ماذا سيحدث إذا قمت بحفر الأرض إلى الطرف الآخر؟

سيصاحبك ضغط عالي جدًا ودرجة حرارة شديدة في الرحلة خلال طبقات الأرض للوصول إلى الطرف الآخر منها. على أي حال، هذه الرحلة ممكنة فقط في الخيال العلمي.

إن طبقات الأرض العديدة غير ظاهرة، ولكن ماذا لو تمكنا من الحفر خلال مركز الكوكب إلى الطرف الآخر؟ ما هي القوى ودرجات الحرارة الهائلة التي سنواجهها في أعماق الكوكب؟

على الرغم من أن فكرة الحفر خلال الأرض يبقى خيال علمي، إلا أن العُلماء لديهم بعض الأفكار حول ماذا قد يحدث بالاعتماد على مشاريع الحفر الأخرى.

يبلغ قُطر الأرض 12,756 كيلومتر (7,926 ميل)، لذا يتطلب الأمر استخدام حفارات عملاقة وعقود من العمل لإنجاز الحفر خلال هذا الكوكب.

إن أول طبقة تُحفر هي القشرة، ويبلغ سُمكها حوالي 100 كيلومتر (60 ميل) وفقًا لهيئة المسح الجيولوجي الأمريكية. حيث سيزداد الضغط الجوي كلما زاد العُمق، إذ إن كل 3 أمتار (10 اقدام) من الصخور تساوي تقريبًا 1 ضغط جوي عند مستوى سطح البحر، كما قال دوغ ويلسون، عالم جيوفيزياء في جامعة كاليفورنيا، سانتا باربرا ل Live Science. وأضاف: «وهذا يزيد بسرعة عندما نتحدث عن عدد كبير من الكيلومترات».

تعتبر بئر كولا الخارقة في روسيا أعمق حفرة حفرها الإنسان إلى اليوم، ويصل عمقها إلى 12.2 كيلومتر (7.6 ميل). حيث يعادل الضغط في قاع هذه البئر 4,000 مرة الضغط عند مستوى سطح البحر. وقد استغرق العلماء 20 عامًا للوصول إلى هذا العمق وفقًا لوورلد أتلس. مما يُبقي أكثر من 80 كيلومتر (50 ميل) حتى الوصول إلى الطبقة الثانية، الوشاح، بحسب بيانات طبقات الأرض لهيئة المسح الجيولوجي الأمريكية.

يبلغ سُمك طبقة الوشاح 2,800 كيلومتر (1,740 ميل) من الصخور الغامقة الكثيفة التي تُحرك الطبقات التكتونية.

تسمى الحدود الفاصلة بين طبقة الوشاح واللُب الخارجي (Moho) وهو اختصار ل (Mohorovičić discontinuity). وقد حدثت أول محاولة للعلماء لاختراق هذه الحدود في قاع البحر في خمسينيات وستينيات القرن الماضي في مشروع ماهول، ولكن لم يُكتب لها النجاح.

إن الحفرة التي يُسعى لحفرها سوف تُهدم ما لم يُضخ سائل الحفر داخلها باستمرار. ويوضح ويلسون أن هذا السائل، الذي يكون في أعماق البحر ويظهر خلال حفر آبار النفط، هو خليط من الطين الذي يحتوي على معادن ثقيلة مثل الباريوم. إذ يُعادل وزن السائل الضغط داخل الحفرة مع ضغط الصخور ويمنع التجويف من الإنهيار.

ويقوم السائل بوظيفتين أخريين هما: تنظيف الحافرة لمنع الرمل والحصى من الانحشار في الآلة، ويُساعد في خفض درجة الحرارة على الرغم من أنه يعد أقرب إلى المستحيل المحافظة على الحافرة باردة في طبقات الأرض العميقة.

على سبيل المثال، وحسب قول ويلسون، إن درجة الحرارة في طبقة الوشاح حارقة تصل إلى 1,410 درجة مئوية (2,570 درجة فهرنهايت). لذا سيتحول الفولاذ غير القابل للصدأ إلى سائل الأمر الذي يوجب صُنع الحافرة من سبائك خاصة غالية مثل التيتانيوم.

بمجرد اجتياز طبقة الوشاح، تصل الحفارة أخيرًا إلى لُب الأرض على عمق حوالي 2,896 كيلومتر (1,800 ميل). يتكون اللُب الخارجي من الحديد والنيكل المنصهرين، على درجة حرارة عالية جدًا تتراوح بين 4,000 إلى 5,000 درجة مئوية (7,200 و9,000 درجة فهرنهايت) وفقاً لأكاديمية كاليفورنيا للعلوم. ويعد الحفر خلال هذا المُنصهر من الحديد والنيكل أمرًا صعبًا.

قال دامون تيجل، بروفسور الجيوكيمياء في جامعة ساوثمبتون في المملكة المُتحدة ل Live Science: «إن هذا سُيسبب مشاكل عديدة». إذ إن الحفر في اللُب الناري الخارجي يشبه الحفر في سائل، وسيجعل ذلك الحفارة تنصهر ما لم يُضخ عليها ماء بارد باستمرار.

بعد ذلك، وعلى عمق 5,000 كيلومتر (3,000 ميل), تصل الحفارة إلى اللُب الداخلي حيث يكون الضغط عالٍ جدًا، وبالرغم من درجات الحرارة الحارقة، يبقى النيكل والحديد في الحالة الصلبة. يقول تيجل: «سوف تشعر بضغط لا يوُصف»، نحو 350 جيجاباسكال أو 350 مليون ضعف الضغط الجوي.

قال ويلسون أنه خلال كل هذا الوقت، ستنجذب الحفارة إلى الداخل بفعل جاذبية الأرض. حيث ستكون الجاذبية في وسط اللُب مثل الفضاء أي بلا وزن. وهذا بسبب جذب كُتلة الأرض بشكل متساوي من جميع الاتجاهات.

وبعد ذلك، مع استمرار الحفر باتجاه الجانب الآخر من الكوكب، سيتغير سحب الجاذبية بالنسبة إلى موضع الحفر، مما يؤدي إلى سحبه فعليًا “للأسفل” نحو اللب مرة أخرى. عندها، سيتعين على الحفارة العمل ضد الجاذبية صعودًا إلى السطح خارج اللُب الخارجي ثم إلى طبقة الوشاح والقشرة لعكس رحلة الهبوط.

يقول تيجل أنه في حال التغلُب على كل هذه المُعوقات، ستكون المشكلة الأكبر عند الوصول إلى نقطة الوسط، إذ لا يزال أمامك طريق طويل لتقطعه للوصول إلى الطرف الآخر.

  • ترجمة: أحمد أزهيري
  • تدقيق علمي ولغوي: عبير ياسين
  • المصادر: 1