ما الإنزيم الذي يساعد على تكسيرِ الدهون، ويبطِئ من الشيخوخة؟

تخلُق رحلةُ الشيخوخة للكثيرين واقعًا لا مفرّ منه (تراكم الدهون في الجسم). ومع أن تركيز معظم أفراد المجتمع إلى كون الوزن الزائد أحد القيم الجمالية، يركز الأطباء على التداعيات الناتجة عن تراكم الدهون الزائدة في الجسم أكثر من الآثار الجانبية المترتبة على مستحضرات التجميل.

إذ تعد الأحماض الدهنية إحدى الوحدات الجزيئية الأساسية المؤلفة للدهون، مع أنها ضرورية لإتمام العديد من وظائف الجسم، إلّا أن كثرتها ضارة له، وتصبح سببًا في تقصير العمر الصحي للإنسان بزيادة خطر تعرضه للإصابة بالأمراض المزمنة، وتعطيل عمليات التمثيل الغذائي (الأيض)، وتعزيز إصابته بالالتهابات.

وأثناء الفحوصات الطبيّة، تُفحص بصورةٍ روتينية في فحوصات الدم لقياس معدل الليبيدات في جسمك، لكن ينتبه الأطباء والباحثون إلى مكون آخر للدهون، هو الغليسرول، وهو عبارة عن مركب ينشأ عن ارتباط الأحماض الدهنية لتكوين جزيء دهني. وتؤدي المواد إلى تعطيل الوظائف الخلوية والعضوية الذي يعكس بدوره علامات الشيخوخة، ويرى الباحثون أن السمنة المفرطة محفز لتسريعها.

إن الدور الذي تؤديه الدهون في ظهور علامات الشيخوخة أحد محاور عملي، كاختصاصي في علمي الوراثيات والأحياء. فكنت أنا وفريق عملي نتساءل ما إذا كان تقليل الأطعمة الحاوية على مثل الدهون الضارة سيبطئ ظهور علامات الشيخوخة، فنتفادى بذلك الإصابة بالأمراض الشائعة.

تكسير المواد الدهنية

عند تحليل الطرائق المستخدمة لتمديد العمر وتحسين الصحة حتى في سن متأخرة لحيوانات المختبر، خلصنا إلى نمطٍ ثابت، بإجراء تدخلات مضادة للشيخوخة التي أفضت إلى تقليل مستويات الغليسرول.

على سبيل المثال، عندما تضع نظامًا غذائيًا مقيّد السعرات الحرارية، فإن الربداء الرشيقة، (إحدى الديدان الممسودة) تعيش لمدة أطول بحوالي 40%؛ وذلك لانخفاض مستويات الغليسرول فيها، والتي تختلف عن نظيراتها قصيرة العمر والتي لم يقيّد في غذائها السعرات الحرارية؛ إذ إن تقييد السعرات الحرارية يساعد على زيادة إفراز إنزيم ADH-1 المسؤول عن تحلل الغليسرول في الأمعاء الدقيقة والعضلات.

وقد لاحظنا ارتفاع مستويات الإنزيم للأفراد الذين يتبعون قيود غذائية أو يتناولون عقاقير تدعى (راباميسين) مضادة للشيخوخة.

تشير النتيجة إلى احتمال وجود آلية مشتركة وراء الشيخوخة الصحيّة عبر الأنواع، مع وجود الإنزيم سالف الذكر في جوهرها.

ومن المفترض أن ارتفاع مستويات الإنزيم يؤدي إلى تعزيز الصحة عند كبار السن بالحدِّ من ارتفاع المستويات الضارة الغليسرول.

وقد دعم هذه الفرضية ملاحظتان مهمتان، أولهما: إضافة الغليسرول إلى النظام الغذائي للديدان التي انتهى عمرها الافتراضي بمعدل 30%، على غرار الحيوانات التي أجرى لها تعديل وراثي بارتفاع مستويات إنزيم ADH-1 المثبط لتكوين الغليسرول، فظلّوا نحفاء وصحيين مع العيش لفترات أطول حتى مع اتباع نظام غذائي غير مقيد.

أما بنيته الجزيئية البسيطة وثراء المعلومات حوله أصبح الشغل الشاغل للباحثين لتنمية عقاقير تعزز من نشاطه، ومن ثم أصبح هدفي دراسة الآلية التي تعمل بها مكونات الإنزيم حتى يمكنها التأثير على طول العمر لدى الأفراد والفئران وصحتهم.

مجتمع طويل العمر

تولّد الأبحاث (المضادة للشيخوخة) الإثارة والمناقشة. فمن ناحية، فإنّ للشيخوخة فوائد صحيّة واضحة، ومن ناحية أخرى، إطالة العمر من خلالها ستستعرض تحديات مجتمعية جديدة، فإذا امتدّ العمر إلى 120 عام وأصبح شائعًا، فستصبح البنية المجتمعية، بما فيها أعمار التقاعد والنماذج الاقتصادية بحاجة إلى تطوير لاستيعاب الكثافة المسنة، كذلك الأُطر القانونية والاجتماعية المتعلقة برعاية أفراد الأسرة لذويهم المسنين.

وربما يجد الجيل الوسط، مُمّن لديهم أبناء، وآباء وأجداد على قيد الحياة أنفسهم يعتنون بأجيال كثيرة في وقتٍ واحد، وستتطلب الحياة الطويلة من المجتمع إعادة التفكير وتشكيل كيفية دمجنا ودعمنا بصورة متزايدة للمسنين في تلك المجتمعات سواء من خلال إنزيم ADH-1 أو بالتعديلات الغذائية، ويكمن الحلّ في أن (سرّ الشيخوخة الصحيّة ليس برحلةٍ طويلةٍ وحافلةٍ بالعقاقير، وإنما بالرحلةِ المجتمعية).

أعيد نشر المقالة في صحيفة ذا كونفيرسيشن بموجب رخصة المشاع الإبداعي ورابط المقال الأصلي هنا.

إيلين جورجلينا أورورك، أستاذ مساعدة بعلم الأحياء وبيولوجيا الخلية جامعة فيرجينيا.

  • ترجمة: زينب محمد الأصفر
  • تدقيق لغوي: غفران التميمي
  • المصادر: 1