تُظهر الدراسات أهميّة ممارسة تمارين القوة للأشخاص المصابين بالداء السكّري والحالات المزمنة الأخرى
تُظهر الدراسات أهميّة ممارسة تمارين القوة للأشخاص المصابين بالداء السكّري والحالات المزمنة الأخرى.
- الداء السكّري هو حالةً معقّدةً قد تساهم في سوء الحالة الصحية.
- لا تزال الأبحاث جاريةً حول أفضل الطرق لضبط الداء السكّري والمضاعفات والأمراض المصاحبة التي قد تصيب المرضى، مثل الأمراض القلبية الوعائية.
- كشف الباحثون رابطًا بين الداء السكّري وكتلة العضلات، خاصّةً ضمور العضلات المرتبط بالشيخوخة.
- تشير دراسةٌ حديثةٌ إلى أنّ الأشخاص المصابين بالداء السكّري الذين يعانون أيضًا من انخفاض كتلة العضلات معرّضون لتزايد خطر الوفاة الناجمة عن جميع الأسباب والأمراض القلبية الوعائية.
الداء السكّري هو حالةٌ مزمنةٌ تتطلّب تعاملًا دقيقًا، غالبًا بمساعدة العديد من الخبراء. بحثت دراسةٌ جديدةٌ مؤخّرًا في كيفيّة تأثير انخفاض كتلة العضلات بين الأشخاص المصابين بالداء السكّري على الوفاة الناجمة عن جميع الأسباب والوفيّات بسبب الأمراض القلبية الوعائية.
ووجد الباحثون أنّ الأفراد المصابين بالداء السكّري وانخفاض كتلة العضلات معرّضون لخطرٍ أعلى للوفاة الناجمة عن الأمراض القلبية الوعائية والوفيّات الناجمة عن جميع الأسباب.
ويبدو أنّ هذا الارتباط بين انخفاض كتلة العضلات والوفيّات مستقلٌ عن عوامل مثل الهشاشة وعدم ضبط نسبة السكّر في الدم ومضاعفات الأوعية الدمويّة الدقيقة.
تمّت مشاركة النتائج في الاجتماع السنويّ للرابطة الأوروبية لدراسة مرض السكري (EASD)، ولمّا تُنشَر نتائج الدراسة في مجلّة مُحكمّة بعد.
ما الرابط بين الداء السكّري وانخفاض كتلة العضلات؟
في هذه الدراسة، أراد الباحثون فهم المخاطر التي يتعرّض لها الأشخاص المصابون بالداء السكّري وانخفاض كتلة العضلات.
إنّ ضمور العضلات، له علاقةٌ بانخفاض كتلة العضلات وانخفاض القوّة، إذ قد يواجه الأشخاص المصابون بضمور العضلات تحدّيًا أكبر في أداء نشاطات الحياة اليوميّة، وقد يكون خطر السقوط لديهم أعلى.
كما قد يكون الأشخاص الذين يعانون من السُّمنة أو من مقاومة الأنسولين أو الداء السكّري أكثر عرضةً للإصابة بضمور العضلات.
أوضحت إيفرين سيراتو، أخصائيّة الفيزيولوجيا الرئيسية للتمارين الرياضيّة في معهد سوزان سامويلي للصحّة التكامليّة من جامعة كاليفورنيا، إيرفين، والتي لم تشارك في الدراسة، ل Medical News Today:
“يتداخل انخفاض كتلة العضلات مع انخفاض كثافة العظام مما يؤدّي إلى هشاشة العظام وزيادة خطر الكسور الناجمة عن السقوط والحوادث، وهو أمرٌ مسبّبٌ للقلق لسكّاننا المسنّين ولا يمكن الاستخفاف به. وليست الصحّة البدنيّة هي ما يتدهور فحسب، وإنّما يقلّل انخفاض كتلة العضلات من جودة الحياة بشكلٍ عام، ممّا يحدّ من الحركة والاستقلال، وذلك قد يؤدي إلى مشاكل في الصحّة النفسيّة مثل الاكتئاب والعزلة الاجتماعيّة”.
