فيزيائيون يكتشفون نظائر جديدة لعناصر الأرض الثقيلة النادرة

ظهرت نسب غير مسبوقة للجسيمات المكوِّنة للنواة الذرية في تجربة تاريخية تتضمن تجزئة العناصر الثقيلة.

بقيادة أوليغ تاراسوف من جامعة ميشيغان، اكتشف الفيزيائيون نظائر جديدة لعناصر الأرض النادرة: التوليوم، الأتيربيوم، واللوتيتيوم عن طريق تحطيم نواة ذرة البلاتينيوم. يعتقد العلماء أنه إنجاز سيساعد في فهم خصائص النواة الغنية بالنيوترونات، والعمليات التي تشكل عناصر كيميائية جديدة عند اصطدام النجوم النيوترونية.

ويقول الباحثون إن العمل يوضح قوة منشأة “أشعة النظائر النادرة” أو FRIB التي اكتملت مؤخرًا في جامعة ميشيغان والتي أجرت تجربتها الأولى في يونيو 2022.

ليس لكل أشكال العنصر الكيميائي البنية نفسها، إذ تتكون كل نواة من عدد من الأجزاء التحت نووية التي تعرف بالنيكليونات: البروتونات والنترونات. وعدد البروتونات ثابت في جميع أشكال العنصر، وهي التي تحدد العدد الذري لهذا العنصر.

ولكن من الممكن أن يختلف عدد النيوترونات، هذه الاختلافات تحدد ما يُعرف بنظائر العنصر.

تمتلك جميع العناصر الكيميائية عددًا من النظائر، والتي تتشكل على مراحل مختلفة من الاستقرار. بعضها يتفكك بسرعة فائقة إلى عناصر أخف بنفخة من الإشعاع المؤين. والبعض الآخر يبقى في استقرار تام. إن فهم النظائر المختلفة وطريقة تصرفها، يساعد العلماء في معرفة كيف يشكل الكون العناصر الكيميائية، وتقدير توافرها عبر الزمان والمكان.

بدأ تاراسوف وزملاؤه بنظير البلاتينيوم ذي ال 120 نيوترون المسمى ب 198 Pt لتشكيل النظائر الجديدة. البلاتينيوم العادي يملك 117 نيوترون، واستعمال نظير أثقل يمكن أن يغير طريقة انقسام النواة.

فقد وضعوا هذه الذرات في ال FRIB، والتي تستخدم مسرع الأيونات الثقيلة لتقسيم النواة الذرية. وتُطلق إِشعاعات من النظائر النادرة على سرعات أكبر من نصف سرعة الضوء، فعندما تصطدم هذه الإشعاعات بالهدف، تتحطم النظائر إلى نظائر أخف، يمكن للفيزيائيين كشفها ودراستها.

خلال تحطيم 198 Pt، اكتشف فريق تاراسوف 182 Tm و183 Tm، الحاوية على 113 و114 نيوترون على الترتيب، التوليوم العادي يحوي 69 نيوترونات. كما وجدوا 186 Yb و187 Yb الحاوية على 116 و117 نيوترون على الترتيب، الأتيربيوم العادي يحوي 103 نيوترونات. وأخيرا اكتشفوا 190 Lu الحاوي على 119 نيوترون، اللوتيتيوم العادي يملك 104 ينوترونات.

شوهِد كل نظير من هذه النظائر في عدة تشغيلات للمسرع، ما يعني، حسب الباحثين، أنه يمكن استخدام ال FRIB لدراسة اصطناع نظائر العناصر الثقيلة الغنية بالنيوترونات بأنظمة كانت مهمَلة إلى حد كبير، ليس بسبب قلة الاهتمام ولكن قلة القدرة على تشكيلها وكشفها.

في المقابل، من الممكن لهذا ال FRIB أن يساعدنا في فهم كيف للحوادث الكونية العنيفة أن تشكل العناصر الأثقل في الكون. إن أي عنصر أثقل من الحديد لا يمكن أن يتشكل إلا في ظروف شديدة القساوة، مثل المستعرات الأعظم أو ما يسمى بالسوبرنوفا (الحالة التي يتألق فيها النجم على نحو كبير ومفاجئ)، أو اصطدام النجوم النيوترونية.

أحد عمليات التخليق النووي المشاهدة في اصطدام النجوم النيوترونية هي عملية التقاط النيوترونات السريعة، أو rProcess. تظهر هذه الحادثة عندما تضم النوى الذرية النيوترونات الحرة التي تقلقلت خلال انفجار الكيلونوفا (أقل قوة وتوهجًا من المستعر الأعظم)، إذ يبدأ تحولها لعنصر أثقل. هكذا نحصل على الذهب، السترونيوم، البلاتينيوم، والمعادن الثقيلة الأخرى.

يقول الفريق أن تجربتهم تقترب كثيرًا من محاكات ال rProcess، وهذا يعني أنه بإمكاننا قريبًا الحصول على أداة تحت سيطرتنا تقلد إحدى عمليات الاصطناع النووي المشاهدة في أعنف الحوادث في الكون.

وكتب الباحثون: «إن القدرات المميزة ل FRIB، بما في ذلك الحزم الأولية شديدة الكثافة عند طاقات تتجاوز تلك المتاحة في المخبر الدولي للسيكلوترون فائق التوصيل، تجعله المنشأة المثالية لاكتشاف المنطقة حول النيوترون رقم 126 وما بعد».

«يمكن للباحثين لدى FRIB استعمال هذه التفاعلات لإنتاج النظائر الجديدة وتحديد هويتها ودراسة خصائصها، أي المساهمة في الفيزياء النووية وفيزياء الفلك وفهمنا للخصائص الأساسية للمادة».

  • ترجمة: زينة العلي
  • تدقيق علمي ولغوي: فريال حنا
  • المصادر: 1