تُشير الأدلّة إلى أَن عصير (الجريب فروت) يمكن أن يقتلك

البَشر عبارة عن أكياس إسفنجية ناعمة من الدم، تتسم إلى حدٍ ما بالمرونة بعدّة طرق، ولكن إذ لم نكن حذرين، فإن هناك الكثير من المخاطر التي يمكن أن تُسبب مشاكل خطيرة،

وهي لا تُعلِن عن نفسها دائمًا.

ففي بعض الأحيان، يمكن للمظاهر الأكثر حميدة أن تخفي مخاطر مُحتملة. يعتبر تناول عصير (الجريب فروت) الذي قد يستمتع به معظم الناس مع الوجبة الصباحية، لذيذ وصحّي إلى حد معقول ومليء بالفيتامينات والمعادن. ومع ذلك، فإن مزجه مع دواء خاطيء قد يجعله مُميتًا.

أظهرت مجموعة متزايدة من الأبحاث أَن عنصرين من فئة المركبات الكيميائية تسمى فورانوكومارين furanocoumarins والتي توجد بتركيزات عالية في الجريب فروت يمكن أن تقلّل أو تعزّز امتصاص بعض الأدوية. ويؤدي هذا إلى انخفاض خطير أو كما هو الحال في كثير من الأحيان، ارتفاع خطير في مستويات تلك الأدوية في الجسم.

لا يوجد عنصرا الفورانوكومارين furanocoumarins المتفاعلان مع الأدوية في الجريب فروت فقط. يمكن أيضًا العثور على مركب البرغموتين في البوملي والبرتقال البرغموت، وثنائي هيدروكسي برغموتين في البوملي وبرتقال إشبيلية، وغالبًا ما يستخدم الأخير لصنع مربى البرتقال (الجريب فروت هو نتيجة هجين البوملي البرتقالي).

وكما أوضح عالم الصيدلة شيو مي هوانغ من إدارة الغذاء والدواء الأمريكية، فإن “العصير يسمح بدخول المزيد من الدواء إلى الدم. وكلما زادت كمية الدواء في الدم، كلما زادت الآثار الجانبية”.

هكذا يعمل الجسم: ينتج الجسم إنزيمًا يسمى السيتوكروم P450 3 A4 (أو CYP3 A4) بشكلٍ رئيسي في الكبد والأمعاء الدقيقة. يساعد هذا الإنزيم على تحطيم الجزيئات الغريبة الصغيرة مثل السموم أو الأدوية؛ حتى يتمكن من طردها. وهذا يلعب دورًا أساسيًا في استقلاب العديد من الأدوية.

يتداخل الفورانوكومارين مع قدرة الجسم على إنتاج أو استخدام CYP3 A4 بشكلٍ فعّال (بالإضافة إلى عناصر أُخرى في عائلة إنزيم السيتوكروم P450). مجرد كوب واحد من عصير الجريب فروت يمكن أن يتداخل مع CYP3 A4 والاستهلاك المتكرر يقلل من نشاط الكبد لإفراز CYP3 A4.

وهذا بدوره يتعارض مع قدرة الجسم على استقلاب بعض الأدوية عن طريق الفم. فيدخل المزيد من الدواء إلى الدم ويبقى في الجسم لفترة أطول، مما يعطي تأثير الجرعة الزائدة حتى عند تناول الجرعة الصحيحة. وتتنوع أنواع الأدوية المعنية، بدءًا من أدوية الكولسترول وضغط الدم، إلى أدوية السرطان والأدوية المضادة للقلق.

نتائج هذا يمكن أن تكون خطيرة جدًا. فهناك مضاعفات تنتج عن تأثر بعض الأدوية بالفورانوكومارين مثل: ضربات القلب السريعة وانهيار الأنسجة العضلية وتسمم نخاع العظم وضيق التنفس ونزيف الجهاز الهضمي والفشل الكلوي.

وفي الحالات القصوى النادرة، يمكن أن تكون هذه التفاعلات قاتلة.

يمكن أن يكون (للجريب فروت) تأثير معاكس مع بعض الأدوية الأخرى.

على سبيل المثال، فإن استهلاك الجريب فروت مع عقار فيكسوفينادين، وهو مضاد للهستامين، يقلّل من فعاليته. على الرغم من أن الآثار الجانبية المحتملة ليست شديدة، فمن المؤكد أنه ليس من المثالي أن تجد دواء الحساسية الخاص بك غير فعّال فجأةً بالقدر الذي تحتاجه.

إذا كنت تتناول دواءً مهمًا، فلن تحتاج بالضرورة إلى تجنب (الجريب فروت) بشكلٍ أساسي. لكن اسأل طبيبك أو الصيدلي إذا كنت بحاجة إلى أن تكون على دراية بأي تفاعلات محتملة، وتأكد من قراءة أي معلومات مقدمة مع الدواء الخاص بك.

وربما يكون شرب كوب من الماءِ كافٍ لغسل التأثيرات السلبية.

  • ترجمة: عبير ياسين
  • تدقيق علمي ولغوي: فاطمة قائد
  • المصادر: 1