خمس خطوات لتصبح شخصاً صباحياً

في الساعة السابعة من كل صباح، تنهض “جين والش” من سريرها مباشرة إلى بساط اليوغا حيث تنحني وتمدد جسدها لمدة نصف ساعة قبل شرب القهوة أو تناول الفطور أو إطعام القطط.

تقول والش التي تبلغ من العمر ثمانية وخمسين وتعمل في العلاقات العامة في مدينة نيويورك: “إن هذا البرنامج الصباحي يحدد مسار اليوم بأكمله”.

حافظت والش على هذا البرنامج لأطول فترة يمكن أن تتذكرها، حتى في العشرينات من عمرها بعد قضاء وقت متأخر من الليل بالخارج.

ودون روتينها الصباحي تقول: “مزاجي لا يكون بنفس الاستقرار، ولا أشعر بنفس الشعور الجيد بشكل عام”، وحين تبقى نائمة صباحاً، ينتابها شعور أنه قد فاتها شيء ما.

والش هي ما يدعوه الباحثون “الشخص الصباحي”، وهو الشخص الذي يستيقظ مبكراً ويكون أكثر نشاطاً في الصباح مقارنة بالشخص الليلي الذي ينشط بعد حلول الظلام. كل شخص لديه نمط زمني أو ميل يومي، وهو ميل طبيعي للنوم والاستيقاظ في وقت معين. يقول فيليب جيرمان، عالم النفس الإكلينيكي الذي يدير مختبر النوم وعلم الأعصاب وعلم الأمراض النفسية في جامعة بنسلفانيا: ساعتنا البيولوجية تعتمد بحوالي 30% إلى 40% على العوامل الوراثية، ومع ذلك ليس من المؤكد أنه “إذا كان آباؤك أشخاصاً ليليين، ستكون بالتأكيد مثلهم”.

تشير الأبحاث إلى أن بيئتك وعمرك وجنسك تؤثر أيضاً على النمط الزمني الخاص بك.

يستيقظ الأشخاص الصباحيون الأكثر تطرفاً بحلول الساعة 5:30 صباحاً ويذهبون للفراش في الساعة 8:30 مساءً، ولكن حتى الاستيقاظ في الساعة السابعة صباحاً يؤهلك أن تكون شخصاً صباحياً، كما يقول خبراء النوم.

إذاً ماذا لو أردت أن تصبح شخصاً صباحياً أكثر؟ عادة ما يواجه الأشخاص الذين هم أشخاص ليليون أو صباحيون بصرامة صعوبة في تغيير جدولهم الزمني وقد يحتاجون إلى مساعدة من أخصائي النوم. تقول جينيفر مارتن، رئيسة مجلس إدارة الأكاديمية الأميركية لطب النوم إن الأمر يشبه إلى حد كبير محاولة تغيير طولك. لكن الخبر السار هو أن معظم الناس لا يقعون في هاتين المبالغتين، كما تقول: وإذا أردنا (أو احتجنا) أن نبدأ الاستيقاظ في الخامسة صباحاً، فهذا يعدّ هدفاً قابلاً للتحقيق.

-الفوائد الصحية لتحولك لشخص صباحي:

من منظور تطوري، من المنطقي أن يكون لدينا جميعاً أنماط زمنية مختلفة. تقول بريتني بلير، أخصائية علم النفس الإكلينيكي وعضو هيئة التدريس المساعد في مركز ستانفورد لعلوم النوم والطب “أن أسلافنا الذين كانوا ينامون في الكهوف احتاجوا إلى بعض أفراد القبيلة ليبقوا يقظين في المساء، وآخرين ليبقوا في الصباح”، وهذا يضمن أن “القبيلة كانت آمنة طوال فترة ال 24 ساعة”، على حد قولها.

