كيف تحافظ على تركيزك عندما تعمل من المنزل

لا تنقّل ولا سفر بالسيارة من أجل الاجتماعات، ولا يوجد حتّى قيود على اللباس، وبذلك يمكن أن يبدو العمل عن بعد كأنّه حلم حتى تظهر الالتزامات الشخصية، فمن السّهل تجاهل المشتتات في المكتب ولكن في المنزل قد يكون من الصعب رسم الخط الفاصل بين الوقت الشخصي والمهني، مثلًا.

ضع في اعتبارك عندما كنت تعمل على مشروعٍ ما وتتلقى مكالمةً من صديق، أنت تعلم أنك بحاجةٍ إلى إنهاء عملك لكنك تشعر بوقاحة لعدم التحدث عندما تستطيع ذلك، أو على سبيل المثال أيضًا، فكّر في الوقت الذي تخطط فيه لقائمة مهامك اليومية ولكن عليك أيضًا أن تقرر متى ستقوم بالتزاماتك الشخصية، قد يبدو أخذ بعض الوقت لوضع قسم من الغسيل في الغسالة في منتصف النهار وكأنّه مهمة سريعة حتى تجد نفسك تعوّض هذا الوقت بالعمل حتى وقتٍ متأخرٍ من الليل.

في النهاية ليس من الواضح تمامًا كيفيّة التزامك بوقت العمل أو التوقف عن القيام به.

بالنسبة لشخصٍ مثلي عَمِلَ من المنزل لمدة 12 عامًا، وكنت مدربًا لإدارة الوقت للعاملين عن بُعد فقد رأيت واختبرت الأشياء الجيدة والسيئة والقبيحة. لقد اكتشفت أن أكثر العاملين عن بُعد تركيزًا وفعالية هم الذين وضعوا حدودًا لأنفسهم حتى يتمكنوا من إنجاز العمل.

فيما يلي بعض النصائح حول كيفيّة جعل العمل عن بُعد أكثر إنتاجية ورضى سواءً كان حدثًا يوميًا أو يومًا عرضيًّا بعيدًا عن المكتب:

تحديد ساعات العمل

قد يبدو هذا الأمر سخيفًا ولكن إذا كنت تريد أن يكون لديك يوم عملٍ حقيقي، فتظاهر أنك لا تعمل من المنزل.

قبل أن أصبح مدربًا لإدارة الوقت كان جدول أعمالي فوضويًا، ولم يكن لدي وقت محدد لأكون فيه على جهاز الكمبيوتر الخاص بي، وغالبًا ما كنت أقوم بجدولة المواعيد الشخصية أو تنفيذ المهمات خلال اليوم، وبما أن حياتي الشخصية لم يكن لها حدود فإن حياتي العملية لم تكن كذلك.

كنت أشعر بالذنب لعدم فحص البريد الإلكتروني الخاص بالعمل في جميع ساعات النهار والليل عندما أكون في المنزل، ولم أشعر أبدًا أنني أستطيع الراحة حقًا.

ولكن حدث تحوّل كبير عندما خصصت ساعاتٍ للعمل من المنزل -كان ذلك بالنسبة لي من الساعة 9 صباحًا حتى 6 مساءً معظم أيام الأسبوع- وحددت ما هو مقبول أو غير مقبول خلال ذلك الوقت، وغالباً ما كنت أسأل نفسي: “إذا كنت في مكتبٍ للعمل هل كنت سأقوم بهذه المهمة خلال النهار؟” إذا كانت الإجابة لا، فأنا أعلم أنني بحاجة إلى القيام بالنشاط قبل أو بعد ساعات العمل، وأصبحت الأعمال المنزلية والمهمات وقضاء الوقت مع الأصدقاء كلها أنشطة يجب أن تحدث قبل العمل أو بعده.

بالتأكيد، ما زلت أتلقى مكالمة بين الحين والآخر من صديق أثناء استراحة الغداء، أو إذا كانت لدي مهمة عاجلة مثل إصلاح السيارة فسأقوم بذلك خلال النهار (لكن هذه كانت استثناءات وليست القاعدة). لم أُنشئ وقتًا مخصصًا للعمل عند وضع هذه الحدود فحسب بل اكتشفت أيضًا أنه يمكنني التركيز على العناصر الشخصية الخالية من الشعور بالذنب بعد ساعات العمل.

رتّب يومك لتحقيق النجاح

قم بزيادة فعالية وقتك في المنزل إلى الحد الأقصى من خلال تنظيمه بشكل مختلف عن يوم العمل المعتاد، أي إذا كنت تعمل من المنزل على سبيل المثال يومًا واحدًا فقط في الأسبوع أو في بعض الأحيان، اجعله يومًا خاليًا من الاجتماعات، وإذا لم تتمكن من تجنب الاجتماعات تمامًا فاحجز نصف يومٍ على الأقل للعمل المركّز.

