هل يجب غسل الأرز قبل الطهي؟

إليك ما يقوله العلم: نعم، ولكن ليس للسبب الذي تتوقعه.

يعتبر الأرز طعام أساسي للمليارات في آسيا وأفريقيا. كما أنه مكون متعدد الاستخدامات في العديد من الأطباق المميزة في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك دولمادس فياليونان، ريزوتو في إيطاليا، وباييلا في إسبانيا، وحلوى الأرز في المملكة المتحدة.

ورغم جاذبيته العالمية، إلا أن السؤال الذي يُطرح في كل مطبخ، سواء كان مطبخًا محترفًا أو في منزلك، هل يجب غسل الأرز قبل الطهي؟

ما رأي الطهاة في ذلك؟

يعتقد الخبراء في فنون الطهي أن غسل الأرز قبل الطهي يقلل من كمية النشاء الموجودة فيحبوب الأرز. إذ يمكن رؤية ذلك في الماء المتعكّر بعد عملية الغسل، والتي أظهرت الدراسات أنها تحتوي على النشاء الحر (الأميلوز) المتواجد على حبوب الأرز بعدعملية الطحن.

في مجال الطهي، يُنصح بغسل الأرز لبعض الوصفات عندما يكون الهدف هو الحصول على حبوب منفصلة. ومع ذلك، في بعض الأطباق الأخرى مثل الريزوتو والباييلاوحلوى الأرز (التيتحتاج إلى تأثير لزج وكريمي)، ينصح بتجنّب غسله.

هناك عوامل أخرى تؤثر على رغبةالناس بغسل الأرز مسبقًا مثل نوع الأرز والتقاليد العائلية وتحذيرات الصحة المحلية، بالإضافة إلى الوقت المتوقع والجهد المطلوب.

هل هناك دليل يثبت أن غسل الأرز يجعله أقل لزوجة؟

أظهرت دراسة حديثة تأثير غسل الأرز على لزوجته وصلابته بالمقارنة بين ثلاثة أنواع مختلفة من الأرز من نفس المورد. كانت الأنواع الثلاثة هي الأرز الغلوتيني، والأرز ذو الحبوب المتوسطة، وأرز الياسمين، حيث إما أنها لم تغسل أبدًا، أو غسلت ثلاث مرات بالماء، أو عشر مرات.

وعلى عكس ما سيخبرك به الطهاة، أظهرت هذه الدراسة أن عملية الغسل لم يكن لها أي تأثير على لزوجة (أو صلابة) الأرز.

وبدلًا من ذلك، أظهر الباحثون أن اللزوجة لم تكن ناتجة عن النشاء الحر (الأميلوز)، بل كانت ناتجة عن نشاءمختلف يُسمى الأميلوبكتين الذي يتسرب من حبوب الأرز أثناء عملية الطهي. واختلفتكمية التسرب معاختلاف أنواع حبوب الأرز.

إذاً، للحصول على اللزوجة، يبدو أن نوع الأرز هو ما يهم وليس عملية الغسل. حيث أظهرت هذه الدراسة أن الأرز الغلوتيني كان الأكثر لزوجة، بينما كانت حبوب الأرز ذات الحبيبات المتوسطة والأرز الياسميني أقل لزوجة، كما أنها كانت أكثر صلابة من خلال اختبارات المختبر (الصلابة تعكس التأثيرات المرتبطة بالعض والمضغ).

مع ذلك، قد لا تزال ترغب في غسل الأرز

في العادة، يتم غسل الأرز لإزالة الغبار والحشرات والحصى الصغيرة وقطع القش المتبقية منعملية تجهيز الأرز. وقد يكون هذا لا يزال ضروريًا في بعض المناطق من العالم حيث لا يتم تجهيزه بدقة، وقد يوفر ذلك الاطمئنان للبعض الآخر.

في الآونة الأخيرة، ونتيجةً للاستخدام الكثيف للبلاستيك في سلسلة الإمداد الغذائي، تم اكتشاف الجسيمات البلاستيكية الدقيقة في طعامنا، بما في ذلك الأرز. وقدتبين أن عملية الغسل تخلصنا ما يصل إلى 20% من البلاستيك من الأرز غير المطبوخ.

