نجوم الدمى الروسية العجيبة، أحد تنبؤات معادلات النظرية النسبية العامة لآينشتاين

يقترح حل جديد للنظرية النسبية العامة لألبرت آينشتاين وجود نجوم افتراضية ذات جاذبية قوية تشبه الثقوب السوداء وتوجد أحدها بداخل الأخرى.

اقترح حل جديد لأحد معادلات النظرية الثورية لألبرت آينشتاين وجود نجوم افتراضية تدعى ‘نيستار’ مكونة من نجوم ذات جاذبية قوية مكدسة بعضها فوق بعض، وتعرف بنجوم الجرافا، والتي تشبه دمى الشاي الروسية المعروفة أيضًا بدمية ماتريوشكا.

أحد الأمور المذهلة بشأن نظرية النسبية لآينشتاين لعام 1915، هو عدد الأجسام الكونية المذهلة التي توقعتها معادلتها المركزية. بالإضافة لتوقعها بأن الجاذبية التي تنشأ من كتل الأجسام تجعل من نسيج الزمكان ينحني، أنتجت النظرية النسبية العديد من النظريات التي تخص الثقوب السوداء والأمواج التي تخلقها في نسيج الزمكان والتي يطلق عليها ‘موجات الجاذبية gravitational waves’، وأُثبتت النظريتان من خلال المراقبة.

أحد الأفكار البارزة للنظرية النسبية والتي لا تزال مجرد نظرية بحتة هي وجود كيانات نقيضة للثقوب السوداء تدعى: الثقوب البيضاء، ومن المحتمل أن ترتبط ببعضها البعض من خلال الثقوب الدودية، ولكن الوقت وحده من سيثبت إذا كان آينشتاين محقًا من جديد بهذا الأمر.

ظهرت نظرية أخرى من النظرية النسبية العامة في عام 2001 وهي مفهوم الجرافاستار Gravastars، أو ما يعرف بالأجسام المدمجة مع نواة الطاقة المظلمة، تظهر الطاقة المظلمة على أنها القوى التي تسرّع اتساع الكون، أما في حالة الجرافاستار، فيعتقد العلماء أن الطاقة المظلمة تضع ضغطًا عكسيًا لحماية النجم من قوى الجاذبية التي يصدرها النجم نفسه.

والآن، يقترح حل جديد لنظرية النسبية العامة منظورًا آخر لما يدعى بالجرافاستار (نجوم الجاذبية). إذ يمكن تكديسها بعضها داخل بعض، لتشكل سلسلة من نيستار ‘Nestars’.

صرّح دانييل جامبولسكي، أستاذ الفيزياء النظرية في جامعة غوته وأحد مطوري الحلول، في بيان له: “تشبه نيستار دمى ماتريوشكا، ويسمح حلنا لمعادلات الحقل بوجود سلسلة كاملة من نجوم جرافاستار المتداخلة”.

تعرف على الجرافاستار (مشابهة للثقوب السوداء ولكن مختلفة).

طور الفيزيائي الألماني ‘كارل شفارتسشيلد Karl Schwarzschild’ أثناء خدمته على الخطوط الأمامية في حرب العالمية الأولى وبعد عام فقط من إطلاق النظرية النسبية العامة للمجتمع العلمي، أول حل لمعادلات الحقل الخاصة بالنظرية العامة، وهو أمر أذهل حتى آينشتاين الذي اعتقد أن تطوير حلٍّ لمعادلاته سيأخذ سنين طويلة.

كان هناك ميزتان ضمن حل شفارتسشيلد ستؤديان بالنهاية إلى ولادة مفهوم الثقوب السوداء، إذ توقع عالم الفيزياء الألماني بأن السرعة المطلوبة للهروب من جسم ذو كتلة عند نصف قطر معين يجب أن تزيد إلى أكثر من سرعة الضوء.

ما يطلق عليه بنصف قطر شفارتسثيلد يكون تحت أسطح معظم الأجسام، على سبيل المثال: لو أخذنا الشمس فإن نصف قطرها يكون بحدود 1.9 ميل (3 كيلومتر) من قلب نجمنا، والتي تمتلك نصف قطر كلي بحدود 433.000 ميل (700.000 كيلومتر)، ولكن إذا انهار النجم وتقلص نصف قطره إلى أقل من نصف قطر شفارتسثيلد، سينتج عنه جسم ذو حدود خارجية والتي لا يستطيع حتى الضوء الهروب منه، وأدى هذا إلى مفهوم أفق حدث الثقب الأسود.

