أفضل الطرق لمواجهة الآثار الضارة للجلوس
قد يؤدي الجلوس بكثرة إلى الموت المبكر، على الأرجح بسبب أمراض مزمنة، مثل: السمنة، والسكري من النمط الثاني، وأمراض القلب والأوعية الدموية وغيرها.
لذا من الواضح أن الحل لتجنّب كلّ ما سبق هو أن تنهض وتتحرك.
بناءً على مجموعة أدلة، أظهر تحليل جديد أن أفضل ما يمكن فعله لفقدان الوزن يأتي من النشاط البدني المعتدل إلى الشديد، مثل: الجري، والمشي السريع، وركوب الدراجات، والسباحة أو حتى تسلق السلالم.
يقول الخبراء أن التمرين يكون معتدلًا إذا كان باستطاعتكم التكلم دون عناءٍ أثناء القيام به، أمّا التمارين الشديدة فهي التي لا تستطيع أن تقول أكثر من بضع كلمات دون التوقف لأخذ نفس.
كما يوجد أنشطة أقل جهدًا بإمكانها المساعدة أيضًا، وكشفت الدراسة التي نشرت يوم الخميس في مجلة القلب الأوروبية نشاطًا إضافيًّا قد يفاجئك وهو ‘النوم’.
النوم الجيّد يساعد
وجدت الدراسة أن مجرد استبدال 30 دقيقة من الجلوس ب30 دقيقة من النوم يوميًّا يقلل من كتلة الجسم الكلية بما يقارب 1 رطل (0.43 Kg/m²) ويقلل حوالي ثلثي بوصة (cm1.75) من الخصر.
مؤشر كتلة الجسم ‘BMI’ (هو وزن الشخص بالكيلوغرام مقسومًا على مربع ارتفاع الجسم بالمتر).
يقول الدكتور أندرو فريمان Dr. Andrew Freeman، مدير قسم الصحة والوقاية من أمراض القلب والأوعية الدموية في مشفى الصحة الوطنية اليهودية National Jewish Health في دنفر -والذي لم يشارك في الدراسة-: “السؤال الآن، إذا كان لديك نوم جيد يشحنك بالطاقة، هل هذا أفضل من الجلوس على الأريكة ومشاهدة التلفاز؟ أعتقد أن الإجابة هي نعم، لأن الكثير من الناس يعانون من نقص عدد ساعات النوم، ولكن هل هذا يعني أنه يمكنك التخلص من مخاطر أمراض القلب والأوعية وتأمل أن تتحسن بالنوم فقط؟ لا أعتقد أن هذه الدراسة تقول ذلك، وإذا قلت لي حسنًا، ماذا لو استلقيت على السرير وشاهدت التلفاز؟ هذا ليس بالضبط ما تقوله الدراسة أيضًا، إذ أنّ الأكل السليم، وممارسة الرياضة، والتخلص من الإجهاد، والنوم الكافي، والتواصل مع الآخرين، كلها طرق فعالة للحد من مخاطر أمراض القلب والأوعية الدموية”.
النشاط الخفيف والوقوف
وجدت الدراسة فائدة مماثلة لفقدان الوزن وانخفاض محيط الخصر لدى الأشخاص الذين يستبدلون 30 دقيقة من الجلوس بكمية متساوية من الوقوف أو النشاط الخفيف، مثل: المشي.
وأفاد المؤلفين قائلين: “إن استبدال التصرفات الكسولة بأي نشاط يمكن أن يحسن مؤشر كتلة الجسم، ومحيط الخصر، والكوليسترول وثلاثي الغليسريد”.
ووجدت الدراسة أن كثافة النشاط لها مزايا، عندما قام الناس بنصف ساعة من التمارين المعتدلة أو الشديدة بدلاً من الجلوس زادت الفوائد، مما أدى إلى فقدان أكثر من رطل من الوزن (0.63 كجم/م²) والتخلص من حوالي بوصة واحدة (2.4 سنتيمتر) من الدهون حول الخصر.
وقال مارك هامر Mark Hamer، وهو أستاذ سريري في معهد الرياضة والتمارين الرياضية والصحة في كلية لندن الجامعية University College London: “إنه ليس من العجيب أن تكون زيادة النشاط مفيدة لصحة القلب، فإن الجديد في هذه الدراسة هو التفكير في مجموعةٍ من السلوكيات على مدار 24 ساعة من اليوم. هذا النهج سيسمح لنا في نهاية المطاف بتقديم توصيات شخصية لجعل الناس أكثر نشاطًا بطرق مناسبة لهم”.
دراسة دولية بمقاييس موضوعية
وكانت الدراسة الجديدة أول من انطلق من الاتحاد الدولي للنشاط البدني المتوقع (الجلوس والنوم ProPASS) وهي دراسة متعددة الجنسيات تستخدم مقاييس موضوعية لتحليل السلوكيات الحركية.
