قفزة كمية رائدة: فيزيائيّونَ يقلبون قطةَ شرودنغر رأسا على عقبِ
طوّرَ باحثون طريقةً رائدةً لإجراءِ تحويلِ فورييه الجزئيّ للنّبضاتِ الضوئيّة باستخدامِ ذاكرةِ الكمّ.
تضمّنَ هذا الإنجازُ الفريد تنفيذَ التّحويل على حالةِ “قطّةِ شرودنغر”، التي لها تطبيقاتٌ محتملةٌ في الاتّصالاتِ السّلكيّةِ واللّاسلكيّة والتّحليلِ الطّيفيّ.
مهّدَ باحثونَ من كليّةِ الفيزياء بجامعةِ وارسو بالتّعاونِ مع خبراء من مركز.
QOT للتّقنيّات الضوئيّةِ الكموميّة الطريقَ لتقنيّةٍ مبتكرةٍ تسمحُ بإجراءِ تحويلِ فورييه الجزئيّ على النّبضاتِ الضّوئيّةِ باستخدامِ ذاكرةِ الكمّ.
يعدُّ هذا الإنجازُ فريداً على مستوى العالم، حيثُ كانَ الفريق أوّلَ مَن قدّمَ تطبيقاً تجريبيّاً للتّحويلِ المذكور في هذا النّوع من الأنظمة. نُشِرَت نتائجُ البحثِ في المجلّةِ المرموقةِ.
Physical Review Letters.
في عملِهم، اختبرَ الطّلّابُ التّطبيق لتحويلِ فورييه الجزئيّ باستخدامِ نبضةٍ ضوئيّةٍ مزدوجةٍ، تُعرَفُ أيضاً بحالةِ “قطّةِ شرودنغر”.
الطّيفُ الشّمسيُّ للنّبض والتّوزيعُ الزّمنيّ
الأمواج، مثلَ الضّوء، لها خصائصها المميّزة – زمنُ النّبضة وتردّدها (المتطابق، في حالةِ الضّوء، مع لونِهِ).
توضّحُ أنَّ هذهِ الميّزات متعلّقةٌ ببعضها البعض بواسطةِ عمليّةٍ تدعى تحويلَ فورييه، ممّا يجعلُها ممكنةً للتّحوّلِ من وصفِ موجةٍ في الزّمن إلى وصفِ طيفها في التّردّدات.
تحويلُ فورييه الجزئيّ هو تعميمٌ لتحويلِ فورييه الذي يسمحُ بانتقالٍ جزئيّ من وصفِ موجةٍ في الزّمن إلى وصفٍ في التّردّد. بديهيّاً يمكنُ فهمهُ كدورانٍ لتوزيع (على سبيلِ المثال، دالّةُ ويغنر الدّوريّةُ الزّمنيّة) للإشارةِ المدروسة بواسطةِ زاويةٍ معيّنة في مجالِ التّردّدِ الزّمنيّ.
توضّحُ أنَّ التّحويلات مفيدةٌ بشكلٍ استثنائيٍّ في تصميمِ مرشّحاتٍ طيفيّةٍ زمنيّةٍ خاصّة لإزالةِ التّشويش وإنشاءِ خوارزميّاتٍ تجعلُ من الممكنِ استخدام الطّبيعةِ الكموميّة للضّوء لتمييزِ نبضات تردّداتٍ مختلفةٍ بشكلٍ أكثرَ دقّةٍ من الطّرقِ التّقليديّة.
هذا مهمٌّ بشكلٍ خاصّ في التّحليلِ الطّيفيّ، ممّا يساعدُ على دراسةِ الخواصّ الكيميائيّةِ للمادّة، والاتّصالاتِ السّلكيّةِ واللّاسلكيّةِ التي تتطلّبُ النّقلَ والمعالجة للمعلومات بدقّةٍ وسرعةٍ عاليتين.
العدسات، وتحويلُ فورييه:
العدسةُ الزّجاجيّةُ العاديّةُ قادرةٌ على تركيزِ شعاعٍ أحاديِّ اللّون للضّوء الذي يسقطُ عليها إلى نقطةٍ أحاديّةٍ تقريباً(بؤرة).
يؤدّي تغيّر زاوية سقوطِ الضّوء على العدسة إلى تغّير موضعِ البؤرة.
هذا يسمحُ لنا بتحويلِ زوايا السّقوط إلى مواضع، والحصولِ على تحويلِ فورييه التّشابهيّ، في فضاءِ الاتّجاهاتِ والمواضع.
يستخدمُ مقياسُ الطّيفِ الكلاسيكيّ المعتمدِ على انحرافِ الضّوءِ الحادّ لتحويلِ معلومات الطّولِ الموجيّ للضّوء إلى مواضع، ممّا يسمحُ لنا بالتّمييزِ بينَ الخطوطِ الطيفيّةِ.
عدساتُ الزّمن والتّردّد
على نحوٍ مماثلٍ للعدسةِ الزّجاجيّةِ، تسمحُ عدساتُ الزّمنِ والتّردّد بتحويلِ زمنِ النّبضة إلى توزيعها الطّيفيّ، أو إجراء تحويل فورييه بشكلٍ فعّالٍ في الفضاءِ الزّمنيّ والتّردّديّ.
