ست مهارات أساسية على كل قائد ممارستها

هناك قصّةٌ قديمةٌ عن سائحٍ يسأل أحد سكّان نيويورك عن كيفيّة الوصول إلى قاعة كارنيجي للحفلات الموسيقيّة وتأتيه الإجابة: “الممارسة ثمّ الممارسة ثمّ الممارسة”. من الواضح أنّها نصيحةٌ جيّدةٌ إذا كنت تريد أن تصبح عازفًا عالميًا — ولكنّها في الوقت ذاته نصيحةٌ جيّدةٌ إذا كنت تريد أن تصبح قائدًا من الدرجة الأولى.

كنّا نكتب على مدار العام الماضي كتاب دليل القادة هارفارد بزنس ريفيو — وهو كتابٌ تمهيديٌّ للقادة الطموحين الذين يرغبون في الارتقاء بحياتهم المهنيّة إلى المستوى الأعلى. وفي خطوةٍ مثّلت جزءًا من بحثنا من أجل الكتاب، أجرينا مقابلاتٍ مع أكثر من 40 من القادة الناجحين في الشركات الكبيرة والشركات الناشئة والمنظّمات غير الربحيّة للحصول على وجهات نظرهم حول ما يتطلّبه الأمر لتصبح قائدًا. كما استكشفنا في عدّة عقودٍ من الأبحاث حول هذا الموضوع المنشور في هارفارد بزنس ريفيو؛ وأسقطنا ذلك على تجربتنا الخاصّة في مجال تطوير القيادة.

تظهر خبراتنا وأبحاثنا أنّ أفضل طريقة لتطوير الكفاءة في القيادة لا تنحصر فقط في قراءة الكتب والذهاب إلى الدورات التدريبيّة فحسب، بل تشكّل الخبرة الحقيقيّة والممارسة المستمرّة لها العامل الأهمّ.

لنأخذ على سبيل المثال حالة دومينيك بارتون، الذي شغل منصب العضو المنتدب العالميّ لشركة ماكينزي وشركاه من 2009-2018. ففي مقابلةٍ له معنا، وهو يشير إلى ارتقائه كقائدٍ، لم يذكر أيّة برامج تعليميّةٍ أو كتبٍ قرأها، بل وصف العديد من تجارب “التعلّم بالممارسة” التي كان من شأنها أن تصوغ نجاحه المهنيّ.

وبصفته رئيس مكتب ماكينزي كوريا، على سبيل المثال، أدرك أنّ لديه “ملعبًا صغيرًا… لتجربة أشياء جديدةٍ” وخلافًا لجميع نصائح الزملاء المحليّين لتوخي الحذر واتباع المعايير الثقافيّة، بدأ بكتابة عمودٍ صحفيٍّ استفزازيٍّ يتحدّى الطرق التقليديّة للعمل بين الشركات المحليّة مع استمرار أسواقها في العولمة. “لقد خاطرتُ، وساعدنا ذلك في أن وضعنا على الخريطة، بشكلٍ غير مسبوق”. كما علّمته فترة عمله في كوريا أنه كان أفضل في بعض الأشياء من غيرها: “اعتاد مقيّم الأداء الخاصّ بي أن ينتقدني انتقادًا لاذعًا بانتظامٍ في تلك الأيام، إذ كنتُ جيّدًا في فتح مبادراتٍ جديدةٍ لا في إنجازها. وعندما أصبحت لاحقًا رئيسًا لشركة ماكينزي آسيا، ساعدني في رؤية أنّه كان عليّ توظيف مدير عمليّاتٍ قديرٍ للعمل معي- ممّا زاد من فعاليّتي القياديّة بصورةٍ ملحوظةٍ في هذا الدور الأكبر”.

