التحديات التي تواجه الصداقة بين النِساء

تحدثتُ مؤخرًا مع (دانييل بايارد جاكسون) مؤلفة كتاب (القتال من أجل صداقاتنا: علم وفن الصراع والتواصل في العلاقات النسائية) يتعمق كتابها في تعقيداتِ الصداقات النسائية بطريقةٍ فريدة وثاقبة. لقد تعلمت الكثير خلال حديثنا، ولا يمكنني الانتظار لمشاركة ما تعلمته مع الجميع.

دكتورة ماريسا فرانكو: إنّ كتابكِ يقدم رؤى قيّمة، من خلال استكشاف كيفية تقاطع الجنس مع الصداقات وهو موضوع نادرًا ما يُستَكشف، هل يمكنك أن توضحي ذلك أكثر؟

دانييل بايارد جاكسون: شكرًا جزيلًا. أنا سعيدة جدًا بأنك أحببت الكتاب. في الواقع لقد بدأتُ أُلاحظ هذه الاختلافات عندما كنت مُدرّسة في المدرسة الثانوية، من خلال طُرق تجمع الفتيات والفتيان وتعاملهم مع بعض المواقف، التي أظهرت لي طرقنا الفريدة في تكوين العلاقات وحل الصراعات؛ مما قادني إلى إدراك أنّ ما يؤثر على الفتيات قد لا يؤثر على الفتيان بنفس الطريقة. ولقد استمرت هذه الملاحظات حتى سن البلوغ. ومما أكّد شكوكي؛ هي تجاربي الشخصية ومحادثاتي مع النساء الأخريات. فأصبح لديَّ فضول متزايد لمعرفة أنماط التواصل والتعاون المميزة للنِساء.

ماريسا فرانكو: قالت (بيل هوكس) أنه عندما نخاف من مواجهة شخص ما بشكل مباشر، فإنّنا نلجأ إلى النميمة كطريقةٍ لمعالجة القضايا بشكل غير مباشر، لأنها تبدو أكثر أمانًا من مواجهة العواقب المحتملة للمواجهة المباشرة. هل سمعت بهذه الفكرة من قبل؟

دانييل بايارد جاكسون: بالطبع، على الرغمِ من رفضنا العلني للنميمة، إلّا أنها تؤدي وظيفة اجتماعية أساسية من خلالِ مساعدتنا على فهم التفاعلات الاجتماعية. تقول عالمة اجتماع اللغة ديبوره تانن أنه «يجب أن نسأل أنفسنا هل نناقش الأمر بشكل حيادي أم نقوم بانتقاده بشكل خفي؟».

لذلك يجب الفصل بين مفهومين. هل نتحدث عن صديقتنا من أجل فهم مشاعرنا، أم أننا نستمتع بتصويرها بشكل سلبي دون علمها؟

ماريسا فرانكو: المهم أن نتذكر أن النميمة يمكن أن تكون وسيلة للأشخاص لفهم مشاعرهم، بدلًا من رؤيتها دائمًا بشكل سلبي. إنّ فهم النميمة بهذه الطريقة يمكن أن يغير الطريقة التي ندرك بها دورها في الصداقات.

يتعمق كتابك في لغز صداقات النساء، ويُسلط الضوء على خصوصية حميميتها على عكس صداقات الرجال، ولكنه يؤكد أيضًا على هشاشتها الكبيرة. ما الذي تعتقدين أنه يساهم في هذه الديناميكية الفريدة؟ لماذا تعتقدين أن هذا المزيج موجود؟

دانييل بايارد جاكسون: أعتقد أن الأمر يعود إلى الآمال والتوقعات التي نضعها في علاقاتنا القريبة. تشير الدراسات إلى أنّ النساء يملكنَ توقعات أعلى من الدعم والحميمية في علاقاتهنَ القريبة مقارنة بالرجال. يعتبرنَ النساء صديقاتهنَ مقربات كالأخوات بينما ينظر الرجال إلى أصدقائهم من مسافة أبعد كأبناء العم.