تقول بلير، على الرغم من أننا لم نعد بحاجة للحماية من الوحوش البرية التي تظهر في الساعات المبكرة من اليوم، لا توجد مشكلة في أن تكون شخصاً ليلياً، ومع ذلك يميل مجتمعنا إلى مكافأة الأشخاص الصباحيين. “بطريقة ما، إذا استيقظت باكراً في الصباح، فأنت مجتهد أكثر، وإذا استيقظت متأخراً، فأنت كسول”، هذا ليس صحيحاً بالطبع، فقد يكون الشخص ببساطة أكثر إنتاجية في الساعة الثانية صباحاً منه في الساعة الثانية ظهراً. تقول بلير أن مثل هذا التفكير “يلحق ضرراً حقيقياً بالأشخاص الليليين وراثياً، وينتهي بهم الأمر إلى تحمل هذا العبء”.

ومع ذلك، قد يكون لكونك شخصاً صباحياً بعض الفوائد الصحية حيث ربطت الأبحاث بين حياة الأشخاص الصباحيين مع صحة عقلية أفضل واحتمالية أقل بالإصابة بالفصام والاكتئاب، ووجدت أبحاث أخرى أن الأشخاص في الصباح يميلون إلى أن يكونوا أكثر نشاطاً.

بالإضافة لذلك، فإن الاستيقاظ مبكراً غالباً ما يكون الفرصة الوحيدة لبعض الناس -مثل الآباء- للحصول على وقت ومساحة لأنفسهم، كما تقول كاريسا تشامورو، أخصائية نفسية إكلينيكية خاصة مقرها مدينة نيويورك ومتخصصة في اضطرابات القلق والقضايا المتعلقة بالنوم، وهي تنصح العديد من زوّارها ببدء صباحهم باكراً: أنا أشجع الناس دائماً على اختيار شيء يستمتعون به ولا يشعرون أن لديهم وقتاً له خلال اليوم، وأن يكرسوا له خمس دقائق صباحاً، قد تكون قراءة رواية أو مجلة أو مدونة أي شيء يعود عليهم بالفائدة “. تضيف تشامورو أن التأمّل أو مجرد أخذ خمسة أنفاس واعية، يمكن أن يساعد أيضاً على بدء اليوم بشكل إيجابي.

إذا كنت عازماً على الاستيقاظ مع شروق الشمس -أو مجرد الحصول على قدر أكبر من الصباح- فاعلم أن الانتقال إلى برنامج جديد يتطلب وقتاً وجهداً. يقترح خبراء النوم هذه الاستراتيجيات:

1. ابحث عن أكبر قدر ممكن من الضوء الطبيعي.

تؤكد مارتن أن السر لتصبح شخصاً صباحياً هو التعرض للضوء الساطع، ذلك لأن الضوء يثبط الميلاتونين، وهو هرمون يلعب دوراً مهماً في توازن الساعة البيولوجية.

تقول: الشمس هي المحرك لساعتنا الداخلية.

عندما تستيقظ، انطلق للخارج لتمشية سريعة حول المبنى، أو اجلس في الخارج وأنت تحتسي فنجاناً من القهوة. توصي مارتن أيضاً بإعادة التفكير في الستائر المعتمة التي قد تستخدمها لتعزيز بيئة نوم مظلمة جداً، فهي تختار عدم استخدامها في غرف أولادها اللذين تتراوح أعمارهم بين 16 و20 عامًا. “أريد أن يدخل الضوء ويساعدهم على الاستيقاظ”، كما تقول.

(إذا كانت الإضاءة تزعجك ليلاً، ففكر في ارتداء قناع للعين تخلعه عندما تبدأ في الاستيقاظ).

على الرغم من أن الضوء الطبيعي مثالي، إلا أن بعض الضوء الصناعي يمكن أن يكون مفيداً أيضاً. تكون ساعات منبه شروق الشمس على شكل الشمس وتحاكي ضوء الصباح الطبيعي، بدلاً من إيقاظك بمنبه صاخب. بينما يلاحظ جيرمان نقصاً في الأبحاث حول أجهزة محاكاة الفجر هذه، “بحسب القصص المحكية، أخبرني الكثير من مرضاي أنهم يجدونها مفيدة جداً للاستيقاظ صباحاً”.

2. التغير تدريجياً.

