صناعة الألماس في دقائق في درجة حرارة الغرفة
الألماس مرغوب للغاية في جميع أنحاء العالم، إذ يتشكل طبيعيًا في وشاح الأرض تحت درجة حرارة شديدة وضغط على مدى مليارات السنين. أما الآن، فقد أبلغ فريق من العلماء من الجامعة الوطنية الأسترالية (ANU) ومعهد ملبورن الملكي للتكنولوجيا (RMIT) عن وسيلة لصنع الأحجار الكريمة في درجة حرارة الغرفة في غضون دقائق.
بصرف النظر عن الدواعي الجمالية للألماس، فإنه يعد مادة مفيدة للغاية -لا سيما في مجال التكنولوجيا- نظرًا لصلابته الشديدة وموصليته الحرارية العالية وخصائصه البصرية الكمومية. وللتغلب على مشكلات توافره وتكلفته، أُنتج ألماس اصطناعي لأول مرة في أوائل الخمسينيات من القرن الماضي للاستخدام الصناعي.
في حين أنها وسيلة أسرع للحصول على الأحجار الكريمة، لا تزال هذه الإجراءات الاصطناعية تتطلب ضغطًا عاليًا ودرجة حرارة لتحويل الكربون الأولي إلى ألماس بلوري؛ وذلك لأن الطاقة المطلوبة للتغلب على الحاجز الحركي العالي بين مراحل دورة مادة الكربون عالية للغاية.
أبلغ فريق الباحثين بقيادة البروفيسور دوجال جي، في دراستهم الحالية التي نُشرت مؤخرًا في Small، عن تكوين الماس النانوي البلوري و lonsdaleite-وهو شكل أقل شيوعًا من الكربون بهيكل بلوري سداسي- في درجة حرارة الغرفة باستخدام ضغط 80 جيجا باسكال. إذ يعد هذا تحسنًا كبيرًا نظرًا لأن معظم الإجراءات تتطلب درجات حرارة تقارب 1400 درجة مئوية.
تنطوي (الحيلة) حسب كيفية تطبيق الضغط، إذ استخدم الكربون الزجاجي كمادة أولية، وضُغط في خلايا سندان الماس (وهو جهاز عالي الضغط يستخدم في الجيولوجيا والهندسة وتجارب علوم المواد) في درجة حرارة الغرفة. وقالوا: «الكربون الزجاجي هو شكل غير بلوري من الكربون، والذي يشبه الجرافيت في الغالب بارتباطه بـ sp2ذرة كربون مرتبطة بثلاث ذرات، منها رابطان مفردان، ورابطة مزدوجة واحدة، إذ تهجن الـ sp2وتشكل ترتيبًا مثلثًا أو مثلثًا مسطحًا بزوايا 120 درجة بين الروابط) ولكن على عكس الجرافيت، يحتوي على طبقات مرصوصة عشوائيًا وموجهة لتكوين مادة غير شفافة ومتماثلة».
باستخدام المجهر الإلكتروني للإرسال (TEM)، حلل الباحثون العينات السليمة المستردة من الخلايا، والتي يقولون إنها سمحت لهم بتوفير فهم أكثر اكتمالًا للطبيعة والعلاقة بين الأطوار الموجودة في المادة المستردة. وأضافوا: «هذا أشبه بأخذ عينات من قلب صخري بدلًا من عينات بودرة مسحوقة، وسمح لنا بالتحقيق في علاقات المستوى الذري بين ترتيب المراحل البلورية الحالية ومجال الضغط غير الموحد الموجود في خلية سندان الماس».
بعد ضغط الكربون الزجاجي وتحليل العينات، لوحظت ثلاث مراحل مميزة من الكربون: الجرافيت، والماس، ولونسداليت.
قال المؤلفون: «يُعتقد عمومًا أن الماس ولونسداليت، يتشكلان عبر مسارات تحويل مختلفة تتضمن انزلاق طبقات الجرافين […] لتحقيق التراص المناسب إذ تُضغط الطبقات معًا». إذ تلزم إزاحة الذرات المطلوبة لتكوين أشكالها البلورية بشكل عام عن طريق تسخين العينة لتقليل الحاجز الحركي الموجود بين المراحل.
لا يمكن تفسير وجود الألماس البلوري النانوي وعروق اللونسداليت في عيناتها -التي تحصل عليها بأعجوبة بدون تسخين- إلا من خلال وجود ضغط عالٍ وإجهاد القص (هو مقدار الالتواء الناجم عن انزلاق الطبقات المستوية فوق بعضها البعض ضمن تشوه يمكن تطبيقه عن طريق الاستطالة أو التقصير أو تغيير الحجم أو التشوه الزاوي، ويمكن أن يؤدي إجهاد القص إلى تسريع معدل تآكل الجسم)، مما ينتج عنه قوة التواء وانزلاق تساعد في التغلب على الحواجز الحركية لتغيير الطور.
خلص المؤلفون إلى أن: «ملاحظتنا للتحولات الطورية الناتجة عن القص في الكربون لها آثار واسعة النطاق في مجموعة من المجالات بما في ذلك علوم المواد والجيولوجيا وعلوم الكواكب، إذ قد تؤدي هذه الآلية إلى تغيرات طورية في المواد الصلبة الأخرى». قد يكون لهذا أيضًا آثار فيما يتعلق بالمكان الذي من المرجح العثور على الألماس فيه، سواءٌ على الأرض أو على الكواكب الأخرى، إذ أصبحت شروط تكوينه واسعة النطاق قليلًا.
- ترجمة: عبير زبون
- تدقيق علمي ولغوي: بهاء كاظم
- المصادر: 1