لماذا يصاب العديد من الأشخاص تحت سن الخمسين بالسرطان؟

حقق الباحثون بالعوامل الكامنة خلف زيادة معدل حالات السرطانات الباكرة، والتي تصيب من هم أصغر من الخمسين عامًا..

وجدوا أنه من المحتمل للعوامل الحياتية في الحياة الباكرة وحياة الشباب أن تزيد خطر الإصابة بالسرطانات المبكرة.

يحدث السرطان عند حدوث طفرات جينية تسبب نمو غير اعتيادي ولا يمكن التحكم به لخلايا الجسد، ويمكن للسرطان أن يحدث في أي نسيج أو عضو من الجسم.

ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية، يعد المسبب الثاني للوفيات حول العالم.

يؤثر السرطان عادةً على الأشخاص بعمر خمسين عاماً فما فوق، إلا أن الدراسات أكدت أنه منذ عام 1990 وبعد، ازادات حالات حدوث السرطان بين الأشخاص بعمر أقل من الخمسين في أماكن عديدة من العالم.

تفرض السرطانات الباكرة معدل خطورة أعلى مع مشاكل صحية أخرى مثل انعدام الخصوبة، مشاكل قلبية وعائية وسرطانات منتشرة مرافقة إضافة للآثار الجانبية لعلاج السرطان نفسه.

قد يساعد فهم عوامل الخطورة للسرطانات الباكرة بمنعها، تقصيها المبكر والعلاج.

حديثاً، أجرى الباحثون مراجعة للعديد من الدراسات لتحديد عوامل الخطر المحتملة للسرطانات الباكرة.

ولاحظوا أن العوامل الحياتية مثل النمط الغذائي، السمنة والعوامل البيئية التي يتعرض لها الشخص قد تساهم بحدوث سرطان مبكر.

يقول الطبيب أندرو دنجوال، أستاذ في الطب بجامعة لويولا، مختص بعلم الأوبئة وبيولوجيا السرطان، والذي لم يكن جزءاً من الدراسة:

“أحد محاسن هذا النوع من التحليل هي أنه يؤمن فرصة للانخراط بحوارات موجهة تهدف لمواجهة هذه التفاوتات الصحية، والتي قد تمتلك القدرة على تأمين محاسن صحية طويلة الأمد لتلك المجتمعات المتأثرة”. “تؤمن الدراسة نظرة مادية لأثر النمط الغذائي، التمرين الرياضي والبيئة، ما قد يلعب دوراً في تطور السرطانات الباكرة”.

نُشرت الدراسة في مجلة علم الأورام السريري.

أنواع السرطانات المدروسة:

للمراجعة، قام الباحثون أولاً بتحليل البيانات العالمية من السنة 2000 وحتى 2011 لحدوث 14 نوع من السرطانات والتي ازداد معدل توالي حدوثها بين البالغين ممن كانت أعمارهم أقل من 50 عاماً والتي تضمنت:

• سرطان الثدي

• سرطان المستقيم والكولون

• سرطان بطانة الرحم

• سرطان المريء

• سرطانات الرأس والعنق

• سرطان الكلية

• الأورام الجلدية المتعددة

• سرطان البنكرياس

• سرطان البروستات

• سرطان المعدة

• سرطان الغدة الدرقية

فحص الباحثون الدراسات وحققوا بعوامل الخطر المحتملة للسرطانات، إضافة لوصف الورم سريرياً وبيولوجياً بمراحله المتقدمة والمتأخرة.

أقروا بأن زيادة حالات بدء السرطان المبكرة قد تكون مرتبطة بشكل جزئي بزيادة عدد حالات المسح.

وكتبوا أيضاً، على الرغم من أن عوامل أخرى قد تكون مسؤولة كذلك.

عوامل الحياة ومخاطر السرطان:

• بعد تحليل الملفات، لوحظ أن الأدلة المتزايدة تقترح إمكانية وجود فواصل زمنية لعدة عقود بين الضرر الخلوي البدئي وكشف السرطان سريرياً.