اختر الوقت الذي يناسبك بناءً على أهميّة الاجتماعات ومستوى طاقتك،

ثم حدد عنصرًا أو عنصرين رئيسيين تريد تحقيقهما خلال هذا الوقت. قد تكون هذه المهام تتطلب ساعة أو أكثر من الاهتمام المتواصل أو يمكن أن تكون عناصر تتطلب ببساطة تفكيرًا استراتيجيًا وإبداعيًا أكثر مما قد تتمكن من تحقيقه في بيئة المكتب. من المفيد أيضًا إغلاق بريدك الإلكتروني خلال هذه الفترة أو على الأقل الابتعاد عنه لمدة ساعةٍ في كل مرة.

أخبر زملاءك في المرات التي ستقطع فيها اتصالك معهم حتى لا يتفاجأوا من تأخّر الرد.

ضع حدودًا مع الآخرين

لجعل جهودك ثابتة كن واضحًا مع الأشخاص الذين قد يرون أيام عملك في المنزل على أنها مجرد أيامٍ تقضيها فيه، واشرح للأصدقاء والعائلة والمعارف الآخرين أن الأيام التي تعمل فيها عن بُعد ليست فرصًا للأنشطة غير المتعلقة بالعمل، فعلى سبيل المثال، إذا كنت في المنزل مع زوجتك فقل لها: “أنا أخطط لاستخدام الكمبيوتر من الساعة 8 صباحًا إلى 5 مساءً اليوم، أنا سعيدٌ للدردشة معك على الغداء لكن بخلاف ذلك سأكون مشغولًا”، لأنّه عادةً عندما تحدد التوقعات وتلتزم بها -لنفترض أنك ستنهي عملك في الخامسة مساءً- يفهم الناس حدودك بدلاً من افتراضهم أنّك ستكون متاحًا.

أوصي أيضًا بأن يكون لديك مكان تكون فيه بعيدًا عن أيّ شخص آخر قد يكون في المنزل، مثل المكتب أو غرفة النوم حيث يمكنك إغلاق الباب والبقاء بعيدًا عن الأنظار.

في بعض الأحيان عندما يأتي زوّارٌ غير متوقعين يجب أن تكون دبلوماسيًا، على سبيل المثال، إذا فاجأك أحد الجيران فكن منفتحًا لإجراء محادثة لبضع دقائق، تمامًا كما تفعل مع زميلٍ يتوقف عند مكتبك، لكن لا تقترح عليهم الحضور لشرب فنجان قهوة أو إجراء مناقشة طويلة، وقم باستخدام أسلوبٍ جميلٍ مثل: “كان من الرائع التحدث معك لكن لدي بعض العمل لإنهائه”، ثم حدد وقتًا للقائه بعد ساعات أو في عطلة نهاية الأسبوع.

أو حتّى إذا قال مالك العقار أنه يودّ التوقف للقيام ببعض الإصلاحات اعرض عليه وقتًا أو يومًا يناسبك بشكلٍ أفضل بدلاً من السماح له بأخذ زمام المبادرة.

إذا كنت بحاجة إلى تلقي طلباتٍ غير متعلّقةٍ بالعمل خلال اليوم فضع توقعات لمقدار الوقت المتاح لك بناءً على شكل جدولك الزمني في المكتب، فإذا طلبت عائلتك على سبيل المثال، القيام ببعض المهمات فقم بتقدير ما يمكنك القيام به خلال ساعةِ الغداء ثم التزم بذلك فقط، على سبيل المثال يمكنك القول: “يسعدني أن أُدخل الغسيل النظيف وأجلب بعض الحليب وقت الغداء، ولكن لن يكون لدي وقتٌ لشراء أغراضٍ من البقالة إلا بعد العمل” أو قم بتقسيم المهمات إلى أجزاءٍ أصغر مثل: “يمكنني توصيل السيارة إلى الميكانيكي اليوم لكن لن أتمكن من الاتصال بشأن مسألة التأمين الصحي حتى يوم غد”.

عندما تشرح حدودك لن تكون مضطرًا للقيام بالاعتذر، اعرض وقت عملك من المنزل بشكلٍ واقعي بنفس الالتزام الذي كنت ستقوم به لو كنت في المكتب أو أي مكانٍ للعمل.

نظرًا لكونك تتواصل مع محيطك باستمرار وتعيش وفقًا لهذه التوقعات سيبدأ الآخرون في توقعها، وستجد أنك تتمتع بمزيد من الوقت للتركيز في عملٍ فعليّ.

  • ترجمة: رؤى بستون
  • تدقيق علمي ولغوي: روان نيوف
  • المصادر: 1