ووجدت الدراسة نفسها أنه بغض النظر عن العبوة التي يغلف بها الأرز (أكياس بلاستيكية أو ورقية)، فإنها تحتوي على الكميات نفسها من البلاستيك الدقيق. كما أظهر الباحثون أن البلاستيك الدقيق في الأرز سريع التحضير (المطبوخ مسبقًا) أعلى بأربعة أضعاف من الأرز غير المطبوخ. لذا، إذا قمت بغسل الأرز سريع التحضير قبل الطهي، فإنه يمكنك تقليل البلاستيك بنسبة 40%.

من المعروف أن الأرز يحتوي على مستويات مرتفعة نسبيًا من الزرنيخ، نتيجة لامتصاص المحصول المزيد منه أثناء النمو. وقد أظهرت الدراسات أن غسل الأرز يمكن أن يزيل حوالي 90% من الزرنيخ القابل للامتصاص، ولكنه أيضًا يتخلص منكمية كبيرة من العناصر الغذائية الأخرى المهمة لصحتنا، بما في ذلك النحاس والحديد والزنك والفاناديوم.

قد يوفر الأرز نسبة صغيرة من الاحتياجات اليومية من هذه العناصر الغذائية لبعض الأشخاص، وبالتالي فإن تأثيره على صحتهم سيكون طفيفًا. ولكن بالنسبة للسكان الذين يستهلكون كميات كبيرة من الأرز المغسول بشكل مكثف يوميًا، فقد يؤثر ذلك على التغذية العامة لديهم.

وكشفت دراسة أخرى أن هناك كميات من المعادن الثقيلة الأخرى مثل الرصاص والكادميوم، بالإضافة إلى الزرنيخ؛ حيثتبين أن عملية غسل الأرز تقلل من مستويات هذه المعادن بنسبة تتراوح بين 7-20%. وقد حذرت منظمة الصحة العالمية من خطر تعرض الإنسان للزرنيخ من الماء والطعام.

تختلف مستويات الزرنيخ في الأرز اعتمادًا على مكان زراعته وأصناف الأرز وطرق الطهي. وما زالت أفضل النصائح هي غسل الأرز قبل طهيه وتناول مجموعة متنوعة من الحبوب. في آخر دراسة عام 2005، تبين أن أعلى مستوى للزرنيخ كان في الولايات المتحدة. ومع ذلك، من المهم الأخذ بعين الاعتبار أن الزرنيخ موجود في أطعمة أخرى بما في ذلك المنتجات المصنوعة من الأرز (الكعك والبسكويت وحبوب الإفطار)، والأعشاب والمأكولات البحرية والخضروات.

هل يمنع غسل الأرز من تكاثر البكتيريا؟

باختصار، لا. إن غسل الأرز لن يؤثر على محتوى البكتيريا في الأرز المطبوخ، إذستقتل درجات الحرارة العالية كل البكتيريا الموجودة.

ولكن ما يثير القلق بشكل أكبر هو مدة تخزين الأرز المطبوخ أو الأرز المغسول في درجة حرارة الغرفة. إذ أن طهي الأرز لا يقضي على الجراثيم البكتيرية المسببة للأمراض المعروفة باسم “باسيلوس سيريوس”.

وإذا ترك الأرز أو الأرز المطبوخ فيدرجة حرارة الغرفة، يمكن أن يؤدي ذلك إلى تفعيل تلك الجراثيم البكتيرية وتبدأ بالنمو. ثم تنتج هذه البكتيريا سمومًا لا يمكن تعطيلها بواسطة الطهي أو إعادة التسخين، ويمكن أن تسبب هذه السموم أمراضًا هضمية شديدة. لذا، يجب عدم ترك الأرز المغسول أو الأرز المطبوخ فيدرجة حرارة الغرفة لفترة طويلة.

  • ترجمة: نور بكداش
  • تدقيق علمي ولغوي: عبير ياسين
  • المصادر: 1