دراسة حديثة تصحح فهمنا للنظام الغذائي للإنسان القديم
يشجع نظام «باليو الغذائي» الشهير الناس على إنقاص الوزن واكتساب المزايا الصحية للإنسان القديم من خلال إعطاء الأولوية للحوم، إلا أنّ دراسة حديثة حطمت هذه الأسطورة، وتوصلت إلى أنّ الصيادين وجامعي الثمار كانوا يأكلون الخضروات أكثر من اللحوم.
كشف تحليل لعظام وأسنان عُثر عليها في مغارة في المغرب، كانت مأهولة قبل نحو 15 ألف سنة، أنَّ النظام الغذائي في العصر الحجري كان يعتمد على النباتات «بنحو لا لبس فيه». وكتب الباحثون في ذلك أن «هذا النمط الغذائي المتميز يتحدى المفهوم السائد من الاعتماد الكبير على البروتينات الحيوانية بين المجموعات البشرية قبل الزراعة».
وفقًا لعلماء معهد ماكس بلانك للأنثروبولوجيا التطورية Max Planck Institute for Evolutionary Anthropology في ألمانيا، فإن البلوط وحبوب الصنوبر والبقوليات البرية شكلت جزءًا «مهمًا» من النظام الغذائي لمجتمع ما قبل التاريخ. ومكّنَ تحليل النظائر الإشعاعية للرفات العلماء من تحديد مصادر طعام الأفراد وتفاعلهم مع بيئتهم.
هذا وكشفت تركيبة أنواع معينة من المعادن، مثل الزنك والسترونتيوم والكربون والنيتروجين والكبريت، أنَّ الناس كانوا يعيشون حياة لا بد أنها كانت تتضمن جزءًا كبيرًا من الأطعمة النباتية. إذ أثبت تحليل مستويات النيتروجين على وجه التحديد أنَّ النباتات شكلت ما يصل إلى 80 في المائة من الطعام الذي اقتات عليه إنسان مغارة تافوغالت في المغرب. صرّحت زينب مبتهج، رئيسة فريق البحث وطالبة الدكتوراه، لصحيفة التلغراف بصدد هذا «لن أقول إنّ السكان كانوا نباتيين بنحو رئيس، لأن الأفراد لم يكفوا عن تناول اللحوم آنذاك، إلا أنّ اللحوم لم تكن المورد الغذائي الرئيس للبروتينات عندهم». وأضافت قائلة «أدّت النباتات البرية الصالحة للأكل دورًا مهمًا في النظام الغذائي لهذه المجموعة البشرية في تافوغالت. وبدا أن أحد الأفراد يعتمد بنحو كامل تقريبًا على نظام غذائي نباتي- بناءً على تحليل النظائر النيتروجينية في الأحماض الأمينية». واسترسلت قائلة إنّ هذه الدراسة: «تتحدى التصورات القديمة بشأن الأنماط الغذائية للإنسان القديم».
وقالت طالبة الدكتوراه: “كان التصور الشائع أنّ الوجبات الغذائية في العصر الحجري القديم اعتمدت على اللحوم بنحو رئيس، والصيد له الدور المحوري. لكن تشير النتائج التي توصلنا إليها من تافوغالت إلى فهم أدق؛ لقد كانوا يعتمدون بنحو كبير على موارد النباتات البرية الصالحة للأكل. والبقايا النباتية الأثرية التي عُثر عليها في الموقع، مثل البلوط وحبوب الصنوبر والبقوليات البرية، تدعم هذه الفكرة».
استخدام الأطعمة النباتية في الفطام
أشارت الدراسة أيضًا إلى أنّ الأطعمة النباتية قد أُدخلت في النظام الغذائي للرُضّع، وربما كانت بمثابة منتجات للفطام. فقد قالت السيدة زينب مبتهج أنّ «هذه النتيجة لها آثار مهمة؛ لأنها تشير إلى إمكانية وجود ممارسات فطام مبكرة في مجتمعات ما قبل الزراعة». وأضافت «لا توفر النتائج التي توصلنا إليها رؤى عن الممارسات الغذائية للمجموعات البشرية قبل الزراعة فحسب، بل وتُسلط الضوء على تعقيد استراتيجيات الكفاف البشرية في مناطق مختلفة».
نُشرت الدراسة في دورية Nature Ecology & Evolution.
- ترجمة: سليمان العبدلاوي
- المصادر: 1