كيف تعمل على تحسين مهاراتك المالية
تعد الأمور المالية موضوع متعب بالنسبة لك إذا لم تكن من محبي الأرقام. ولكن الحصول على فهم لمصطلحات مثل «EBITDA» وصافي القيمة الحالية أمر مهم بغض النظر عن مكان وجودك في المخطط التنظيمي. كيف يمكنك تعزيز فطنتك المالية؟ كيف يمكنك تحديد المفاهيم الأكثر أهمية لفهم عملك؟ ومن صاحب المنصب الأفضل لتقديم المشورة لك؟
رأي الخبراء
وفقًا للأستاذ في جامعة هارفارد للأعمال والمشارك في تأليف دليل HBR لشراء الأعمال التجارية الصغيرة، ريتشارد روباك: «حتى لو لم تكن بحاجة إلى معرفة الكثير عن الأمور المالية للقيام بعملك اليومي، فكلما كنت أكثر إلمامًا كلما كنت أفضل حالًا. إذا كنت تستطيع التحدث بلغة المال، فسوف تكون أكثر نجاحًا. إذا كنت تحاول بيع منتج أو استراتيجية، فيجب أن تكون قادرًا على إثبات أنها عملية وذات هامش مرتفع، إذ إن صناع القرار سوف يرغبون في رؤية نموذج بسيط يوضح الإيرادات والتكاليف والنفقات العامة والتدفق النقدي كما إنهم بحاجة إلى معرفة سبب كونها فكرة جيدة». كما يقول الشريك والمستشار الأول في معهد محو الأمية التجارية والمؤلف المشارك لكتاب الذكاء المالي، جو نايت: «يحدّ غياب الذكاء المالي من الحياة المهنية. وإذا لم تكن قادرًا على المساهمة في مناقشة حول أداء الشركة، فمن غير المرجح أن تتقدم. ولن تشارك في إدارة المشاريع ما لم تفهم البيانات المالية».
فيما يلي بعض الاستراتيجيات لتحسين ذكائك المالي.
التغلب على مخاوفك
توقف عن تجنب الأمور المالية لأنك تخاف من الأرقام. يقول روباك: «فكر في الأمر، فهو ليس علمًا معقدًا. إذ إن الأمور المالية هي الطريقة التي تحافظ بها الشركات على النتائج. إن الأمر يشبه عدّ الكرات والضربات في لعبة كرة السلة، ولكنك بدلًا من ذلك تقيس التقدم من خلال الأداء المالي. الأمر ليس بهذا التعقيد». كما يقول نايت: «علاوة على ذلك، فإن الرياضيات أسهل مما قد تعتقد. إن الأمور المالية والمحاسبة بسيطان للغاية. إذ إنها في الغالب تشتمل على عمليات جمع وطرح وأحيانًا بعض عمليات الضرب والقسمة. ليس هناك سحر».
تعلم المصطلحات المالية
يقول نايت: «قد لا يكون هناك أي سحر في الأمور المالية، ولكن هناك قدر لا بأس به من المصطلحات. ولحسن الحظ، هناك طرق عديدة لتعلم تلك المصطلحات. أنت فقط بحاجة إلى أخذ زمام المبادرة». إذا كانت شركتك تقدم تدريبًا على التمويل الداخلي فاستفد منه. وإذا لم يكن الأمر كذلك، ففكر في التسجيل في فصل دراسي عبر الإنترنت أو كلية. وبطبيعة الحال هناك أيضًا عددًا لا يحصى من الكتب والأدلة المرجعية حول هذا الموضوع. ويقول إن أهم المفاهيم التي يجب استيعابها هي «كيفية قياس الربحية، والأرباح قبل الفوائد والضرائب والاستهلاك، والإيرادات، ونفقات التشغيل. ويعتبر كتاب التمويل أو الدليل المرجعي استثمارًا جيدًا؛ ولكن جوجل مفيد أيضًا».
معالجة الميزانية العامة
يقول نايت: «عليك أن تنغمس في بيانات الدخل الخاصة بمؤسستك. اهتم بالميزانية العامة وحاول فهمها». ويقول روباك: «إن أفضل طريقة للتعلم هي إعادة توليد الأرقام إما إلكترونيًا أو ورقيًا، ثم تجميعها في فئات حتى تتمكن من البدء في معرفة مقدار ما تنفقه شركتك وأين تجني الأموال. حوّل الأرقام إلى نسب مئوية حتى تتمكن من تصوّر توزيع الإيرادات والنفقات بسهولة أكبر لأنك تريد أن ترى الصورة الشاملة».
التركيز على النقاط الرئيسية
يتطلب تعزيز خبرتك المالية معرفة المقاييس التي تعتمدها شركتك لقياس النجاح. يقول نايت: «إن هدفك هو تطوير فهم عميق للعلاقة الدقيقة بين الربح والخسارة وكيفية تأثير ذلك على أداء مؤسستك بمرور الوقت. وغالبًا ما يكون التعبير عن هذا المقياس على شكل نسبة. هناك أربع نسب مشتركة في كل شركة: الربح، النفوذ المالي، السيولة، والكفاءة التشغيلية، ولكل منظمة نسبتان أو ثلاث ضمن تلك المجموعات تعتبرها المقاييس الأساسية للأداء. بالإضافة إلى النسب الخاصة بالصناعة، فإن إبداء انتباه عميق للميزانية العامة لشركتك وتلبية متطلبات أرباحها ربع السنوية يفيد في التعامل مع هذه المقاييس. إذ ليس من الصعب حسابها بل إن الأمر يتطلب جهدًا فقط».
