‘اكتشاف ثوري’: بناء أعضاء نموذجية باستخدام خلايا من أجنة حيّة

لأول مرة، نجح العلماء في زراعة نماذج صغيرة -ولكن معقدة- من أعضاء الجسم البشري باستخدام خلايا جنينية حية، مما يمنح الخبراء رؤية جديدة حول تطورنا والعلاجات المحتملة للتشوهات أثناء فترة الحمل.

هذه الأعضاء الصغيرة ليست نسخًا كاملة للأعضاء، لكنها تقترب بما فيه الكفاية من الأعضاء الحقيقية حتى يمكن استخدامها لدراسة المرض وجوانب أخرى من علم البشر صعبة الدراسة في الأشخاص الأحياء.

في دراسة جديدة أجراها فريق دولي من الباحثين، زُرِعت أعضاء رئوية وكلوية ومعوية من خلايا جذعية حية في السائل الأمينوسي (هذا السائل يساعد في حماية الجنين وامداده بالمواد المغذية، ويتم أخذه من الأم دون أذى لجنينها كجزء من فحوصات الحمل العادية).

يقول عالم الأحياء ‘ماتيا جيرلي’ من جامعة كوليدج لندن في المملكة المتحدة: “الأعضاء الصغيرة التي أنشأناها من خلايا السائل الأمينوسي تظهر العديد من وظائف الأنسجة التي تمثلها، بما في ذلك تعبير الجينات والبروتينات كما أنها ستمكننا من دراسة ما يحدث خلال التطور في الصحة والمرض، وهو شيء لم يكن ممكنًا من قبل”.

سبق وأن زُرعَت أعضاء صغيرة من خلايا جنينية لجنين مجهض، مما يثير مخاوف أخلاقية وقيود تنظيمية صارمة.

كما يمكن زراعة هذه الأعضاء أيضًا من خلايا جذعية بالغة، لكن هذا يحدث في مرحلة متأخرة من تطور الجسم.

الشيء الجديد الذي قد يقدمه هذا النسيج للعلماء هو طريقة لدراسة المشاكل في الرحم قبل عدة أسابيع من ولادة الطفل.

ستكون هناك حاجة إلى دراسات إضافية كثيرة للوصول إلى تلك المرحلة، ولكن هذا شيء نحن الآن أقرب إلى تحقيقه.

بشكل خاص، بحث الفريق في فتق الحجاب الحاجز الخلقي (CDH)، والذي قد يؤدي إلى مشاكل في التنفس، ومن خلال فحص الأعضاء الصغيرة التي نمت من أجنة بهذه المشكلة وبدونها، تمكن الباحثون من تتبع أيّ من الجينات المرتبطة بالحالة، مما يسهم في وضع علاجات مستقبلية محتملة.

يقول باولو دي كوبي، جرّاح أطفال، واستشاري في جامعة كوليدج لندن: “هذه هي المرة الأولى التي نتمكن فيها من إجراء تقييم وظيفي لحالة خلقية للطفل قبل الولادة، وهذه خطوة ضخمة للطب ما قبل الولادة. عادةً ما يعتمد التشخيص على التصوير الطبي مثل الأشعة فوق الصوتية أو الرنين المغناطيسي والتحاليل الجنينية، وعندما نلتقي بالعائلات التي تحمل تشخيصاً قبل الولادة، في كثير من الأحيان نكون غير قادرين على إخبارهم الكثير عن النتائج لأن كل حالة مختلفة عن الأخرى”.

هذا يفتح آفاقًا محتملة لعلاج الحالات قبل الوصول للعواقب الكبيرة.

يقول الباحثون أنه يمكن اختبار الأدوية التي تم تطويرها لمعالجة الأمراض الخلقية مثل التليف الكيسي على الأعضاء الصغيرة قبل أن تعطى للأجنة، وهذا يعدُّ نافذة إلى تطور الجنين التي لم نكن نمتلكها من قبل.

كانت نجاحات الباحثين في التعرف على أنواع الخلايا في السائل الأمينوسي وتطوير هذه الأعضاء المصغرة خطوة كبيرة وواعدة إلا أن هناك الكثير من العمل المتبقي.

يقول جيرلي: “نحن نعرف قليلًا جدًا في الفترة المتأخرة من الحمل لدى الإنسان، لذا من المثير بشكل لا يصدق فتح مجالات جديدة في الطب السابق للولادة”.

  • ترجمة: وداد عنتر
  • تدقيق علمي ولغوي: روان نيوف
  • المصادر: 1