البحث عن المادة المظلمة
طبّق العلماء لأول مرة طريقة جديدة واعدة للبحث عن جسيمات المادة المظلمة في مسرع الجسيمات.
يستند الأسلوب المستخدم من قبل الباحثين في التعاون الدولي JEDI على رصد استقطاب الدوران لشعاع الجسيمات في حلقة تخزين يوليش COSY، ونُشرت نتائجهم اليوم في مجلة ‘Physical Review X’.
يتكون حوالي 80% من المادة في الكون من مكوّنات غير معروفة وغير مرئية، والتي اُفترضت ب ‘المادة المظلمة’ منذ 90 سنة تقريبًا.
يوضح يورغ بريتز Jörg Pretz، أحد المؤلفين المشاركين في الدراسة، والذي يشغل منصب نائب مدير معهد الفيزياء النووية Forschungszentrum Jülich، والأستاذ في جامعة RWTH Aachen قائلًا: “كانت هذه هي الطريقة الوحيدة للتوافق بين توزيع سرعة المادة المرئية داخل المجرات مع المعرفة الموجودة، بالإضافة إلى أنّ الشكل المظلم من المادة الذي لم يسبق ملاحظته، يجب أن يحافظ على استقرار المجرات”.
بحث علماء الفيزياء عن هذه المسألة منذ ثلاثينيات القرن العشرين، وعلى الرغم من أنّ العلم لا ينقصه الكثير من النظريات، إلّا أنّه لم ينجح أحد حتى الآن في الكشف الفعلي عن المادة المظلمة.
“هذا لأن طبيعة المادة المظلمة لا تزال غير واضحة تمامًا”.
يقول الدكتور فولكر هيني Volker Hejny، من معهد يوليش للفيزياء النووية، والعضو في التعاون الدولي JEDI الذي أجرى التجربة: “هذا لأن طبيعة المادة المظلمة لا تزال غير واضحة تمامًا”.
تعمل الأبحاث والعلماء المشاركون في التعاون على قياس عزم ثنائي القطب الكهربائي للجسيمات المشحونة منذ عام 2011، ولكن المادة المظلمة غير مرئية ولم تكشف عن نفسها حتى الآن إلا بشكل غير مباشر من خلال جاذبيتها، وتأثيرها صغير نسبيًا وهذا هو السبب في أنها تصبح واضحة فقط في حالة الكتل الكبيرة جدًا، مثل: المجرات بأكملها.
اقترح الفيزيائيون النظريون بالفعل عددًا من الجسيمات الأولية الافتراضية التي يمكن أن تتكون منها المادة المظلمة، واعتمادًا على خصائص هذه الجسيمات، يمكن استخدام طرق مختلفة للكشف عنها، كتلك التي لا تتطلب الكشف عن تأثيرات الجاذبية المعقدة للغاية، وتشمل هذه الطرق المحاور والجسيمات الشبيهة بالمحور.
يوضح پريتز ذلك بقوله: “كان الهدف من المحاور في الأصل حل مشكلة في نظرية التفاعل القوي للديناميكا اللونية الكمية”.
يمكن أن يعود اسم المحور إلى الفائز بجائزة نوبل في الفيزياء، Frank Wilczek فرانك ولتشيك، ويشير إلى نوع من المنظفات، لأنّه كان طن المفترض أن وجود الجسيمات ‘ينظف نظرية الفيزياء’، إذا جاز التعبير.
وللكشف عن المحاور استخدم العلماء في تعاون JEDI حلقات الجسيمات، إذ يوضح هيني: “الدوران خاصية فريدة في ميكانيكا الكم تجعل الجسيمات تتصرف كقضيبٍ مغناطيسي صغير”.
تُستخدم هذه الخاصية في التصوير بالرنين المغناطيسي، وكجزء من هذه العملية تُحفز محاور النوى الذرية بواسطة المجالات المغناطيسية الخارجية القوية.
تُستخدم تكنولوجيا التصوير بالرنين المغناطيسي للبحث عن المادة المظلمة، وبينما في التصوير بالرنين المغناطيسي الطبيعي تكون الذرات ساكنة، فإنها في المسرع تتحرك الجسيمات تقريبًا بسرعة الضوء، مما يجعل الفحوصات في بعض المناطق أكثر حساسية والقياسات أكثر دقة.
استخدم علماء JEDI في تجربتهم سمة خاصة من سمات مسرع جسيمات يوليش COSY، وهي استخدام الحزم المستقطبة.
يقول پريتز: “في حزمة الجسيمات التقليدية، تدور محاور الجسيمات في اتجاهات عشوائية، أمّا في شعاع الجسيمات المستقطبة، تدور مصطفة في اتجاه واحد، وهناك فقط عدد قليل من المعجلات في جميع أنحاء العالم لديها هذه القدرة”.
إذًا كما يظن العلماء، يحيط بنا مجال خلفية من المحاور وهذا من شأنه أن يؤثر على حركة المحاور، وبالتالي يمكن الكشف عنها في نهاية المطاف في التجربة، ومع ذلك فإن التأثير المتوقع ضئيل والقياسات ليست دقيقة بما فيه الكفاية.
وعلى الرغم من أن تجربة JEDI لم تعثر بعد على أدلة لجسيمات المادة المظلمة، فقد تمكن الباحثون من زيادة تضييق تأثير التفاعل المحتمل، وربما تمكنوا من إنشاء طريقة جديدة واعدة في البحث عن المادة المظلمة.
- ترجمة: حنان الميهوب
- تدقيق علمي ولغوي: روان نيوف
- المصادر: 1