نفّذ باستخدام الأرقام
يقول روباك: «بمجرد أن يكون لديك فهم قوي للميزانية العامة والأسباب التي تؤدي إلى نمو شركتك، حاول تجربة الأرقام والتلاعب بها من خلال المرور عبر سلسلة من أسئلة (ماذا لو؟). على سبيل المثال، ماذا لو كانت الأسعار أقل؟ ماذا لو كانت الإيرادات أعلى؟ ماذا لو انخفضت التكاليف أو ارتفعت؟ أنت لا تدير قرارات عمل محددة، بل تحاول فهم واستيعاب كيفية عمل النماذج والافتراضات التي تقوم بها. وبهذه الطريقة عندما تحتاج إلى جدولة عواقب قرار معين مثل إطلاق منتج جديد أو إغلاق مصنع ما، فستكون لديك الأدوات اللازمة للقيام بذلك. إذ يعتقد الناس أن الميزانيات ثابتة، ولكن في معظم الحالات نعمل على تشغيل النماذج لمعرفة ما هو مهم ومدى مساحة الخطأ.
ابحث عن مرشد مالي
يقول نايت: «إن التواصل مع أحد كبار المديرين الماليين الذي يمكنه تعليمك والإجابة عن كافة أسئلتك هو طريقة أخرى للتحسن في مجال الشؤون المالية. إنها طريقة طبيعية جدًا للتعلم». كما يضيف روباك: «يساعد المدربون دائمًا الأشخاص الذين لا يجيدون التعامل مع الأرقام». إذ يمكن لهذا الشخص المساعدة في شرح المفاهيم واتخاذ جميع القرارات المالية التي تحتاج إليها. كما يقترح روباك أن تطلب من زميلك محاولة تكرار توقعاتك ونماذجك عند الحاجة قائلًا: «إنه يزيد من تركيزك. قد تجد أن جين قدمت افتراضات معينة، بينما قمت أنت بوضع افتراضات أخرى. أحدهما ليس صحيحًا والآخر ليس خطأ، لكن تساعدك الاختلافات على معرفة ما هو معقول».
اجعل الأمور شخصية
يقول نايت: «لا تزال تفتقر إلى الدافع؟ اجعل تحسين مهاراتك المالية مسألة بقاء. ففي كل مرة تتلقى فيها راتبك، تحقق مؤسستك أرباحًا أقل. لذا عليك أن تفكر فيما يمكنك القيام به لمساعدة الشركة على إبقاء أرباحها أو تحقيق المزيد من الربح. إن الهدف هو تطوير تصوّر عن كيف سوف تساعد قراراتك اليومية صاحب العمل على زيادة الإيرادات أو تخفيف التكاليف».
يقول روباك: «فكر في نفسك كبيان مصغر للربح والخسارة: كيف تضيف قيمة؟ إذ يمكن أن يكون هذا تمرينًا مفيدًا، لكن لا تدعه يشغلك. من الأسهل تحديد تأثيرك على النتيجة النهائية إذا كنت تعمل في مجال المبيعات، ولكن الأمر ليس بهذه البساطة إذا كنت تعمل في مجال الموارد البشرية. على سبيل المثال، ادمج دورك مع مساهمات الآخرين، وركّز على المشاكل التي يمكنك التحكم فيها، وليس تلك التي لا يمكنك التحكم فيها».
مبادئ يجب تذكرها
- – سجّل في فصل دراسي عبر الإنترنت أو كلية جامعية للتعرف على المفاهيم والمصطلحات المالية الأساسية؛
- – راجع التقارير ربع السنوية لمؤسستك لمساعدتك على فهم الأشياء المحددة التي تقوم بها لتحقيق الربح؛
- – جرّب الأرقام الموجودة في الميزانية العمومية لمؤسستك من خلال سيناريوهات سلسلة أسئلة (ماذا لو؟)؛
- – لا تكن خائفًا، فحسابات الأعمال واضحة نسبيًا؛
- – لا تكن وحدك. حدّد مديرًا ماليًا جديرًا بالثقة يمكنه المساعدة في الإجابة عن أسئلتك؛
- – لا تتجاهل تأثير المهارات المالية على حياتك المهنية. إذا كنت ترغب في التقدم، فأنت بحاجة إلى الفطنة المالية.
- دراسة حالة رقم 1: اشترك مع زميل في مجال التمويل وتجربة الأرقام.
يعتقد لاري دونيفان Larry Dunivan مدير الإيرادات في شركة Ceridian أن جميع القادة يجب أن يكونوا قادرين على التعامل مع الأرقام بطريقة واسعة ومتطورة.
