لصوص الوراثة: بحث جديد يكشف عن كيفية استيلاء الطفيليات على سلوك المضيف بواسطة الحمض النووي المسروق

توصّل الباحثون إلى أَن الديدان ذات شعر الخيل، تتلاعب في مضيفيها الحشرات باستخدام الجينات التي اكتسبتها من المضيفين نفسهم؛ مما يسلط الضوء على دور نقل الجينات الأفقية في التطوّر.

اكتشف فريق بقيادة (تابي ميشينا) في مركز ريكين لأبحاث ديناميكا للأنظمة الحيوية (BDR) إن الطفيليات تتلاعب في مضيفيها؛ باستخدام الجينات المسروقة التي اكتسبتها على الأرجح من خلالِ ظاهرة تسمّى (نقل الجينات الأفقية). ونُشِرَت النتائج مؤخرًا في مجلّة الأحياء الحالّية.

تتلاعب العديد من الطفيليات في سلوك مضيفيها؛ لضمان بقائها وقدرتها على التكاثر. وتعتبر ديدان (شعر الخيل) أحد أمثلة التحكم في سلوك المضيف بشكلٍ متطوّر.

تولَّد الديدان الشعرية في الماءِ، وتستخدم الحشرات المائية مثل الذباب الأليف؛ للتنقل إلى اليابسة؛ حيث تبقى في انتظار أَن تأكلها الحشرات البرّية مثل الجراد أو العقارب.

وبمجرد وصول الديدان الشعرية إلى هذين المضيفين، تبدأ في النمو وتتلاعب في سلوك المضيف.

في النهاية، تجعل الديدان الشعرية الناضجة المضيف يقفز إلى الماء، وغالبًا ما يؤدي ذلك إلى مصير المضيف؛ حتى تتمكن الديدان الشعرية من إكمال مهمتها الحياتية والتكاثر.

تستخدم ديدان (شعر الخيل) من نوع (كوردوديس) حشرة السرعوف كمضيفات نهائية. وبعد أن تنضج، تقوم هذه الطفيليات بالتلاعب بمضيفاتها؛ لتدفعها إلى دخول المسطَْحات المائية حيث تتكاثر الطفيليات.

أشارت الدراسات السابقة إلى أَن ديدان (شعر الخيل) تستغل مسارات المضيف البيولوجية وتزيد من حركتها نحو الضوء؛ مؤديةً إلى اقتراب المضيف من الماء. يعتقد العلماء أَن ذلك يتم عن طريق جزيئات تحاكي تلك الموجودة في الجهاز العصبي المركزي للمضيف. ولكن كيف تطورت هذه الطفيليات لتحقق هذا التشابه الجزئي؟ هذا لا يزال سرًا.

للإجابة على هذا السؤال، قام الباحثون بتحليل تعبير الجينات في جسم (دودة شعر الخيل) قبل وأثناء وبعد التلاعب بمضيفها، وقد اكتشفوا أكثر من 3000 جين في دودة شعر الخيل تم تعبيرها بشكلٍ أكبر عندما يتم التلاعب بالمضيف، و1500 جين في دودة شعر الخيل تم تعبيرها بشكلٍ أقل.

من ناحية أُخرى، لم يتغير تعبير الجينات في أدمغة المضيف، وفي الواقع لم يكن بالإمكان التفرقة بينه وبين مضيف غير مُصاب.

تشير هذه النتائج إلى أَن دودة شعر الخيل تُنتج بروتينات خاصة بها؛ للتلاعب بأجهزة المضيف.

بحث الباحثون بعد ذلك في قاعدة بيانات البروتينات؛ لاستكشاف أصول الجينات التي تستخدمها دودة شعر الخيل للتلاعب في حشرة السرعوف.

يقول ميشينا: «بشكلٍ مُلفت، كانت العديد من جينات دودة شعر الخيل يمكن أَن تلعب أدوارًا مهمة في التلاعب بمضيفيها مشابهة جدًا لجينات حشرة السرعوف، مما يشير إلى أنه تم اكتسابها عبر نقل الجينات الأفقية».

نقل الجينات الأفقية: هي عملية حيوية تتمثل في نقل الجينات من كائن إلى آخر، ولكن ليس من خلال التكاثر.

يمكن أَن يكون له تأثيرات تطورية كبيرة، حيث يسمح للكائناتِ باكتسابِ جينات جديدة أو وظائف بسرعة؛ مما قد يساعدها على التكيف مع بيئات أو أساليب حياة جديدة.

تشير التحليلات الإضافية إلى أَن التقليد الجزيئي في دودة شعر الخيل موجود على الأرجح؛ نتيجة لنقل الجينات الأفقية من حشرة السرعوف. على وجه التحديد، عُثِرَ على أكثر من 1400 جين لدودة شعر الخيل يتطابق مع تلك الموجودة في حشرة السرعوف، ولكنها غير موجودة أو مختلفة جدًا عن أنواع دود الشعر التي لا تستخدم حشرة السرعوف كمضيف.

يخلص الباحثون إلى أَن العديد من الجينات المتظاهرة التي تم التعرف عليها، هي على الأرجح نتيجة لعدّة حوادث نقل الجينات الأفقية من أنواع مختلفة من حشرات السرعوف خلال تطور دودة شعر الخيل، ويبدو أن هذه الجينات وخاصة تلك المرتبطة بالتنظيم العصبي والجذب إلى الضوء، والأنماط اليومية، تلعب دورًا في التلاعب بالمضيف.

  • ترجمة: خلود شمالي
  • تدقيق علمي ولغوي: فاطمة قائد
  • المصادر: 1