كبسولة الأنسولين بديلًا لحقن الأنسولين المؤلمة
تستخدم أجسامنا هرمون الأنسولين للتحكم في مستويات السكر في الدم وتحويله إلى طاقة. والمصابون بداء السكري من النوع الأول ينخفض إنتاجهم لهذا الهرمون أو ينعدم، لذا يتعين عليهم حقن جسدهم بالأنسولين الصناعي. وبعض المصابين بالنوع الثاني من داء السكري أيضًا يحتاجون إلى جرعات الأنسولين.
حقن الأنسولين يجب معايرتها حسب عدة معدلات وعوامل عند المريض، لإنها قد تزود مجرى الدم بكميات مفرطة من الأنسولين.
ينمو الأنسولين الصناعي في البكتيريا أو خلايا الخميرة في العادة، في عملية معقدة تمنع العديد من الشركات من الدخول إلى السوق. وهذا من الأسباب التي جعلت عددًا قليلًا من الشركات تحتكر إنتاج معظم الأنسولين في العالم، مما أدى إلى ضعف المنافسة في هذا المجال وارتفاع التكاليف على المرضى. ومن مشكلات هذا العقار أيضًا ضرورة تخزينه ونقله في درجات حرارة منخفضة، مما يصعب الاستفادة منه في الأماكن التي لا تتوفر فيها الشاحنات المبردة والكهرباء بشكل مستمر.
والحقن مؤلمة بغض النظر عن التكلفة، وإن لم تعاير بنحو صحيح فقد تدخل تركيزًا عاليًا من الأنسولين في مجرى الدم بسرعة كبيرة، فتسبب انخفاض مستويات السكر في الدم عن المستوى الطبيعي، في حالة تسمى انخفاض مستوى السكر في الدم hypoglycemia.
الأنسولين النباتي نَظَّم مستويات السكر في دم القوارض في غضون 15 دقيقة، دون التسبب في انخفاضها بشكل كبير.
حقن باحثون من جامعة بنسلفانيا جينات الأنسولين البشرية في خلايا نبات الخس، متجاوزين جدران الخلايا النباتية الصلبة باستخدام جهاز يسمى المدفع الجيني gene gun، وقد نجحت التجربة واندمجت الجينات مع المادة الوراثية (genome) لنبات الخس، وانتهى الأمر بأن ينتج النبات مادة الأنسولين باستخدام الجينات البشرية. ثم جفف الباحثون الخس بالتجميد (عملية تجفيف تستخدم لحفظ المواد القابلة للفساد أو جعل المواد في حالة تسهل نقلها) وطحنوه، وحولوه إلى مسحوق داخل كبسولة دواء يمكن تخزينها ونقلها في درجة حرارة الغرفة.
بعد ذلك جرَّب العلماء الأنسولين النباتي على الفئران المصابة بداء السكري، وأسفرت هذه التجربة عن تنظيم مستويات السكر في الدم لدى القوارض في غضون 15 دقيقة، دون التسبب في تدني مستوياتها. في حين أن الفئران التي عولجت بحقن الأنسولين الصناعي عادة ما أصيبت بانخفاض مستوى السكر في الدم مؤقتًا عند الحقن.
جدران الخلايا النباتية الصلبة تحمي الأنسولين النباتي من أحماض المعدة.
هذه ليست المحاولة الأولى لإنتاج أنسولين يمكن تناوله عن طريق الفم، ولكن العديد من الأبحاث السابقة فشلت بسبب تحلل الأنسولين في أحماض المعدة قبل أن يصل ما يكفي منه إلى مجرى الدم.
الجديد في هذا البحث أن جدران الخلايا النباتية الصلبة، التي حقنت باستخدام مدفع الجينات، تحمي هرمون الأنسولين في المعدة، وتتيح له الانتقال إلى الأمعاء فالكبد.
يحتوي الأنسولين النباتي الذي اكتشفه فريق الباحثين في جامعة بنسلفانيا على الببتيدات الثلاثة الموجودة في هرمون الأنسولين الطبيعي، وذلك يجعله أفضل من الأنسولين الصناعي الذي يفتقد إلى واحد من هذه الببتيدات (وهو C-peptide)، أي إنه خير بديل للأنسولين الذي ينتجه البنكرياس.
يمكن للمرضى الحصول على عقار ممتاز بتكلفة أقل.
ستتمثل الخطوات التالية لباحثي جامعة بنسلفانيا بتجربة الأنسولين النباتي على الكلاب ثم البشر. يعتقد الباحث الرئيس هنري دانييل أنه إذا نجح الأمر كما هو مأمول، فإنه قد يكون نقلةً للنصف مليار شخص الذين يعانون مرض السكري.
قال دانييل: «لقد نشأتُ في دولة نامية، ورأيت أناسًا يموتون لعجزهم عن تحمل تكاليف الأدوية أو اللقاحات… بالنسبة إلي فإن إمكانية الوصول إلى الرعاية الصحية عالميًا بثمن مناسب هو أساس عملي… وفي عملنا هذا فإننا نجعل الأنسولين في متناول الجميع ونحسنه بنحو كبير. لذا يمكن للمرضى الحصول على عقار ممتاز بتكلفة أقل».
- ترجمة: وجيه الشبعان
- تدقيق علمي ولغوي: موسى جعفر
- المصادر: 1