يكشف لنا الجفاف الحاد الذي يتعرض له العراق عن مدينة قديمة يصل عمرها إلى 3.400 عام

أعلن الباحثون في يوم الاثنين بأن الجفاف الشديد الذي سببه التغير المناخي كشف لنا عن مدينة قديمة من العصر البرونزي في العراق، وعطى فرصة لعلماء الآثار لوضع مخططات عنها.

ضرب الجفاف المنطقة في شهر كانون الأول/ديسمبر، مما اضطر المسؤولون المحليون لسحب كميات كبيرة من المياه من خزانات نهر دجلة التي تتواجد في منطقة كردستان العراق، لحماية المحاصيل من الجفاف. ظهر للسطح هياكل قديمة تعود لمدينة يصل عمرها إلى 3.400 عام على طول النهر بسبب انخفاض مناسيب المياه.

وفقًا للأمم المتحدة United Nation، فإن العراق خامس أكثر بلد معرض لخطر التغيير المناخي في العالم. جعلت درجات الحرارة العالية البلد أكثر جفافًا وعرضة للجفاف، مهددةً الزراعة وطرق عيش الساكنين هناك. «احتياطات المياه لدينا أقل بكثير مما كان لدينا العام الماضي، بنسبة تصل إلى 50%» مستشار كبير في وزارة الموارد المائية العراقية لوكالة الفرنسية للأنباء AFP في نيسان/أبريل، وأرجع المستشار أسباب هذه الحالة المقلقة «لسنوات الجفاف المتتالية:2020، 2021، 2022.»

عرف الباحثون عن بقايا هذه المدينة من مدة طويلة، ولكن لا يمكننهم استكشافها إلا عند ظهورها بشكل دوري في أوقات الجفاف، آخر ظهور لهذه الهياكل كان في موجة الجفاف في عام 2018، ولم يكن الباحثون على يقين متى كانت ستظهر من جديد.

في كانون الثاني/يناير وشباط/فبراير، هرع فريق من علماء الآثار الأكراد والألمان إلى الموقع الأثري الذي يُدعى كيمون Kemune للكشف وتخطيط عن معظم جزاء المدينة، والتي تتضمن قصر بجدار يصل ارتفاعه إلى 20 قدم، والعديد من الأبراج، وبناية متعددة الطوابق.

يقول علماء الآثار أن تاريخ المدينة يعود إلى عصر الإمبراطورية الميتانية، وهي مملكة حكمت أجزاء كبيرة من شمال بلاد ما بين النهرين وسوريا بين عام 1550 و1350 قبل الميلاد. دمر زلزال كبير مدينة ميتاني بحدود عام 1350 قبل الميلاد، مسببًا انهيار الأجزاء العليا من الجدار ليدمر المباني تحته ويدفنها. يقول الخبراء أن الجدار المنهار ساعد في حفظ الهياكل القديمة بعد كل تلك السنين التي قضتها مغمورًة بالماء.

«أظهرت نتائج التنقيب بأن الموقع كان مركزًا مهمًا في الإمبراطورية الميتانية» هذا ما قاله عالم الآثار أحمد قاسم نجم، ورئيس هيئة كردستان للآثار، وقائد فريق التنقيب في بيان له.

اكتشف الباحثون أيضًا خمس جرار خزفية تحتوي بداخلها على 100 لوح مسماري، أو ألواح كتابة استخدمت في بدايات العصر البرونزي، أحد الألواح مازال في مغلف الطين الأصلي. يعود تاريخ هذه الألواح إلى وقت ما قبل تدمير المدينة من قبل الزلزال.

«الأمر أشبه بمعجزة أن تنجو هذه الألواح المسمارية المصنوعة من الطين لعقود طويلة تحت الماء» يقول بيتر بفالزنر من جامعة توبنغن، وهو أيضًا جزء من فريق التنقيب، في بيان له.

تقع المدينة القديمة كليًا تحت الماء الآن، وفقًا للبيانات الصحفية. عند انتهائهم من عمليات التنقيب في شباط/فبراير، غطى الباحثون الموقع بغطاء بلاستيكي لمنع المزيد من التدهور للمدينة عند غرقها من جديد.

هذا الفريق ليس المجموعة الوحيدة من الباحثين التي تسارع لحفظ الآثار المعرضة أو التي دمرت بسبب تأثير التغيرات المناخية. انحسار الماء، وذوبان الأنهر الجليدية، وارتفاع مياه البحر كلها عوامل بدأت بالظهور، وفي بعض الأحيان تتلف الاكتشافات الجديدة، فعلى سبيل المثال، ظهرت بقايا أجساد كانت مغمورة بمياه بحيرة ميد في ولاية نيفادا بسبب انحسار مستوى الماء. في هاواي أصبحت بقايا الأسلاف والتي هي أماكن دفن تقليدية على طول شاطئ البحر تحت تهديد ارتفاع مستوى البحر وتآكل الساحل.

«سيستمر ارتفاع مستوى البحر بتدمير تلك المدافن وستبقى الرفات البشرية مكشوفة للعيون» جينفر بيرونز Jennifer Byrnes، طبيب شرعي أنثروبولوجي، في تصريح لها لInsider في أيار/مايو.

  • ترجمة: عمران كاظم حسين
  • تدقيق علمي ولغوي: الجيلي النور
  • المصادر: 1