كيف سيبدو العمل الافتراضي في الميتافيرس؟

أصبحت الفجوة الرقمية أقل حول إمكانية استخدام الأجهزة والاتصال وأكثر حول المهارات والأفكار. لم يتعلم العديد من المحترفين القدماء ذوي الخبرة وظيفيًا أكثر من الأساسيات البدائية للبريد الإلكتروني والبحث على الويب وبرامج المايكروسوفت أوفيس لذلك يعتمدون على زملائهم المقربين أو مكتب المساعدة في تكنولوجيا المعلومات عندما تسوء أعمالهم التكنولوجية.

و على النقيض أظهر الشباب ميزة تنافسية حقيقية في مكان العمل الافتراضي إذ أنهم قادرون على فهم التكنولوجيا الرقمية بسهولة ومبادرة استكشاف المشكلات وإصلاحها عبر دروس اليوتيوب والوسائط الاجتماعية والاشتراك بموقع ريديت الإخباري.

كجيل جديد يتصفون أيضًا بأنهم لاعبون بخبرات مهمة. نظرًا لأن المزيد والمزيد من العمل يتم في الواقع الافتراضي (VR)، فإنه لا يتعين على المرء أن يشارك الرؤية الغريبة لمارك زوكربيرج ميتافيرس الذي عبر عنها في مؤتمر 2021 Connect المتضمنة الاعتقاد بأنه سيكون على دراية ومعرفة بالألعاب متعددة اللاعبين (MMOs) مثل Fortnite وRoblox، ناهيك عن القدرة على إدارة الهويات الرقمية المتعددة التي تم تعيينها لجعل هذا العالم الافتراضي أكثر أمنًا.

لا يزال يتعين بناء الكثير من الميتافيرس. بالطبع لطالما استُخدم الواقع الافتراضي في التدريب على وظائف بدنية معينة، من رواد الفضاء والطيارين إلى تنفيذ القانون والجراحة والتصنيع. عندما يتعلق الأمر بالآلات المتخصصة أو المواقع المعقدة فإن مزايا السلامة والتكلفة النسبية للتدريب واضحة فعليًا. ولكن في العمل المعرفي -من هندسة البرمجيات إلى القانون إلى التصميم- ستكون التغييرات أكثر عمقًا.

كيف يمكن لأماكن العمل الافتراضية تحسين التواصل؟

اتسم العمل عن بعد أثناء الوباء بالنسبة لمعظم الناس، بالتبديل بين تطبيقات الاتصالات ومنصات حضور المؤتمرات عبر الفيديو مثل Slack وTeams وMiro، وهناك بالتأكيد مجال كبير للتحسين.

وجدت الدراسات الأكاديمية أن العمل التعاوني بين الزملاء يكون أصعب عندما يعملون عن بعد. تحل التبادلات عبر البريد الإلكتروني أو Slack بشكل متزايد محل المحادثات الشخصية في الوقت الفعلي، ما يعيق الاتصال.

ادعت Google نفسها أن الدردشات غير الرسمية في وقت شرب القهوة وتناول الغداء في حرمها الجامعي كانت مسؤولة عن ابتكارات مثل Street View وGmail. ولكن يختفي هذا النوع من المقابلات العفوية مع العمل عن بعد.

وبالطبع توجد تكاليف للعمل عن بعد من حيث الرفاهية الفردية أيضًا. إذ اكتشف باحثو جامعة ستانفورد أن ما يسمى ب «إجهاد الزوم» ناتج عن مزيج من الاتصال المكثف بالعين، ونقص الحركة، والوعي الذاتي حول تغذية الفيديو الخاصة بالفرد، والمطالب المعرفية بالحاجة إلى إعطاء ملاحظات مبالغ فيها للإشارة إلى الفهم والاتفاق أو الإجهاد.

التقدم التكنولوجي يعني أن حلول هذه المشاكل المتعلقة بالعمل عن بعد أصبحت ممكنة. تتوفر بالفعل برامج تعاون مثل Meta’s Horizon Workrooms وMicrosoft Mesh، والتي تسمح للزملاء بالالتقاء كأفاتار في الواقع الافتراضي أو المشاركة في اجتماع حقيقي كصورة ثلاثية الأبعاد واقعية.

