وجدت دراسة أن الذكريات الجيدة والسيئة تُخزّن في خلايا عصبية مختلفة

تُخزّن الذكريات في كافة المناطق المختلفة عبر الدماغ كشبكات من الخلايا العصبية تسمى engrams (الإنغرام: تغيير افتراضي في الأنسجة العصبية مفترض من أجل تفسير استمرارية الذاكرة)، إضافة إلى جمع المعلومات حول المنبهات الواردة، تلتقط ال engrams المعلومات العاطفية. في دراسة جديدة، اكتشف ستيف راميريز، عالم الأعصاب في جامعة بوسطن، المكان الذي يخزن فيه الدماغ الذكريات الإيجابية والسلبية واكتشف مئات العلامات التي تميز الخلايا العصبية للذاكرة الإيجابية عن الخلايا العصبية للذاكرة السلبية.

في عام 2019، وجد راميريز دليلاً على أن الذكريات الجيدة والسيئة مخزنة في مناطق مختلفة من الحُصين، وهي بنية على شكل الكاجو تحتوي على المعلومات الحسية والعاطفية اللازمة لتكوين الذكريات واستعادتها. فقد نُشّط الجزء العلوي من الحُصين عندما خضعت الفئران لتجارب ممتعة، لكن المنطقة السفلية نُشطت عندما كان لديها تجارب سلبية.

وجد فريقه أيضًا أنه يمكنهم التلاعب بالذكريات من خلال تنشيط هذه المناطق. عندما قام هو وفريقه بتنشيط الجزء العلوي من الحُصين، كانت الذكريات السيئة أقل مأساوية. على العكس من ذلك، عندما قاموا بتنشيط الجزء السفلي، أظهرت الفئران علامات على تغيرات سلوكية طويلة الأمد مرتبطة بالقلق. اشتبه راميريز في أن هذا الاختلاف في التأثير يرجع إلى أن الخلايا العصبية التي تخزن الذكريات الجيدة والسيئة لها وظائف مختلفة تتعدى مجرد الاحتفاظ بالعواطف الإيجابية والسلبية. ومع ذلك، قبل أن يتمكن من كشف هذا الاختلاف، كان بحاجة إلى تحديد الخلايا التي تخزن الذكريات الجيدة والسيئة. وقد نُشرت النتائج في مجلة Communications Biology.

الذكريات الإيجابية والسلبية:

لتحديد مكان تخزين الذكريات الإيجابية والسلبية، قام راميريز وفريقه بتعديل الخلايا العصبية للفأر وراثيًا لتتوهج باللون الأحمر أو الأخضر عند تنشيطها. فعندما كانت الفئران تمر بتجربة مؤلمة (أي تكوين ذاكرة سيئة)، منع الباحثون البروتين الأخضر من الظهور، وعندما كانت الفئران تمر بتجربة إيجابية (أي تكوين ذاكرة جيدة)، منع الباحثون البروتين الأحمر. بهذه الطريقة، تتوهج الخلايا العصبية التي تخزن الذكريات السيئة باللون الأحمر، وتتوهج الخلايا العصبية التي تخزن الذكريات الجيدة باللون الأخضر.

وجدوا أن بعض مناطق الدماغ (لا سيما قشرة الفص الجبهي، المنطقة المسؤولة عن تنظيم الأفكار والأفعال وفقًا للأهداف الداخلية) تحتوي على إشارات مشعة حمراء وخضراء، ما يشير إلى أنها استضافت الخلايا العصبية الإيجابية والسلبية لتخزين الذاكرة. والجدير بالذكر أن المناطق الأخرى استضافت بشكل أساسي نوعًا واحدًا فقط. على سبيل المثال، استضافت بعض أجزاء اللوزة (التي تشارك في معالجة المعلومات العاطفية) الخلايا العصبية التي تخزن الذكريات الإيجابية بشكل أساسي، في حين أن مناطق أخرى من اللوزة استضافت بشكل أساسي الخلايا العصبية التي تحمل ذكريات سلبية.

قال راميريز في تصريح: «هذا أمر غريب للغاية لأنه يشير إلى أن هذه الذكريات الإيجابية والسلبية لها ممتلكات منفصلة خاصة بها في الدماغ».

تعمل خلايا الذاكرة الجيدة والسيئة بشكل مختلف

نظرًا لأن الengrams الإيجابية والسلبية تخزن أنواعًا مختلفة من الذكريات وتوجد في مناطق دماغية متميزة، فقد اشتبه الباحثون في إمكانية تمييزها جزيئيًا. لفهرسة هذه الاختلافات، قارنوا الحمض النووي الريبي للخلايا العصبية النشطة أثناء إنشاء ذكريات إيجابية وسلبية بالخلايا العصبية التي يجري تنشيطها عند تخزين ذاكرة محايدة. عبرت الخلايا العصبية للذاكرة السلبية عن 212 جينًا لم تعبر عنها خلايا الذاكرة الإيجابية ولا خلايا الذاكرة المحايدة، وعبرت الخلايا العصبية للذاكرة الإيجابية عن 872 جينًا لم تعبر عنه خلايا الذاكرة السلبية ولا خلايا الذاكرة المحايدة. يشير هذا إلى أن الخلايا العصبية للذاكرة الإيجابية والسلبية تمتلك آليات جزيئية متميزة.

من المحتمل أن يكون لهذا تأثير هائل: إنه يفتح الباب لاستكشاف التلاعب بالذاكرة. وأضاف راميريز: «نريد تغيير قواعد اللعبة، أليس كذلك؟ نريد أن تكون الأشياء أكثر فعالية من خيارات العلاج المتاحة حاليًا».

  • ترجمة: عبير زبون
  • تدقيق علمي ولغوي: نور الحاج علي
  • المصادر: 1