اكتشاف بقايا أحفورية لأقدم غابة في العالم تعود لنحو 390 مليون سنة
عثر الباحثون على غابة متحجِّرة تحتوي على أشجار صغيرة تشبه النخيل، وآثار لمفصليات الأرجل تعود إلى العصر الديفوني الأوسط.
تُظهر الأبحاث الجديدة أن الأشجار المتحجِّرة التي تم اكتشافها بالصدفة في جنوب غرب إنجلترا تنتمي إلى أقدم غابة معروفة على وجه الأرض. تعود هذه الأشجار المتحجِّرة التي تبلغ من العمر 390 مليون سنة للغابة الأحفورية في جيلبوا في ولاية نيويورك، والتي يعود تاريخها إلى 386 مليون سنة، وتعد أقدم غابة معروفة في العالم.
و كما أشار «نيل ديفيس-Neil Davies»، المؤلف الرئيسي للدراسة الجديدة التي نُشرت في 23 فبراير/شباط في مجلة جمعية الجيولوجيين، أن هذا الاكتشاف الجديد يُسلِّط الضوء على الفروقات بين النظامَين البيئيين، مما يشير إلى أن الغابات تحوَّلت من كونها بدائية نسبيًا إلى أن أصبحت راسخة ومستقرة تمامًا على مدار بضعة ملايين من السنين فقط.
قال ديفيس، وهو أستاذ في قسم علوم الأرض في جامعة كامبريدج في المملكة المتحدة ل (Live Science): «لماذا هذا مهم – عمومًا – هل هو مؤشر على تحقق معايير كونها أقدم غابة متحجِّرة؟».
ويُعتبر هذا الاكتشاف مذهلًا أيضًا لأنه يكشف عن الفروقات الواضحة بين مجموعة معقدة من النباتات القديمة التي تم العثور عليها في جيلبوا، والغابة المكتشفة حديثًا التي يبدو أنه استقرَّ فيها نوعٌ واحدٌ فقط من النباتات، كما أوضح ديفيس.
هذا النوع المنقرض الآن من النباتات المعروف باسم الكلادوكسيلوبسيدات (cladoxylopsids)، يُعتقد أنه مرتبط بشكل وثيق ب السرْخس (ferns)، والسفينوبسيدات sphenopsids)، التي تُعرف بأعشاب ذيل الحصان. وقال ديفيس: «تبدو مثل النخيل، ولكنها ليست ذات علاقة بالنخيل بأي شكل من الأشكال». «لديها جذع مركزي طويل والذي يبدو وكأنه سَعف نخيل ينمو منها، لكن هذا السَّعف النخيلي ليس أوراق في الحقيقة، إنه في الواقع مجرَّد فروع صغيرة».
كان من الممكن أن يتراوح ارتفاع هذه الأشجار المتوَّجة بالغصينات بين 6.5 و13 قدمًا (من 2 إلى 4 أمتار)، مما يعني أنه «لم تكن غابة ذات ارتفاع كبير جدًا»، كما قال ديفيس.
تم الحفاظ على الأشجار الأحفورية بشكلٍ أساسي على شكل جذوع مجوَّفة مملوءة بالرواسب، وكجذوع متساقطة تم تسويتها بالأرض على مر العصور مثل «القوالب داخل الرواسب» كما ذكر ديفيس. وأضاف أيضًا أن الآثار الصغيرة التي كانت تتصل بها الأغصان مع الأشجار لا تزال مرئية.
عثر ديفيس وزملاؤه عن طريق الصدفة على بقايا الغابة أثناء العمل الميداني في مجموعة صخور هانجمان الرملية (Hangman Sandstone Formation)، التي يعود تاريخها إلى العصر الديفوني الأوسط (من 383 إلى393 مليون سنة). خلال العصر الديفوني كانت ما تُعرف الآن بالمملكة المتحدة جزءًا من قارة تسمى لورنتيا، وكانت تقع مباشرة تحت خط الاستواء، مما يعني أن المناخ كان حارًا وجافًا وفقًا لما ذكره ديفيس.
«عندما رأيتُ صور جذوع الأشجار لأول مرة، عرفت فورًا ماهيَّتها، بناءً على 30 عامًا من دراسة هذا النوع من الأشجار في مختلف أنحاء العالم»، هذا ما قاله المؤلف المشارك «كريستوفر بيري-Christopher Berry»، عالم الحفريات النباتية والمحاضر الكبير في جامعة كارديف في المملكة المتحدة في بيان، وأضاف: «كان من المدهش رؤيتهم بهذا القرب من المنزل. ولكن أكثر الرؤى البارزة تأتي من مشاهدة -لأول مرة- هذه الأشجار في المواقع التي نمت فيها».
توجد أشجارٌ أكبر سنًا في أماكن أخرى في العالم، حيث استعمرت النباتات لأول مرة اليابسة قبل 500 مليون سنة، ولكن هذا الاكتشاف الجديد هو أقدم مثال على غابة تحتوي على أشجار تنمو بالقرب من بعضها البعض وبأعدادٍ غفيرة.
وذكر ديفيس: «لقد وجدنا صخورًا حيث يوجد فيها أشجار قائمة في مواقع نمو مجاورة لبعضها البعض على مساحة محددة، لذا نحن ننظر إلى صورة تعرض بوضوح أن هناك أشجارًا كانت تنمو في هذا الموقع المحدد وأن الرواسب التي ننظر إليها هي أرض الغابة».
وجد الباحثون بين الأشجار الأحفورية مسارات لحشرات من العصر الديفوني، وأوضح ديفيس: «في ذلك الوقت، لا يوجد شيء أكبر بكثير من المفصليات سوى العديد من الحشرات الصغيرة التي تتجول على الأرض»، وأنه: «قد تجد بعض الكائنات من نوع البرمائيات والأسماك في بعض البحيرات والأنهار القريبة».
بينما كان الباحثون في البداية يسعون إلى دراسة الرواسب، إلا أن الاكتشاف غير المتوقَّع للأشجار الأحفورية قد يكشف عن نقطة تحوُّلٍ في علم بيئة النبات في العصر الديفوني. وقال ديفيس: «إنه يشير بشكلٍ ما أنه منذ حوالي 390 مليون سنة مضت حدث انتشار مفاجئ في البيئات المشابهة للغابات».
ملحوظة المحرر: تم تحديث هذه المقالة في الساعة 08:20 بتوقيت شرق الولايات المتحدة في 8 مارس/آذار لتضم تعليقات من المؤلف المشارك كريستوفر بيري ورسم توضيحي للغابة الأحفورية.
- ترجمة: ريم حلمي
- تدقيق علمي ولغوي: خلود يوسف
- المصادر: 1