضت؛ الأمر الذي أدّى إلى تدفق الأشخاص الباحثين عن مساعدة الرعاية الأولية.
ازدياد خيارات العلاج المتاحة
حذّر الباحثون من أن بعض الوصفات لا تستند إلى أدلة قوية، وربما تتعارض مع الإرشادات، فعلى سبيل المثال، لاحظ الباحثون ازديادًا ملحوظًا في وصفات البنزوديازيبينات في أوساط الشباب، على الرغم من تبعياتها الخطرة.
استمرت ما يقرب من نصف وصفات البنزوديازيبينات المعطاة في عام 2017 لأكثر من الأربعة أسابيع الموصى بها.
كما حذر مؤلفو الدراسة من الاستخدام طويل الأمد لمضادات الاكتئاب، حيث أوضحت الدكتورة آرتشر أنه بمجرد شروع المرضى في تناول مضادات الاكتئاب، فإنهم سيستمرون لفترة طويلة، في حين أن الأدوية المضادة للاكتئاب والقلق قد يكون لديهما أعراض جانبية غير مرغوبة، وتوجد أدلة متزايدة عن صعوبة توقف المرضى عن تناول العلاج.
حيث يعاني بعض المرضى من أعراض الانسحاب بعد توقف العلاج، التي من الممكن أن تؤدي إلى تفاقم أعراض القلق.
Text Box: ذهبت الدكتورة آرتشر إلى أنه توجد حاجة لتوفير خيارات علاجية أوسع لمرضى القلق، حيث نعلم أن العلاجات النفسية قد تكون فعالة لعلاج القلق، ولكننا في حاجة إلى زيادة مثل هذه التدخلات العلاجية، والتأكد من قبولها، خاصة ً بين الشب
ولمجابهة هذه المخاطر، طالب العلماء بمزيدٍ من الأبحاث لفهم أسباب ارتفاع وصفات القلق، خاصة في أوساط الشباب، وذهبوا إلى أنه من الضروري وجود طرق غير دوائية للعلاج.
أوضحت الدكتورة آرتشر أنه توجد مؤلفات كبرى توضّح فوائد العلاج السلوكي المعرفي للقلق للفئات العمرية كلها، لكن يمثل الوصول لمثل هذا العلاج تحديًّا في المملكة المتحدة بسبب طول قوائم الانتظار.
وأضافت قائلةً أنه قد أصبحت العلاجات النفسية متاحةً أكثر للمرضى في المملكة المتحدة، وذلك منذ ظهور خدمات تحسين الوصول إلى العلاج النفسي التابعة لهيئة الخدمات الصحية الوطنية، لكن قوائم الانتظار طويلة؛ الأمر الذي قد يدفع بعض الشباب إلى تناول الأدوية -رغم تفضيلهم للعلاج النفسي- لسرعة توافره.
قيود الدراسة
يشير مؤلفو الدراسة إلى القيد الرئيسي للدراسة، وهو على الرغم من أن الباحثين أدخلوا فقط الوصفات المعطاة للمرضى الذين ظهرت عليهم أعراض القلق أو شُخِصوا به إما قبل ثلاثة أشهر من بدء الوصفة أو بعد ستة أشهر من بدئها، لكنهم غير متأكدين من معرفة ما إذا كانت هذه الأدوية موصوفة للقلق.
قد تكون بعض الأدوية التي تناولها الباحثون في دراستهم وُصفت لعلاج حالاتٍ مرضية أخرى، مثل الاكتئاب، حيث توصف مضادات الاكتئاب بشكل شائع لعلاج القلق، لذا من الممكن أن بعض الأشخاص الذين شملتهم الدراسة يعالجون اكتئابهم وليس القلق، لذا قد تكون الأرقام المذكورة في الدراسة مبالغةً.
- ترجمة: لؤي أحمد
- تدقيق علمي ولغوي: نور عباس
- المصادر: 1