اقترح حل شفارتسشيلد وجود نقطة تكون فيها المادة كثيفة جدًا وحتى قوانين النظرية النسبية العامة تتحطم فيها، أصبحت تعرف هذه النقطة بالتفرد المركزي للثقب الأسود، حيث تصبح جميع النظريات الفيزيائية فيها بلا معنى.

أثبتت هذه المفاهيم عندما اكتشفت البشرية أو ثقب أسود، واتبعها في الألفية الثانية اكتشاف أن مصدر موجات الراديو القوية النابعة من قلب مجرة درب التبانة Milky Way ما هو في الحقيقة إلا ثقب أسود ضخم بكتلة تصل إلى 4.5 مليون مرة من كتلة الشمس، أطلق على هذا الفراغ المهول في مجرتنا اسم ‘الرامي أ Sagittarius A’.

أُثبت الشكل المرئي للثقب الأسود -كما وصفته النظرية النسبية العامة- في عام 2019 عندما كُشفت صورة لحلقة متوهجة من المواد حول الثقب الأسود الهائل الحجم في قلب مجرة مسييه Messier 87 87 للعامة من قبل مقراب تعاون أفق الحدث الدولي Event Horizon Telescope.

اقترح كل من باول مازور Pawel Mazur وإميل موتولا Emil Mottola في عام 2001 نجوم الجرافاستار كبديل لنظرية الثقوب السوداء.

من وجه نظر علماء الفيزياء النظرية، تتمتع الجرافاستار بالعديد من المزايا مقارنة بالثقوب السوداء، فالجرافاستار مركبة تقريبًا مثل الثقوب السوداء ولديها تأثير جاذبية في سطحها مشابه في القوة لما تمتلكه الثقوب السوداء، لذلك يحمل كلاهما تشابهًا كبيراً، ولكن هنالك بعض الاختلافات الرئيسية وهي:

1. لا تمتلك الجرافاستار أفق حدث أي أنها لا تحبس الضوء وبالتالي المعلومات القادمة من خلف ‘ستارة’ تكون ذات اتجاه واحد.

2. لا يوجد داخل الجرافاستار نقطة تفرد ولكن يوجد طاقة مظلمة.

تحتوي نظرية الجرافاستار التي كتبها كل من مازور وموتولا على طبقة خفيفة غير محدودة يصعب على العلماء تفسير وجودها، ترفض نظرية نيستار هذا الأمر، وتقترح أن ‘التراص’ يؤدي إلى مادة أكثر سمكًا قليلًا.

ويقول جامبولسكي: “من السهل جدًا تخيل إمكانية وجود شيء مثل هذا”.

بالطبع، لمجرد أن معادلات الحقل النسبية العامة تسمح بوجود مثل هذه الأجسام في الكون، فهذا لا يعني بالضرورة وجودها.

يقول المساعد في تطوير نظرية نيستار وعالم الفيزياء النظرية في جامعة غوته لوتشيانو ريزولا Luciano Rezzolla في بيان له: “لسوء الحظ، ليس لدينا أي فكرة عن الطريقة التي تتكون بها نجوم الجرافاستار، ولكن حتى لو لم توجد فإن اكتشاف الخصائص الرياضية لهذه الحلول سيساعدنا في النهاية على فهم الثقوب السوداء بشكل أفضل”.

إن مثل هذه الأبحاث مفيدة أيضًا، حتى لو لم تنطبق مع النظرية الرئيسية، لأنها تظهر طرق جديدة رائعة من نظرية عمرها أكثر من قرن.

وقال ريزولا: “إنه من الرائع بعد 100 عام من تقديم شفارتسشيلد الحل الأول لمعدلات الحقل لآينشتاين الخاصة بنظرية النسبية العامة، ما زال من الممكن إيجاد حلول جديدة. الأمر مشابه لإيجاد عملة نقدية ذهبية على طريق استكشفه الكثيرون من قبل”.

  • ترجمة: عمران كاظم حسين
  • تدقيق علمي ولغوي: روان نيوف
  • المصادر: 1