لا شك أن الإصدار 1.0 من ميتافيرس سيشهد إنشاء المؤسسات لبيئات عمل مستمرة للواقع الافتراضي إذ يمكن للموظفين التفاعل في الوقت الفعلي كأفاتار مجسد. يمكن تصميم إصدارات الواقع الافتراضي للمساحات المكتبية لتشجيع اللقاءات المفاجئة والمحادثات الصغيرة.

تخيل على سبيل المثال إذا كان الانتقال من اجتماع بعيد إلى آخر يتطلب مغادرة غرفة الاجتماعات وعبور ردهة افتراضية مزدحمة. قد يبدو هذا الأمر بعيد المنال ولكن ضع في اعتبارك أن شركة PropTech الكورية المطورة لتطبيق عن العقارات اسمه Zigbang قد افتتحت بالفعل مكتبًا للواقع الافتراضي مكونًا من 30 طابقًا يسمى Metapolis. يختار الموظفون صورة رمزية وينتقلون إلى مكاتبهم عبر المصاعد والممرات. وعندما يقابلون الصورة الرمزية لأحد الزملاء يتم تنشيط كاميرا الويب والميكروفون حتى يتمكنوا من إجراء محادثة. يتم بعد ذلك إيقاف تشغيل كاميرا الويب والميكروفون تلقائيًا مع اختفاء الصورة الرمزية الخاصة بهم.

وفي الوقت نفسه فإن القدرة على استخدام لغة الجسد وقراءتها والمشاركة بنشاط في المناقشات الجماعية عن طريق كتابة الملاحظات اللاصقة أو الرسم على السبورة الافتراضية تجعل الاجتماعات عن بُعد في الواقع الافتراضي أكثر جاذبية وأقل جمود. إنها تتطلب استخدامًا أكبر للرقبة والكتفين والذراعين واليدين مقارنة مع ساعة عادية على تطبيق Zoom للتواصل عبر الفيديو.

كيف تعمل الصورة الرمزية؟

يبدو من المحتمل أن تظهر مجموعة جديدة من معايير مكان العمل مع تطور الميتافيرس. فقد تحل ألعاب الفريق -بما في ذلك ليالي البولينج الافتراضية ودورات تنس الطاولة الافتراضية- محل شرب المشروبات على تطبيق Zoom أثناء حدث اجتماعي افتراضي للعمل عن بُعد.

يمكن أن يحقق الواقع الافتراضي فوائد مميزة عندما يتعلق الأمر بالتوظيف في هذه الأوقات. وكما ثبت أن تجارب الأداء للمكفوفين تزيد بشكل كبير من أداء الموسيقى في الأوركسترات السيمفونية. ما يترتب عليه أثناء إجراء المقابلات كصورة رمزية التقليل من تأثير التحيز اللاواعي ضد الناس على أساس الجنس أو العمر أو المظهر.

تمامًا كما أن «الجلود» المخصصة (الملابس) هي ميزة للعديد من ألعاب تقمص الأدوار المتعدد اللاعبين على الإنترنت رمزها MMO، فقد يكون هناك شرط أيضًا أن يتواجد الإبداع في الأزياء والإكسسوارات الافتراضية في عالم العمل الافتراضي إذ يسعى الأشخاص إلى التعبير عن علامتهم التجارية الشخصية ضمن قواعد احتراف اللباس للأفاتار. باعت Gucci بالفعل قبعات وحقائب يد ونظارات شمسية افتراضية على منصة MMO Roblox.

كان الشباب هم الأكثر تضرراً من الاضطراب الذي أحدثه فيروس كورونا في سوق العمل. بينما عانى البعض من العمل والمشاركة في المهام المنزلية في السكن المشترك أو منازل آبائهم، تعرض آخرون للخداع بالانضمام إلى شركات لم تكن موجودة أصلاً.

ومع ذلك فقد جلب الوباء أيضًا لمحات مثيرة حول كيفية تطور العمل عن بُعد. إن العمل الافتراضي اختُرع ليبقى وذلك بسبب مخاوف الصحة العامة وضغط المناخ. ومع تطوره إلى ميتافيرس سيستمر هذا النوع من العمل في جذب القدرات التي تركز على الشباب وتدفعهم نحو الأمام.

  • ترجمة: رؤى بستون
  • تدقيق علمي ولغوي: نور الحاج علي
  • المصادر: 1