عندما تكون التوقعات عالية جدًا، تبدو حتى الخلافات الصغيرة وكأنها انتهاكات كبيرة. أنا أعلم أنني أُعمم هنا ولكن من الشائع أن نلاحظ أن الرجال قد لا يكون لديهم نفس مستوى العلاقات الوثيقة والتفاعلات الاجتماعية مع بعضهم البعض كما تفعل النساء عادة.

ماريسا فرانكو: هل هناك طريقة لتحقيق الحميمية في العلاقات مع الحفاظ على القوة؟ وكيف يكون ذلك؟

دانييل بايارد جاكسون: تعتبر طريقتنا في التعامل مع الصراع أمرًا بالغ الأهمية في الصداقات. في حين أنّ الصراع أمر شائع في بعض المواقف، فقد لا نراه دائمًا في صداقاتنا. إذا كنت تنظر إلى الصداقة على أنها مجرد متعة وتسلية، فقد لا تتوافق النزاعات مع أهداف صداقتك. إنّ تغيير الطريقة التي ننظر بها إلى الصراع من سلبية إلى إيجابية يمكن أن يعزز صداقاتنا بالفعل.

ماريسا فرانكو: نعم بالتأكيد، أعتقد أنني كنت أتجنب الخلافات بالسابق لكنني الآن أتعلم كيفية التعامل مع الخلافات بشكل أفضل. يميل الناس إلى تجنب الخلافات لأنهم يربطونها بالعدوانية. وأنا أتفق مع فكرة أنه يمكن حل الخلافات سلميًا دون تصعيدها إلى جدال. ولكن أعتقد أيضًا أنّها يمكن أن تكون طريقة لإظهار الاهتمام والتفاهم تجاه الآخرين.

هل يمكنك توضيح فكرة “العناصر الثلاثة للصداقات النسائية” وكيف تساهم في حدوث صراعات داخل صداقات النساء؟

دانييل بايارد جاكسون: بالتأكيد، إنَّ فهم صداقات النساء يتأثر بشكلٍ كبير بالعناصر الثلاثة الرئيسية (التماثل والدعم والسرية) ولا تعزز هذه الخصائص التقارب فحسب، بل تجعل هذه العلاقات هشّة أيضًا عندما يتم تجاوز الحدود.

تعطي النساء الأولوية “للتماثل” في صداقاتهن، ذلك الشعور بأنّنا متشابهات، أنت تفهمين قصدي؟

ثم “الدعم” إذ تشير الدراسات إلى أن الشيء الأساسي الذي تبحث عنه النساء في صداقتهنَ مع الجنس نفسه هو الدعم العاطفي. ثم “السرية” مما يخلق رابطة من التفرد والثقة والأمان. أنا لا أقول أن الرجال لا يقدرون هذه الأشياء ولكن النساء يضعنَ عليها تركيزًا أكبر.

يساعد هذا الفهم لهذه العناصر في التعرف على المشاكل في الصداقات والتعامل معها. يمكنني معرفة متى تنتقدني أو تحكم على قراراتي في تربية الأبناء والأكل، ويبدو أنها تضع نفسها فوقي. إن انتقادها لي يعني أنّ خياراتها أفضل من خياراتي، مما يجعلني أشعر وكأنها تعتقد أنها أفضل مني.

ماريسا فرانكو: أليس من المثير للاهتمام كيف تؤثر العلاقات التي تربطنا بالآخرين على تطور الصداقات النسائية، وأنّ إدراك هذه العلاقات يمكن أن يساعد في التعامل مع الخلافات بكفاءة أكبر؟ غالبًا ما تنشأ النزاعات في الصداقات من قضايا غير مُعلنة تخلق شعورًا بعدم الارتياح دون فهم واضح للسبب الجذري، ويمكن أن يتصاعد هذا التوتر غير المحلول بمرور الوقت. يمكن أن يوفّر وجود إطار لتحليل هذه المواقف من خلال التساؤل عمّا إذا كان الخلل ناتجًا عن نقص التوازن أو الدعم أو السرية.

  • ترجمة: لمى القوتلي
  • تدقيق لغوي: فاطمة قائد
  • المصادر: 1