تناول الطعام في وقت متأخر يمكن أن يغيّر طريقة حرق السعرات الحرارية وتخزين الدهون

تشير دراسة حديثة إلى أن تناول الطعام في وقت متأخر من اليوم يمكن أن يؤثر بشكل مباشر على تنظيم وزننا البيولوجي biological weight regulation.

بثلاث طرق رئيسية: من خلال عدد السعرات الحرارية التي نحرقها، ومستويات الجوع لدينا، وكيف تخزن أجسامنا الدهون.

وبما أن السمنة تؤثر في وقتنا الحالي على مئات الملايين من الناس في جميع أنحاء العالم، فإن هذه نظرة متعمّقة حول.

كيفيّة تقليل خطر الإصابة بالسمنة بطريقة بسيطة نسبيًّا، فقط من خلال تناول وجباتنا أبكر بساعات قليلة.

حددت دراسات سابقة بالفعل وجود صلة بين توقيت الوجبات وزيادة الوزن، ولكن هنا أراد الباحثون أن ينظروا إلى هذه الصلة عن كثب، بالإضافة إلى تحفيز استخلاص الأسباب البيولوجية الكامنة وراءه.

وقال عالم الأعصاب فرانك شير، من مستشفى بريغهام للنساء في بوسطن في أكتوبر الماضي، عندما نُشرت الدراسة: «أردنا اختبار الآليات التي قد تفسّر سبب مساهمة الأكل في وقت متأخر في زيادة خطر السّمنة، فقد أظهرت الأبحاث السابقة التي أجريناها أن تناول الطعام في وقتٍ متأخّر يرتبط بزيادة خطر السمنة، وزيادة الدهون في الجسم، وتقليل فرص نجاح فقدان الوزن، لذا أردنا أن نفهم السبب».

أُجري البحث تحت مراقبة مشددة، وشمل 16 مشاركًا لديهم مؤشر كتلة الجسم (BMI) في نطاق الوزن الزائد أو السمنة.

مرّ كل متطوّع بتجربتين مختلفتين دامتا ستة أيام، مع مراقبة دقيقة لنومه وتناوله للطعام مسبقًا، مع عدة أسابيع فاصلة بين كل اختبار.

في إحدى التجارب، التزم المشاركون بجدول زمني صارم يتكون من ثلاث وجبات يوميًا في الأوقات الاعتيادية: الإفطار في 9 صباحًا، والغداء في 1 ظهرًا، والعشاء قرابة الساعة 6 مساءً.

وفي الأخرى، أُعيدَت الوجبات الثلاث (الأولى قرابة الساعة 1 ظهرًا والأخيرة قرابة 9 مساءً)، أي الغداء والعشاء والعشاء المتأخر supper.

وتمكّن الفريق من تقديم ملاحظات عدة وذلك من خلال عينات الدم وأسئلة استبيانية وقياسات أخرى.

فعند تناول الطعام في وقت متأخر، كانت مستويات هرمون اللبتين – الذي ينبهنا لحالة الشبع – أقل خلال 24 ساعة، مما يشير إلى أن المشاركين ربما شعروا بالجوع أكثر، علاوة على أنّ معدّل حرق السعرات الحرارية كان أبطأ.

وأظهرت الاختبارات أيضًا أن التعبير الجيني للأنسجة الدهنية.

adipose tissue gene expression

– والذي يؤثّر في كيفية تخزين الجسم للدهون – يزيد من عملية تكوين الشحوم adipogenesis process.

التي تبني الأنسجة الدهنية، ويقلل من عملية تحلل الدهون lipolysis process التي تكسر الدهون.

فنحن هنا نرقب مجموعة آليات فيزيولوجية وجزيئية تزيد من خطر السمنة.

وأضاف د. شير: «لقد عزلنا هذه التأثيرات من خلال التحكم في المتغيرات المضطربة confounding variables مثل السعرات الحرارية caloric intake، والنشاط البدني والنوم والتعرض للضوء، إلا أن العديد من هذه العوامل في الحياة الواقعية قد تتأثر بتوقيت تناول الوجبات».

يمكن أن تؤدي السمنة بالطبع إلى مشكلات صحّيّة أخرى، بما في ذلك السكري والسرطان، وبالتالي فإن إيجاد وسائل لمنعها من التطوّر في المقام الأول من شأنه أن يُحدِث فرقًا كبيرًا في صحة سكان العالم.

ما تظهره هذه الدراسة هو أنّ تناول الطعام في وقت مبكر من اليوم يمكن أن يؤثر في ثلاثة عوامل رئيسية للطريقة التي توازن بها أجسامنا الطاقة ومخاطر السمنة اللاحقة، وهو تغيير ربما يكون من الأسهل على بعض الأشخاص اتباعه بدلًا من الالتزام بنظام غذائي أو ممارسة حمية.

يرغب الفريق مستقبلًا بأن يشمل البحث عددًا أكبر من النساء (إذ ضم البحث الحالي 5 نساء من أصل 16 متطوعًّا)، بالإضافة إلى رغبتهم بإجراء بحث يُحلّل كيف يمكن لتغيرات وقت النوم فيما يتعلق بوقت تناول الطعام أن تلعب دورًا أيضًا في هذه العمليات.

وأضاف شير: «على نطاق أوسع من الدراسات، عندما لا تكون السيطرة المُحكَمة على كل هذه العوامل ممكنة، يجب علينا على الأقل أن نأخذ بالحسبان كيف يمكن لهذه المتغيرات السّلوكيّة والبيئية الأخرى تغيير هذه المسارات الحيويّة الكامنة وراء خطر السّمنة».

  • ترجمة: مريم قاسم القاسم
  • تدقيق علمي ولغوي: فريال حنا
  • المصادر: 1