هل قيلولة ما بعد الظهيرة، أمرٌ جيد أم سيء لك؟

  • يُعدُّ أخذ قيلولة عند الساعة الواحدة ظهراً، أمرٌ له تأثير كبير على نوعية النوم خلال الليلة التالية.
  • القيلولة تخفف مقدار الأحلام والنوم العميق، وتزيد مقدار النوم الخفيف.
  • تزيد القيلولة من تركيز الأجسام المضادة التي تقي من التهابات الجهاز التنفسي.

يعتبر النوم أمراً ضرورياً لمساعدة الجسم على التعافي من الإجهاد النفسي والجسدي الذي يتعرض له الجسم خلال اليوم. يتأثر النوم، ومستوى اليقظة خلال النهار، بإيقاع الساعة البيولوجية.

ومن الجوانب المهمة لهذا الإيقاع اليومي، هو الميل للشعور بالنعاس وقلة الانتباه، بين الساعة2 و4 ظهراً، وغالباً ما يؤدي هذا التوقف بعد الطعام، إلى قيلولة ما بعد الظهيرة. تشير بعض الدراسات إلى أنّ هذه القيلولة قد تؤثر على نوعية النوم في تلك الليلة. بالإضافة إلى ذلك، أفادت دراسة مؤخراً في الصين، إلى أنّ مدة قيلولة ما بعد الظهيرة كانت مرتبطة بمعدل الإصابة بفيروس كورونا، عام 2019. ولقد أثار هذا الاكتشاف تساؤلات حول ما إذا كانت قيلولة ما بعد الظهيرة تؤثر سلباً على نوعية النوم ليلاً، أو على الصحة العامة.

في دراسة أُجريت من قبل ليانج، تم إجراء تجربة لفحص تأثيرات القيلولة على نوعية النوم الليلي، وعلى مستوى إفراز مادة (الغلوبولين المناعية (S-IgE) في اللعاب، وهو جسم مضاد محدد ضد أنواع محددة من الالتهابات الفيروسية والطفيلية. تم إبلاغ جميع المشاركين في التجربة، بنمط نوم منتظم قبل الاختبار، كما تم منعهم من تناول الكحول والأطعمة التي تحتوي على مادة الكافيين، مثل القهوة، والمشروبات الغازية، والشوكولا. كما لم يسمح للمشاركين بممارسة التمارين المجهدة، لمدة ثلاث ساعات قبل وقت الاختبار. كما تم مراقبة درجات الحرارة الداخلية والجلد.

خلال التجربة، تم تسجيل، مدة النوم البطيء (العميق)، ومدة النوم الخفيف، ومدة حركة العين السريعة (REM)، بشكل مستمر. تم إجراء استبيان حول نوعية النوم، بعد 15 دقيقة من الاستيقاظ، لرصد مشاعر الترنح، وعدم الاتزان، والنعاس، والضعف الإدراكي. تعين على المشاركين بالتجربة، أخد قيلولة لمدة تتراوح بين 30 و 40 دقيقة، عند الساعة الواحدة ظهرًا وفي بيئة حرارية محايدة. كما تابع المشاركون، في المجموعة التي لم تأخذ قيلولة، نشاطاتهم في غرفة أخرى.

القيلولة، أمر جيد وسيء في نفس الوقت.

لقد وجدت الدراسة بأن أخذ قيلولة في فترة ما بعد الظهيرة، له تأثيرات ملحوظة على جودة النوم الليلي خلال الليلة التالية. فقد قللت القيلولة من المدة المستغرقة في النوم العميق، والأحلام (حركة العين السريعة)، وفي المقابل، زادت مقدار الوقت المستغرق في النوم الخفيف.

النوم العميق هو أمر ضروري لتحرير العديد من الهرمونات الأساسية اللازمة لعملية الشفاء والنمو. يعتبر نوم الريم (حركة العين السريعة)، أمر جوهري من أجل الصحة العقلية، وتقوية الذاكرة، خلال دورات النوم العادية. لذلك، كان لدى المشاركين الذين لم يأخذوا قيلولة، حركة عين سريعة بمقدار أكبر، وبالتالي أداؤهم المعرفي، ودرجة الاسترخاء العقلية لديهم في اليوم التالي، ستكون أفضل من المشاركين الذين أخذوا قيلولة.

على الرغم من هذه التغييرات الكمية في النوم الليلي، أعرب المشاركون عن تقييمات إيجابية ذاتية في نوعية نومهم. فقد شعر المشاركون بأنه لم يكن هناك تأثير سلبي للقيلولة على نوعية نومهم خلال الليل.

حصل المشاركون اللذين أخذوا قيلولة على تركيز أعلى في S-IgEمن المشاركين اللذين لم يأخذوا قيلولة. تشير هذه النتائج إلى أنّ أخذ قيلولة يوفر فائدة ملحوظة لمناعة الجهاز التنفسي.

ما هو الشيء الذي يفسر تأثير القيلولة؟

عادةً ما يكون النوم العميق الليلي مصحوب بازدياد بحرارة الجلد، ووانخفاض بدرجة حرارة الجسم. لذلك يتطلب النوم الصحي الجيد بأن تكون غرفة النوم باردة قدر الإمكان، فهذا يساعد على انتقال الجسم إلى دورة نوم طبيعية. في الدراسة الحالية، كان للمشاركين الذين لم يأخذوا قيلولة، درجة حرارة جلد أعلى ودرجة حرارة جسم أقل، بالمقارنة مع المشاركين الذين أخذوا قيلولة.

اختتم الباحثون الدراسة، بأنّ أخذ قيلولة خلال النهار، يغير التنظيم الحراري الليلي، ويبطئ بداية النوم الليلي، بالإضافة إلى تعطيل نمط النوم الطبيعي، أي انخفاض حركة العين والنوم عميق. كان للمشاركين الذين لم يأخذوا قيلولة، درجة حرارة داخلية أعلى، الشيء الذي يضعف قدرتهم على النوم سريعاً. كما أنّ درجة الحرارة الداخلية المرتفعة قد تكمن وراء ارتفاع تركيز S-IgE، وهو مؤشر مناعي للأشخاص الأصحاء، والذي قد يحمل الحماية من التهابات الجهاز التنفسي.

في الختام، القيلولة العرضية ليست مضرة، لكن لا تجعلها عادة يومية. في نهاية المطاف، سيؤدي انخفاض النوم العميق وأحلام حركة العين السريعة، إلى إضعاف الأداء المعرفي خلال النهار.

  • ترجمة: زينة المللي
  • تدقيق علمي ولغوي: حلا سليمان
  • المصادر: 1