اكتشاف رائع يكشف السبب وراء عدم قدرتك على الحصول على متقدّرات والدك

في الواقع يستطيع كل حيوان على سطح الأرض أن يشكر والدته على الطاقة التي تغذّي كل خلية من خلاياه.

يتم توليد الطاقة في عضيّة من الخلية تعرف بالمتقدّرة (الجسيم الكوندري)، وتصنع هذه العضية بالكامل من تسلسل وراثي يوجد في الحمض الوراثي الDNA لوالدتك.

إن الحمض النووي المتعلق بالمتقدّرات لدى الأب، أو ما يعرف ب mtDNA، لا يلعب أي دور. ومع ذلك فإن فهم كيفية إعطاء جينات المتقدّرات لدى الأب فرصة ليست واضحة بالكامل، مع دراسات مختلفة تدعم انهياراً للحمض النووي في هيولى البويضة، وتعديلات شديدة على النطفة عندما يتم تشكيلها.

لم تستطيع دراسة جديدة وضعت تسلسل للجينات في النطاف البشرية ان تكتشف mtDNA سليم قبل عملية التلقيح، وهذا ما يدعم فكرة حدوث عملية تقطيع في مرحلة أبكر.

على الرغم من أن كل نطفة تملك لوحدها تقريبا 100 متقدّرة، إلا أن فريقاً من الولايات المتحدة الأمريكية ومن اسبانيا لم يجد أي أثر ل mtDNA ذكوري داخل المتقدّرات. كما أن النطفة لا تحوي على عوامل النسخ اللازمة للحفاظ على ال mtDNA.

كتب الكتّاب “نحن نستنتج بأن الحيوانات المنوية البشرية الناضجة خالية اساساً من ال mtDNA، بالتوافق مع وراثة أموية لجينوم المتقدّرات لدى الثديات”.

بالطبع ما زالت الخلايا الجنسية الذكرية تساهم في إعطاء DNA نووي لذريّتها، وأيضاً الجينوم البشري النووي هو أكبر بمليار مرة من جينوم المتقدّرات. وبرغم ذلك فإن الطفرات في الجينوم السابق مرتبط بمجموعات متنوعة من الأمراض وعمليات الشيخوخة، والتي تقترح بأنها مهمة جداً للصحة وللوظائف الحيوية.

لماذا يتم إذاً تمرير الmtDNA الخاص بالأم فقط؟

إحدى الفرضيات مرتبطة بأنه يعد جينوم المتقدّرات ذو معدل طفرات أعلى نسبياً من الجينوم النووي. تحتوي كل خلية في الجسم على عدد كبير من المتقدّرات، والتي تنفصل وتنتقل إلى الخلايا البنت عندما تنقسم الخلية الأم.

إن طريقة حدوث هذا الانقسام غير منظمة إلى حدٍ كبير، وهذا يعني بأن الخلايا البنت لا تحصل دائماً على عدد كافٍ من المتقدّرات بما يتوافق مع حاجتها. إن المتقدّرات القليلة التي تتلقى جهدًا كبيرًا يزيد من احتمال حدوث الطفرات والانقسامات.

ولأن النطفة تتحرك بسرعة مستهلكةً طاقتها محاولةً الوصول إلى البويضة للإلقاح، من المحتمل جداً أن يتعرض الmtDNA لديها (في حال وجوده) لمجموعة من الطفرات.

كن من جهة أخرى، لا تعتمد الخلية البويضية على متقدّراتها من أجل الطاقة، بل هي تحفظ هذه العمليات من أجل المستقبل وتقوم بدلاً عن ذلك بمصّ الطاقة من متقدّرات الخلايا المجاورة.

يشرح لنا عالم البيولوجيا التنموية شوكهارت ميتاليبوف من OHSU: “تقوم البيوض بتمرير ال mtDNA بشكل جيد جداً ولو جزئياً لأنها لا تستخدم المتقدّرات كمصدر للطاقة”.

هذه الاكتشافات لا تشرح لماذا يقوم العلماء في بعض الظروف النادرة بإيجاد انتقال ل mtDNA والذي يبدو بأنه قادم من الأب والأم كليهما. ولكنها قد تساعد الخبراء في فهم بعض اضطرابات الخصوبة التي يمكن أن تنتقل عبر النطفة أو البويضة.

في السنوات الأخيرة، بدأ العلماء بإيجاد طرق لاستهداف طفرات محددة في DNA المتقدّرات بحيث لا يتم توريثها إلى الذريّة.

حقيقةً، يولد الكثير من الأطفال من كل أنحاء العالم ب DNA من ثلاثة أشخاص مختلفين، بعد أن حصل والديهم على علاج متطور لاستبدال المتقدّرات.

يملك هؤلاء الأطفال المذهلينDNA نووي ناتج عن إلقاح النطفة والبويضة مثل جميع الأطفال الآخرين، ولكن DNA المتقدّرات لديهم قادم من بويضة متبرّعة مختلفة.

يستنتج كتّاب هذه الدراسة الحديثة: “يعد التوريث الأمومي لل mtDNA نموذجاً مهماً يقود وجود وتطور معظم الأنواع تقريبا. ولكن ما يزال الأساس الجزيئي لهذه الظاهرة وفوائدها غير واضحاً”.

إنه أمر مذهل أننا لا نعلم الكثير حول من أين تأتي جيناتنا، خصيصاً بالنسبة لهذا الجانب الأساسي من الحياة.

  • ترجمة: كريم عبد الرحمن
  • تدقيق علمي ولغوي: حسام عبدالله
  • المصادر: 1