لكن لاري يعترف بأنه لم يكن قادرًا دائمًا على القيام بذلك. لقد عمل في وقت سابق من حياته المهنية كمدير إنتاج في شركة برمجيات. وباعتباره طالب ماجستير في إدارة الأعمال في كلية كيلوج للإدارة بجامعة نورث وسترن، فقد تلقى دورات مالية أساسية وكانت مهاراته مناسبة تمامًا للوظيفة. ويتذكر قائلًا: «لقد أدرت التكاليف ودعمت الأنشطة التجارية العامة المرتبطة بالمنتجات».
ولكن عندما ترقّى للعمل في منصب اختصاصي في عمليات الدمج والاستحواذ في الشركة، شعر بالارتباك. يقول: «فجأة كنت بحاجة إلى معرفة أشياء مثل الأرباح قبل الفوائد والضرائب والاستهلاك وكيفية تحديد قيمة المؤسسة. لقد كانت تجربة قاسية، وأتذكر أنني كنت أفكر كيف لا أبدو كالأحمق في هذا الاجتماع».
كان بحاجة للمساعدة. ولحسن الحظ، كان لاري على علاقة جيدة مع زميله ريك في قسم الإدارة المالية. كانت مهمة ريك بناء النماذج المالية التي من شأنها أن تفيد القرارات الاستراتيجية حول أنشطة الاندماج والاستحواذ المحتملة. يتذكر لاري قائلًا: «كان ريك دائمًا على استعداد لتوضيح كيفية عمل النماذج والإجابة عن الأسئلة. لقد كان صبورًا وواسع المعرفة».
وسرعان ما أصبح مرتاحًا بما يكفي لبدء التعاون مع ريك. يقول: «كنت أقول له: أرني المتغيرات الأكثر حساسية، وبعد ذلك سأختبر افتراضات مختلفة. ما زلت لا أعرف كيفية إجراء الحسابات الأساسية لإنشاء النموذج، ولكن كان لدي فهم قوي للافتراضات التي دخلت فيه».
يقول لاري إن مساعدة ودعم ريك كانا لا يقدران بثمن في تحسين فطنته المالية. ويضيف إن الشراكة الرائعة مع زميل مالي ستأخذك في طريق طويل.
دراسة حالة رقم 2: تعرف على المقاييس التي تستخدمها شركتك لقياس النجاح.
يقول جيمس بيبر James Pieper كبير مسؤولي المحاسبة في ترانس يونيون TransUnion، وكالة تقارير الائتمان الاستهلاكي، إنه من المهم أن يكون للموظفين فهم أساسي للتمويل حتى يعرفوا كيف تسير الأمور المالية لشركتهم.
ويقول: «إن الشيء العظيم في المحاسبة والتمويل هو أنهما عالميان، لذلك مجرد أن يكون لديك الأساس يمكنك المضي قدمًا من هناك».
وفي الوقت نفسه، يدرك جيمس جيدًا أن كل شركة تراقب الأداء بطريقتها الخاصة. لقد قضى جيمس معظم حياته المهنية في الشركات المتداولة علنًا. ولكن عندما وصل لأول مرة إلى شركة ترانس يونيون TransUnion في شيكاغو عام 2014 كانت تمتلكها مجموعة أسهم خاصة. ويتذكر قائلًا: «لذا كان علي أن أعرف أي المقاييس المالية مهمة، وسبب أهميتها، وكيف قاست TransUnion النجاح».
لقد مارس الكثير من التعلم الأولي ومعالجة الأرقام بمفرده. ويوضح قائلًا: «لحسن الحظ، مكّنني منصبي من الوصول إلى كل رقم، لذلك جهّزت جدول بيانات Excel وحاولت إعادة إنشاء البيانات. لقد أمضيت بعض الوقت في التحقق من صحة الأرقام للتأكد من أنها منطقية».
كما طلب التوجيه من صديق مالي كان في ذلك الوقت زميلًا له في قسم المحاسبة. ويقول: «لقد كان في الشركة لفترة من الوقت وساعدني في فهم تفاصيل الحسابات».
في عام 2015، طُرحت شركة TransUnion للاكتتاب العام وكان على جيمس مساعدة الشركة في إدارة هذا التحول المالي. ولتعزيز مهاراته ومعرفته، اطّلع بعناية على الميزانيات العمومية لأقرب 25 شركة من أقرانه لفهم كيفية هيكلة إصدارات أرباحها وما تطرحها كمقاييسها المالية الرئيسية.
غالبًا ما يقود جيمس دورات تدريبية مالية داخلية لشركته. ويقول إنه يشجع الزملاء على فهم المكان المناسب لهم في الصورة الكبيرة للشؤون المالية لشركة TransUnion. ويقول: «أنا لا أحقق الإيرادات، بل أنا مصدر للنفقات. كجزء من أساس التكلفة، أحاول أن أجعل مؤسستي تعمل بأكبر قدر ممكن من الكفاءة».
- ترجمة: مجد علي
- تدقيق علمي ولغوي: عبير ياسين
- المصادر: 1