أشار بحثنا أيضًا إلى ستّ مهاراتٍ قياديّةٍ كانت فيها الممارسة مُهمّةً على وجه الخصوص، وهي ليست غامضةً وبالتأكيد ليست جديدةً. ومع ذلك، أكّد القادة الذين تحدّثنا معهم أن هذه المهارات الأساسيّة مهمّةٌ حقًّا، وعلى القادة الطموحين التركيز على ممارسة هذه الأساسيّات الضروريّة:

  • قم بتشكيل رؤيةٍ مثيرةٍ ومليئةٍ بالتحدّيات لفريقك (أو القسم/ الوحدة/ المؤسسة).
  • ترجم هذه الرؤية إلى استراتيجيّةٍ واضحةٍ حول الإجراءات التي يجب اتّخاذها وما لا يجب القيام به.
  • قم بتوظيف وتطوير ومكافأة فريقٍ من الأشخاص المثابرين لتنفيذهم الاستراتيجيّة.
  • ركّز على النتائج القابلة للقياس.
  • عزّز الابتكار والتعلّم للحفاظ على فريقك (أو مؤسّستك) وتنمية قادةٍ جدد.
  • قد نفسك— اعرف نفسك، وحسّن نفسك، وأشرف على التوازن المناسب في حياتك الخاصّة.

يمكنك العثور على فرصٍ لممارسة هذه المهارات الستّ، بغضّ النظر عن مكان وجودك في حياتك المهنيّة. وستكون لديك درجاتٌ متفاوتةٌ من النجاح، وهو أمرٌ طبيعيٌّ. ولكن من خلال التفكير في نجاحاتك وإخفاقاتك في كلّ خطوةٍ، والحصول على ملاحظاتٍ من الزملاء والموجّهين، ستستمرّ في إجراء تعديلاتٍ إيجابيّةٍ وستجد المزيد من فرص التعلّم. ويُظهر بحث فرانشيسكا جينو وبرادلي ستاتس المنشور في هارفارد بزنس ريفيو مدى أهميّة هذا التفكير في تحسينك: لقد وجدوا أنّ العمال كانوا قادرين على تحسين أدائهم بنسبة 20% بعد قضاء 15 دقيقة في نهاية كلّ يومٍ في كتابة تأملّاتٍ حول ما فعلوه بشكلٍ جيّدٍ، وما فعلوه بشكلٍ خاطئٍ، والدروس المستفادة. غالبًا ما يكون لدى القادة تحيٌّز للعمل يمنعهم من التراجع بهذه الطريقة — لكن التفكير في ممارستك هو الذي سيساعدك على التحسن.

لا تنتظر حتّى تأتي فرص التعلّم إليك. ابحث عنها وتطوّع لأخذها على عاتقك. وإذا كنت لا ترى الفرص في مؤسّستك، فابحث عنها خارج نطاق عملك المهنيّ في مجموعةٍ مجتمعيّةٍ أو منظّمةٍ غير ربحيّةٍ أو منظّمةٍ دينيّةٍ، والتي غالبًا ما تكون متعطّشةً لتدخّل القادة وتقدّمهم. فعلى سبيل المثال، وصف ستو فريدمان من وارتون كيف انضمّ مديرٌ شابُّ، كان يطمح إلى أن يصبح رئيسًا تنفيذيًا، إلى مجلسٍ مجتمعيٍّ في المدينة، ممّا سمح له بصقل مهاراته القياديّة؛ وبعد ثلاث سنواتٍ، بات على مسار تعاقبٍ رسميٍّ للرئيس التنفيذيّ.

في النهاية، مع تقدّمك، ستصل إلى مستوىً من القدرة في هذه المجالات بحيث تبدأ في رؤية النتائج: ستجعل الأمور تحدث بنجاحٍ من خلال الأشخاص الذين يعملون لديك في فريقك أو في قسمك. ومع نجاحك، ستبدأ هذه النتائج في البناء فوق بعضها البعض- ستشرف على منتجٍ جديدٍ يصبح نجاحًا كبيرًا أو تتولّى مسؤوليّة مبادرةٍ تحويليّةٍ تعيد تعريف سوقٍ رئيس. وسيرغب المزيد والمزيد من الأشخاص في التسجيل والعمل معك. وسيسأل العملاء عنك بالاسم. وستتمّ دعوتك لتمثيل الشركة في مؤتمرات الصناعة الرئيسة. وسواءً كنت تستخدم هذا الزخم لتوجيه مبادرةٍ جديدةٍ أو لبدء شركتك الخاصة، فستبدأ في إحداث تأثيرٍ كبيرٍ حقًّا. ستصبح قائداً قادراً على حشد منظّمةٍ من الناس حول هدفٍ جماعيٍّ ذي مغزىً وتقديم النتائج للوصول إليه.

  • ترجمة: هبة الزبيبي
  • المصادر: 1