الاختيارُ الصّحيح للقوى لمثلِ هذه العدسات يجعلُ من الممكنِ إجراءُ تحويلِ فورييه الجزئيّ. في حالةِ النّبضاتِ الضوئيّةِ، يتوافقُ تأثيرُ عدساتِ الزّمنِ والتّردّد مع تطبيق الأطوار التّربيعيّة على الإشارة.
لمعالجةِ الإشارة، استخدمَ الباحثونَ ذاكرةَ الكمّ-أو بشكلٍ أدقّ ذاكرةً مجهّزةً بقدرات معالجة الضّوء الكمّيّ-بناءً على سحابةٍ من ذرّاتِ الرّوبيديوم الموضوعةِ في مصيدةٍ ضوئيّةٍ مغناطيسيّةٍ.
بُرِّدَتِ الذّرّات إلى درجةِ حرارةٍ تبلغُ عشراتِ الملايين من الدّرجات فوقَ الصّفرِ المطلق.
وضِعَتِ الذّاكرةُ في مجالٍ مغناطيسيٍّ متغيّرٍ، ممّا يسمحُ بتخزينِ عناصر أساسيّةٍ بتردّداتٍ مختلفةٍ في أجزاءٍ مختلفةٍ من السّحابة.
تمَّ إخضاعُ النَّبضةِ لعدسةٍ زمنيّةٍ أثناءَ الكتابةِ والقراءة، وعدسةٌ تردّديَّةٌ عملت عليها خلالَ التّخزين.
يسمحُ الجهاز الذي تمَّ تطويرهُ في جامعةِ ويسكونسن بتنفيذِ مثلِ هذهِ العدسات على نطاقٍ واسعٍ جدّاً من البارامترات وبطريقةٍ قابلةٍ للبرمجة.
النّبضةُ المزدوجة معرّضةٌ جدّاً لفكِّ التّرابط، من ثمَّ يتمُّ مقارنتها غالباً بقطّةِ شرودنغر الشّهيرة-وهوَ تراكبٌ مجهريٌّ لكونكَ حيّاً وميتاً، يكادُ يكونُ من المستحيلِ تحقيقهُ تجريبيّاً. لكن، تمكّنَ الفريق من تنفيذِ عمليّاتٍ مطابقةٍ للأصل على تلكَ الحالات الهشّة ثنائيّة النّبضة.
كانَ النّشرُ نتيجةَ العمل في مختبرِ الأجهزةِ الضّوئيّةِ الكموميّة ومختبرِ الذّاكرةِ الكمّيّة في مركزِ “التّقنيّاتِ الضوئيّةِ الكموميّةِ” بالمشاركةِ مع اثنينِ من طلّابِ الماجستير: ستانيسلاف كورزينا ومارسين ياسترزيبسكي، واثنين من الطّلّابِ الجامعيّين: بارتوش نيولت وجان نوفوسيلسكي، ود. ماتيوس مازلانيك، ورئيسا المختبر: د. ميشال بارنياك والبروفيسور فويتشخ فاسيليفسكي. من أجلِ النّتائجِ الموصوفة مُنِحَ بارتوش نيولت أيضاً على مكافأةِ العرضِ التّقديميّ خلالَ مؤتمرِ.
الأخير في سبوكان، واشنطن.
قبلَ التّطبيقِ المباشر في الاتّصالات، الطّريقةُ يجبُ أن تنظّمَ لأطوال موجيّة ونطاقاتٍ بارامتريّة أخرى.
و مع ذلك، تحويلُ فورييه الجزئيّ استطاعَ أن يثبتَ بشكلٍ حاسمٍ بالنّسبةِ للمستقبلاتِ الضّوئيّة في الشّبكاتِ الحديثةِ تتضّمن وصلات الأقمار الصّناعيّة الضّوئيّة. إنّ معالجَ الضّوءِ الكمّيّ المطوّرُ في جامعةِ ويسكونسن جعلَ من الممكنِ إيجادُ واختبارُ مثل هذهِ البرتكولات الجديدة بطريقةٍ فعّالةٍ.
المراجع: “التّنفيذ التّجريبّي لتحويل فورييه الجزئيّ الضّوئيّ في مجال التّردّد الزّمنيّ” بقلم بارتوش نيولت، ومارسين جاسترزبسكي، وستانيسواف كورزينا، ويان نوفوسيلسكي، ووجسيتش فاسيليفسكي، وماتيوز مازيلانيك، وميكال بارنياك، 12 حزيران 2023، رسائل المراجعة الفيزيائيّة.
يتمُّ تنفيذُ مشروع “التّقنيّات الضّوئيّة الكميّة”
ضمنَ برنامجِ أجنداتِ البحوثِ الدّوليّةِ التّابعِ لمؤسّسةِ العلومِ البولنديّةِ بتمويلٍ مشتركٍ من الاتّحادِ الأوروبيّ في إطارِ صندوقِ التّنميةِ الإقليميّة الأوروبيّ.
- ترجمة: ريمة جبارة
- تدقيق علمي ولغوي: حسام عبدالله
- المصادر: 1