كما تقول إيفرين سيراتو: “انخفاض كتلة العضلات له عواقب تتجاوز القوّة الجسدية، خاصةً بالنسبة للأفراد المصابين بالداء السكّري. إذ تؤثّر الكتلة العضليّة المنخفضة على قدرة الجسم على تنظيم حساسيّة الأنسولين التي يمكن أن تساهم في الإصابة بالسُّمنة والأمراض القلبية الوعائية”.
كيف يزيد انخفاض كتلة العضلات لدى المصابين بالداء السكّري من خطر الوفاة؟
لاحظ الباحثون في ما طُرِحَ أنّهم أرادوا “التحقيق في تأثير انخفاض كتلة العضلات على جميع الأسباب والوفيّات المرتبطة بالأمراض القلبية الوعائية لدى المرضى الذين يعانون من الداء السكّري (DM) وتحري العلاقة المتبادلة بين انخفاض كتلة العضلات وضبط نسبة السكّر في الدم ومضاعفات الأوعية الدمويّة الدقيقة”.
استخدموا بيانات من المسح الوطني الأمريكي لفحص الصحة والتغذية (NHANES) بين 1999 إلى 2006 وبين 2011 إلى 2018. وفي نهاية المطاف، ضمّ الباحثون 1514 مشاركًا في تحليلهم، واستخدموا معايير خاصة لتحديد انخفاض كتلة العضلات لدى الرجال والنساء.
لقد عدّلوا العديد من العوامل الخارجية التي قد تؤثر على نتائج اختبار انحدار كوكس، بما في ذلك تاريخ السرطان وارتفاع ضغط الدم والعمر والسُّمنة وتناول الكحول، وكان لديهم أيضًا بيانات عن المدّة التي عانى فيها المشاركون من الداء السكّري، ومتوسّط مستويات السكّر في الدم التي تمّ قياسها بواسطة الهيموجلوبين السكّري (A1 C)، وما إذا كان المشاركون يعانون من تلفٍ معيّنٍ في الأعصاب والعين.
ونظروا في تحليلهم في كلٍّ من الوفيّات الناجمة عن جميع الأسباب والوفيّات المرتبطة بالأمراض القلبية الوعائية.
ووجدت الدراسة أنّ انخفاض كتلة العضلات يرتبط بزيادة خطر الوفاة سواءً الناجمة عن جميع الأسباب أو المرتبطة بالأمراض القلبية الوعائية. واستنتجوا أيضًا أنّ هذا الخطر يرتبط ارتباطًا مباشرًا بتأثيرات ضمور العضلات، وليس بشكلٍ غير مباشر، مع عدم ضبط نسبة السكّر في الدم أو مضاعفات الأوعية الدموية الصغيرة أو الضعف.
وقالت الدكتورة فاي رايلي، مديرة الاتّصالات البحثيّة في مرض السكّري في المملكة المتّحدة، والتي لم تشارك أيضًا في الدراسة:
“فقدان العضلات هو جزءٌ طبيعيٌّ من الشيخوخة، ويرتبط مع حالة صحية أسوأ. ويخبرنا هذا البحث المزيد عن آثار تناقص كتلة العضلات لدى كبار السن المصابين بالداء السكّري وكيف يمكن أن يؤثّر بشكلٍ مباشر على الصحّة ومتوسّط العمر المتوقّع”.
هناك حاجةٌ إلى مزيدٍ من الأبحاث حول انخفاض كتلة العضلات والداء السكّري.
هذا البحث له حدود معيّنة؛ أولاً، لاحظ الباحثون أنّهم لم يتمكنوا من تقييم الوظيفة الجسديّة لأنهم يفتقرون إلى البيانات في هذا المجال، ولا يمكن لنتائج الدراسة إثبات وجود علاقة سببيّة أيضًا.