ولاحظوا أكثر أن زيادة عدد السرطانات المبكرة مرتبط بأنماط الحياة الحديثة والشائعة منها الحميات الغربية، ونمط الحياة والبيئة.

لاحظوا أن تغييرات كتلك، والتي بدأت بمنتصف القرن العشرين، ربما أثرت بحوادث السرطانات المبكرة منذ التسعينيات حيث أن تأثيراتها أخذت وقتاً للتجمع.

تتضمن عوامل الحياة التي قد تزيد من معدل الإصابة بالسرطان:

1. الحمية الغربية، والمعروفة بكثرة الأحماض الدسمة المشبعة، اللحوم الحمراء، اللحوم المعالجة، السكر والأغذية المعالجة بالإضافة للفواكه، الخضار، الحبوب الكاملة والألياف القليلة.

2. انخفاض معدلات الإرضاع الطبيعي وزيادة استهلاك الحليب الصناعي.

3. زيادة استهلاك الكحول.

4. عادات التدخين والتي تتضمن المدخنين أنفسهم والمدخنين السلبيين، إضافة للتعرض للدخان أثناء الحمل.

5. قلة فترات النوم بين الأطفال بسبب الأضواء القوية خلال الليل.

6. مناوبات العمل الليلية، حيث تزيد عوامل الخطر كالسمنة والسكري بالتالي تزيد من نسب حدوث السرطان.

7. تغيرات تناسلية وتتضمن الحيض المبكر، قلة أعداد الولادات، العمر المتقدم لأول حمل وزيادة استخدام موانع الحمل الفموية.

8. حياة الخمول وعدم النشاط الفيزيائي.

9. زيادة معدلات السكري من النمط الثاني.

وأضاف الباحثون أن ثمانية من أصل 14 سرطان تمت دراسته، يعزى سببه للجهاز الهضمي، مشيراً لأهمية الجراثيم الطبيعية في الأمعاء والفم بخطر الإصابة بالسرطان.

على وجه الخصوص، أشاروا لعوامل التغذية ونمط الحياة والاستخدام المتزايد للصادات الحيوية كعوامل تؤثر على الجراثيم الطبيعية وزيادة خطر الإصابة بالسرطان.

كيف يزيد نمط الحياة من خطر الإصابة بالسرطان؟

عندما سُئِلَ الطبيب جيبسمبير دسوزا، أستاذ في علم أمراض السرطان في جامعة جونز هوبكنز، عن كيفية زيادة عوامل الحياة من خطر الإصابة بالسرطانات المبكرة والذي لم يكن جزءاً في الدراسة، أخبر مجلة أخبار الطب اليوم:

“عوامل أنماط الحياة مثل السمنة، عدم النشاط الفيزيائي والحمية السيئة مرتبطة بزيادة خطر الإصابة بعدة سرطانات، من المرجح أن هذه العوامل تزيد خطر الإصابة بالسرطان بشكل مباشر وغير مباشر.

على سبيل المثال: تسبب زيادة بردات الفعل الالتهابية وتؤثر على أو تسبب اضطراباً بعمليات التنظيم الخلوية، بالتالي تزيد من خطر الإصابة بأمراض مزمنة أخرى والتي بدورها تزيد من خطر الإصابة بالسرطان”.

الطبيبة جيانين جينكجر، أستاذة زميلة لعلم الأوبئة في جامعة كولومبيا، والتي لم تكن جزءاً من الدراسة، أخبرت مجلة أخبار الطب اليوم أن العديد من عوامل الحياة مرتبطة بخطر الإصابة بالسرطانات المبكرة ويمكن أن تؤثر أيضاً على خطر الإصابة بالسرطان بمراحل متقدمة من العمر.

حيث قالت: “العديد من عوامل أنماط الحياة التي نوه إليها المؤلفون تؤثر كذلك على السرطانات المتأخرة؛ يمكن أن يختلف فقط الإطار الزمني خلال مسار الحياة ليسبب سرطانات مبكرة، عوامل كالبدانة قد تؤثر على مقاومة الأنسولين والالتهاب أي خطر الإصابة بالسرطان”.

