أجهزة إلكترونية تصلح ذاتها تلقائيًا!

تخيل أنه بدلًا من الحاجة لدفع فاتورةٍ ضخمة بعد إسقاطك لهاتفك المحمول، فإنَّه سيصلح نفسه ببساطة. إنَّ تطبيق فكرة الأجهزة الإلكترونية ذاتية الإصلاح توسُّعية، من روبوتات أكثر متانة، إلى أقمار صناعية ذاتية الإصلاح، وصولًا لشاشاتٍ ذاتية الإصلاح.

ما كان سابقًا أحلام كُتَّاب الخيال العلمي يمكن قريبًا أن يتحول لواقع بفضل الباحثين من تيكنيون-Technion، وهي مؤسسة إسرائيل للتقنية.

صرَّح الفريق، بقيادة يهوناداف بيكينشتاين-Yehonadav Bekenstein من كلية علوم المادة والهندسة ومؤسسة المادة الصلبة في تيكنيون، في صحيفة Advanced Functional Materials عن شبه ناقل صديق للبيئة مصنوع من كريستال نانوي ذاتي الإصلاح. كتب الفريق في ورقتهم البحثية: «يركز بحثنا على إعادة البناء الهيكلي للعيوب، والتي تُعزز في بيروفسكايتات الهاليد-halide perovskites بسبب الحركة العالية للذرات وإصلاح الروابط المكسورة».

إضافة:

البيروفسكايت هو أكسيد التيتانيوم والكالسيوم ويتكون من تيتانات الكالسيوم (CaTiO3).

لقد لفتت البلورات النانوية المصنوعة من بيروفسكايت الهاليد الانتباه مسبقًا في مجال علم المواد بسبب خصائصها الفريدة من نوعها، والتي تجعل منها ذات فعالية عالية في حفظ الطاقة في حين أن تكلفة إنتاجها غير باهظة. تركِّز الدراسة الحالية على فئة من البيروفسكايتات تسمى البيروفسكايتات المضاعفة – وهي بدائل غير سامة لبيروفسكايتات الهاليد شائعة الاستخدام.

قال بيكينشتاين في بريد إلكتروني: «تُعرف بيروفسكايتات الهاليد المعدنية بكونها شديدة الحساسية للمياه وتتحلل مطلقةً الفولاذ السام في التربة أو مياه الشرب، كتعرض خلية شمسية مكسورة للمطر على سبيل المثال. يقيِّد الاتحاد الأوروبي استخدام مثل هذه الأجهزة. نستخدم هنا مواد خالية من الرصاص وهي خيار أكثر أمانًا وصداقةً للبيئة في هذه التطبيقات».

يبدو أنَّه كنتيجة لصدفةٍ جميلةٍ، اكتشف الفريق ظاهرته المثيرة للاهتمام. عند مراقبة جزيئاتهم البيروفسكايت النانوية بمجهر النفاذ الإلكتروني (TEM)، فإنَّ ومضة الإلكترون سببت عيوبًا في بلوراتهم النانوية.

أوضح بيكينشتاين: «بينما كنا ندرس هيكل بلورات البيروفسكايت النانوية المضاعفة باستخدام مجهر TEM فوجئنا عند رؤيتنا لعيوب فراغية (حُفر) وهي تتشكل داخل الجزيئات وتتحرك. وبالرغم من أن هذه الظاهرة ليست جديدة وتحدث في العديد من المواد، فإنَّ الفراغات عادةً لا تتحرك. سحرتنا الحركيات-dynamics المذهلة التي قدمتها هذه الفراغات وقررنا استكشافها أكثر. كانت حادثةً جميلةً!».

في أثناء مراقبتها تحت المجهر، شوهدت الحفر التي تشكلت في البيروفسكايت المضاعف، إذ تحل كاتيونات Ag+ وIn3+ محل Pb2+، وهي تتحرك ضمن البلورة، متشكلةً في البداية على السطح ومن ثم منتقلةً للداخل، باتجاه مواقع أكثر ثباتة طاقيًا.

لاحظ العلماء أن هيكل سطح البلورات النانوية يؤدي دورًا مهمًا في حركيات هذه الحفر حالما تتشكل. هذا ويفترضون حدوث الاستيعاب الداخلي كنتيجةٍ للجزيئات العضوية التي تغطي سطح البلورات النانوية.

قال بيكينشتاين: «اكتشفنا أننا نستطيع هندسة هذا التأثير بل وحتى عكسه بتعديل الطاقة السطحية للبلورة، والتي تُعرف، في البلورات النانوية، أنها تتعلق بالجزيئات العضوية التي تغطي سطحها. أزلنا بعضًا من هذه الجزيئات وشاهدنا خصائص بلورات البيروفسكايت المضاعفة ذاتية الإصلاح».

عند إزالتهم للجزيئات العضوية فإنَّ البلورات طردت الحفر تلقائيًا، بدلًا من نقلها للداخل، عائدةً بذلك لهيكلها الأصلي، ومصلحةً ذاتها، وهو المهم – رغم أن ذلك يؤدي لتراجع هيكلي مع مرور الوقت.

يقول بيكينشتاين أنَّ هذه الدراسة خطوةٌ مهمةٌ نحو فهم العمليات التي تمكِّن جزيئات البيروفسكايت النانوية من إصلاح ذاتها وتمهد الطريق لإدماجها في ألواح شمسية وأجهزة إلكترونية متينة ومستدامة، وغيرها من الأمور.

قال بيكينشتاين: «لا زال أمامنا طريقٌ طويلٌ والعديد من التعديلات لاكتساب القدرة على إنتاجها على نطاق صناعي. يتوجب على المرء لإحداث فرقٍ أن يظهر النتيجة نفسها على بلورات أكبر وطبقات تُرى بالعين المجردة. إنًّها الخطوة المهمة القادمة».

  • ترجمة: شادي الصعوب
  • تدقيق علمي ولغوي: بهاء كاظم
  • المصادر: 1