تقول مارتن إن هناك طريقتين للتعامل مع رحلتك نحو النهوض المبكر. يمكنك الانغماس مباشرة في الاستيقاظ في الوقت الذي ترغب به كل يوم، علماً أنك ستشعر بالتعب أثناء هذا التحول ولكنك ستبدأ بالنوم بشكل طبيعي بوقت مبكر في غضون أسابيع قليلة.

ولكن بالنسبة لبعض الأشخاص -مثل أولئك الذين يحتاجون إلى القيادة لمسافات طويلة- فإن الأيام القليلة الأولى المرهقة من التبديل إلى برنامج جديد لا تكون آمنة. في هذه الحالة، توصي مارتن بالتحول التدريجي لحياة الشخص الصباحي. تقول: “ما سأقترحه على الناس هو تغيير نصف ساعة، والانتظار لبضعة أيام، ثم تغيير نصف ساعة أخرى، والانتظار لبضعة أيام، ثم تغيير نصف ساعة أخرى، حيث يكون تحمل هذا أسهل قليلاً على الناس”.

3. كن متسقاً حتى في عطلات نهاية الأسبوع.

أن تصبح شخصاً صباحياً هو عمل بسبعة أيام في الأسبوع. حدد الوقت الذي ستستيقظ فيه كل يوم والتزم به دون استثناء. يقول جيرمان: “إذا قال أحدهم، ‘أريد أن أكون شخصاً صباحياً أكثر خلال الأسبوع، لكني أريد أن أبقى نائماً في عطلة نهاية الأسبوع، فهذا لن ينجح”.

4. الاسترخاء في المساء.

يقول غيرمان أن ثبات وقت النوم ليس أمراً جوهرياً كالالتزام بوقت الاستيقاظ نفسه كل يوم، ولكن لا يزال من المهم التأكد من حصولك على قسط كافٍ من النوم. يجب أن يسعى معظم الأشخاص للحصول على سبع ساعات على الأقل في الليلة، لذلك ستحتاج على الأرجح لتغيير موعد نومك تدريجياً مع انتقالك إلى برنامج جديد.

ينصح جيرمان بتقليل مقدار التعرض للضوء الساطع بما لا يقل عن ساعة قبل ذهابك للفراش. تشير الأبحاث إلى أن التعرض للضوء الصناعي في وقت متأخر من المساء يحدّ من قدرة الجسم على إنتاج الميلاتونين، مما قد يتعارض مع كل من قدرتك على النوم ونوعية نومك.

إذا كنت تريد أن تضمن استغراقك في النوم سريعاً، تقترح بلير تجربة كميات صغيرة من الميلاتونين. وتقول أن أخذ جرعة 300 ميكروغرام قبل حوالي ثلاث إلى أربع ساعات من أن تنوي الذهاب للفراش ستساعدك على الشعور بالنعاس.

5. خطة لشيء نتطلع إليه.

لإغراءك بالخروج من السرير، تقترح مارتن أن تدلل نفسك بشيء مميز يمكنك الاستمتاع به أولاً. تقول: “يكون وقت الذهاب لشراء قهوتك المفضلة أو شراء بعض المعجنات لتناولها عندما يرن المنبه في الساعة الخامسة صباحاً، إذا فكرت بذلك لن تكره الاستيقاظ”.

هي تحب أيضاً حجز دروس اليوغا أو غيرها من الصفوف الرياضية في السادسة صباحاً على سبيل المثال، يساعد ذلك في تحميلك المسؤولية ويوفر سبباً إضافياً لعدم الضغط على زر الغفوة مراراً وتكراراً. إذا لم يعجبك ذلك، فاستخدم الوقت الصباحي للتواصل مع الأصدقاء في مناطق زمنية أخرى. تعيش مارتن في الساحل الغربي، وتعيش أختها في المنطقة الزمنية الجبلية. تقول: “أحب التحدث إليها عندما أستيقظ وهي تقود السيارة إلى العمل”.

  • ترجمة: راما الحسين
  • تدقيق علمي ولغوي: روان نيوف
  • المصادر: 1