وقام الباحثون بإدخال بيانات لأفراد في الولايات المتّحدة فقط، ممّا يشير إلى أنّ الأبحاث المستقبليّة يمكن أن تشمل بيانات من بلدان أخرى. كما لم يفرّقوا بين الداء السكري من النمط الأول والنمط الثاني، ممّا قد يشير أيضًا إلى الحاجة إلى إجراء أبحاث مستقبليّة، كما أنّ الدراسة الكاملة غير متاحة في هذا الوقت.
وأشار الدكتور روبرت غاباي، كبير المسؤولين العلميّين والطبيّين في الجمعية الأمريكيّة للسكّري، الذي يشارك في الدراسة، إلى MNT:
“نحن نعلم أنّ كتلة العضلات تنخفض مع تقدّم العمر، ويبدو أنّ هناك أيضًا بعض الارتباط بالأمراض القلبية الوعائية، ولكن الارتباط بالداء السكّري أقلّ وضوحًا”. وقال أيضًا: “أعتقد من تحليل البيانات السابقة أنّها دراسةٌ مثيرةٌ للاهتمام، تشير إلى أنّ الساركوبينيا (انخفاض كتلة العضلات) يرتبط بزيادة خطر الإصابة بالأمراص القلبية الوعائية لدى المصابين بالداء السكّري. وبافتراض أنّ الارتباط صحيح، وربما سببيٌّ، سيكون من المهمّ معرفة ما إذا كانت زيادة كتلة العضلات يمكن أن تعكس بعض المخاطر القلبية الوعائية”.
كيفيّة وقف فقدان العضلات لدى المصابين بالداء السكّري؟
تشير البيانات إلى أهمّيّة تسليط الضوء على الساركوبينيا، لا سيما بين المصابين بالداء السكّري.
تقول د. رايلي: “هناك نشاطات يمكنك ممارستها لمنع أو إبطاء فقدان العضلات، وهذه الدراسة بمثابة تذكير بفوائد ممارسة تمارين القوة، أو المقاومة في روتين نشاطك اليومي.
فمن خلال زيادة كتلة العضلات، يمكن لهذا النوع من التمارين أن يعزّز كيفية استخدام الجسم للأنسولين، ويساعد مرضى السكّري على ضبط مستويات السكّر في الدم، والبقاء بصحّةٍ جيّدةٍ.
هناك الكثير من الطرق التي تساعد في تقوية العضلات، مثل حمل أكياس التسوّق الثقيلة أو ممارسة اليوغا أو البستنة “.
ما يجب معرفته عن مرض السكّري والأمراض المصاحبة له
الداء السكّري هو مرضٌ ذو استجاباتٍ غير طبيعيّةٍ للأنسولين أو كميّاتٍ غير كافية منه، ومع مشاكل الأنسولين هذه، يواجه الجسم صعوبةً في تنظيم مستويات السكّر في الدم.
ويمكن ربط الداء السكّري مع المضاعفات الصحيّة مثل الضرر الذي يصيب العين والأعصاب والقلب والأوعية الدمويّة والكلى.
وقد يعاني الأشخاص المصابون بالداء السكّري أيضًا من مشاكل صحيّة إضافيّة تؤثّر على الداء السكّري وتتأثّر به. وبالتالي، يمكن أن تنطوي المعالجة الصحيّة على العمل مع عدد من الأخصائيين لضبط جميع الظروف وتحسين الصحّة.
وتمثل آلية تأثير هذه المشاكل والمضاعفات الصحية على بعضها البعض أحد المجالات المهمة، ويمكن أن يساعد ذلك في تطوير أكثر الأساليب فعاليّةً في ضبط الداء السكّري وتحديد نقاط لتركيز العلاج عليها في المستقبل.
- ترجمة: هبة الزبيبي
- تدقيق علمي ولغوي: عهد محروقة
- المصادر: 1