وقد أفاد إيمانويل ستاماتاكيس Emmanuel Stamatakis أستاذ النشاط البدني ونمط الحياة وصحة السكان في جامعة سيدني University of Sydney، في بيان له: “إن أحد التطورات الرئيسية في اتحاد ProPASS هو استخدام الأجهزة التي يمكن ارتداؤها والتي تفرق جيدًا بين أنواع النشاط البدني والوضعيات، مما يسمح لنا بتقدير الآثار الصحية -حتى تلك المترتبة على الاختلافات الدقيقة- بدقة أكبر”.
حلّلَ فريق من الباحثين في كلية لندن الجامعية University College London نتائج ست دراسات مع مؤلفين من أستراليا، وبلجيكا، الدنيمارك، فنلندا، النرويج، إسبانيا، هولندا، المملكة المتحدة، والولايات المتحدة.
ووجدوا أن استبدال الجلوس بالنوم يحسّن الصحة، إلا أن الفوائد لم تكن متساوية، إذ أدى النوم إلى تحسين مؤشر كتلة الجسم ومحيط الخصر، ولكن كان له تأثيرات ضئيلة على علامات الدم، مثل: الكولسترول وثلاثي الغليسريد ومستويات الغلوكوز في الدم.
بالرغم من ذلك، شهد النشاط المكثف فائدةً كبيرة، وقدر المؤلفون التغير الحاصل لامرأة تبلغ من العمر 54 عامًا بمتوسط مؤشر كتلة الجسم 26.5.
وذكر البيان: “إنّ تغييرًا دام 30 دقيقة ترافق مع انخفاض بنسبة 0.64% في مؤشر كتلة الجسم، وهو فارقٌ بنسبة 2.4%، واستبدال 30 دقيقة من الجلوس اليومي أو الاستلقاء بتمارين معتدلة أو قوية يمكن أن يؤدي أيضًا إلى انخفاض 2.5 سم (2.7%) في محيط الخصر أو انخفاض 1.33 ميللي مول/مول (3.6%) في الخضاب السكري”، وهو متوسط قياس سكريات الدم لمدة ثلاثة أشهر.
يقول المؤلف الأول جو بلودجيت Jo Blodgett، وهو باحث زميل في معهد الرياضة والتمارين والصحة في كلية لندن الجامعية University College London: “إن النتيجة من أبحاثنا هي أنه في حين أن التغييرات الصغيرة في كيفية حركتك يمكن أن يكون لها تأثير إيجابي على صحة القلب، لذا فإن كثافة الحركة تهمُّ أيضًا”.
القيام بأنشطة خفيفة
يقول جيمس ليبر James Leiper، المدير الطبي المساعد في مؤسسة القلب البريطانية British Heart Foundation، والذي لم يشارك في الدراسة: “إن النشاط ليس سهلًا دائمًا، ولكن من المهم إجراء تغييرات تمكنك من التمسك والاستمتاع به. كما أن أي شيء يرفع معدل ضربات قلبك يمكن أن يساعد، إذ أنّ دمج الأنشطة الخفيفة مثل المشي أثناء تلقي المكالمات الهاتفية، أو ضبط منبه للنهوض والقيام بقفزات النجوم كل ساعة هو طريقة رائعة لتجعل النشاط جزءًا من يومك، وجعلك تعتاد نمط حياة صحي ونشيط”.
وبحسب دراسة نُشرت في كانون الثاني (يناير)، تبيَّن أن النهوض والحركة لمدة 5 دقائق كل ساعة يساعدان أيضًا.
فالقليل من الحركة يحسن صحة القلب والأوعية الدموية، ودقيقة واحدة من المشي كل ساعة قادرة على خفض ضغط دم المشاركين في الدراسة.
ماذا لو كنت تعمل لدى رئيس قد يرفض أخذ استراحات؟
تقول دانا سانتاس Dana Santas، المساهمة في برنامج اللياقة البدنية على شبكة CNN، وهي مدربة للرياضيين المحترفين: “إن الحركة لا تعني بالضرورة ترك مكتبك إذا لم يكن ذلك موجودًا في ثقافة مكان عملك، كما يمكنك ببساطة القيام بتمارين القرفصاء عن طريق النهوض والجلوس برفق ثم النهوض بظهرك مرةً أخرى وتكرار تلك الحركة مرارًا وتكرارًا”.
إذا كان لديك مساحة أكبر للتحرك خذ استراحة للرقص، وبما أن متوسط عدد الأغاني 3 دقائق على الأقل، يمكنك أن ترقص بعيدًا عن التأثير السلبي للإفراط في الجلوس، وعلاوةً على ذلك فإن الرقص على أنغامك المفضلة سوف يحسّن مزاجك أيضًا.
- ترجمة: سراة عز الدين
- تدقيق علمي ولغوي: روان نيوف
- المصادر: 1