“نعلم أن عوامل الحياة تغيرت خلال العقود الأخيرة لتحمل صفات غير صحية بأوقات مبكرة من الحياة… كمثال، نرى معدلات البدانة وزيادة الوزن بين الأطفال الآن أكثر مما كانت عليه قبل ثلاثين عاماً، نعلم أيضاً أن استهلاك الأطفال لكميات من المشروبات السكرية المحلّاة زاد عما كان عليه قبل ثلاثين أو أربعين عاماً”.

ونوهت: “نؤمن أن هذا التحول بتوقيت عوامل الخطر هذه خلال مسار الحياة قد يوجه بعض زيادات الإصابة بالسرطانات المبكرة”.

دور البيئة:

استنتج الباحثون احتمالية أن تكون عوامل الخطر للسرطانات المبكرة مرتبطة بالتعرض البيئي في الحياة المبكرة ومرحلة الشباب بدءاً من منتصف القرن العشرين وما بعد.

الطبيب توماتاكو أوجاي، زميل باحث بعلم الأمراض في مستشفى بيرجهام والنساء وكلية هارفرد للطب، أحد مؤلفي الدراسة أخبر مجلة أخبار الطب اليوم أن هناك حدود للدراسة.

قائلاً: “أحد حدود هذه الدراسة أننا لم نملك بيانات كافية من البلدان ذات الدخل المتوسط أو المحدود لتحديد أنماط حوادث السرطان خلال العقود… نأمل بمتابعة هذا البحث بجمع بيانات أكثر والتعاون مع مؤسسات البحث العالمية لمراقبة أفضل للأنماط حول العالم”.

ونوه قائلاً: “إن ندرة مجموع الدراسات طويلة الأمد ببيانات للتعرض الباكر خلال الحياة والعينات البيولوجية كان أيضاً أحد حدود هذه الدراسة، نحن بحاجة استثمارات طويلة الأمد والتزامات لمجموعات الدراسة كتلك”.

وقال الطبيب جيبسمبار دسوزا:

“تضع هذه المراجعة مجموعة كبيرة من الأبحاث بعوامل خطر متعددة وعدة سرطانات لوضع صورة أشمل لهذه الأنماط.

هذا النوع من الدراسات البيئية الشاملة لا تثبت أن عوامل الخطر تلك تسبب زيادة في الإصابة بمرض السرطان.

بل تقترح وجود صلة على الدراسات اكتشافها”.

ونوّه: “يوجد العديد من الدراسات طويلة الأمد والمصممة بشكل جيد والتي تؤمن أدلة غير رسمية لعوامل الخطر تلك وعلاقتها بتلك السرطانات، وأيضاً يوجد أدلة لدعم المشاكل المختصرة في هذه المراجعة”.

كيف تقلل من خطر إصابتك بالسرطان؟

عندما سُئل عن كيفية تقليل الأشخاص خطر الإصابة بالسرطان في ضوء هذه الاكتشافات، نصح الطبيب اوجاي بتغيير أنماط الحياة التالية:

• تجنب الحميات الغربية الغنية بالطعام المعالج، دسم، الحيوانات، الحلويات والفائض من اللحم الأحمر.

• تجنب السكر.

• ممارسة التمرينات الرياضية بانتظام.

• تجنب الدخان والتدخين.

• تجنب الكحول.

• استهلاك أطعمة ومشروبات مغذية.

• الحصول على قسط وافر من النوم ليلاً وتجنب الإضاءة القوية في الليل.

• التقليل من مناوبات العمل الليلية قدر الإمكان.

• التلقيح ضد العضويات المسببة للسرطانات مثل فيروس الحليمي البشري وفيروس التهاب الكبد.

  • ترجمة: رند طه
  • تدقيق علمي ولغوي: نور الحاج علي
  • المصادر: 1